في أحداق جلجامش
البائس حفيفٌ يُداعبُ
غُرة الخريف ،
مُمتداً غنائُهُ العابث
مُتمرداً أمام وجه الليل
يُدخنُ في مدن الغيب
مُصفراً من الرقص
مُصاباً ( بأنكيدو ) الوهم ..
فاقعٌ أنينه
مُلتهب العواء !
سكرانٌ يغدق نبيذه المُر
على شجرٍ ملتحفاً بالغبار
منفياً على سككٍ صدئة
موبوءةٍ خارج سكينة
الضوء ، مُثلجاً بنقيق
الضفادع ،
تاركاً في حُنجرته
موسيقى ناشزة
مُتأنقة القبح !
مُنسكباً يفتشُ عن
وتر للنحيب ،
في زُرقة حُنجرة النعش
مُتجمداً من الخوف
على زمنٍ مولعٍ بالإثم
يسقطُ جنيناً عارياً
يعجُ بالأنين المعلق
بسرة الطين الأسود !
رحلةُ السراب تلك
يُظللُها غيمٌ ضائعٌ
في دروب الروح ،
يعفر ذئب القصيدة
المشتهاة ، ليمر على وهن
في آنية النبيذ !
لا صحو من حُرقة
الظمأ ، حتى آخر البئر
رحيمٌ هذا الموت
يسجنُ خمرة الروح
و يمعنُ في المحو
و يشرب الضوء
من رحمِ الفجر !
كيف لنا أن نشرح
للخريف بكاء الورد ،
لا الأساطير تُفشي
لنا سر الخلود ، ولا
خُضرة الغيب تخففُ
من ثقل الموت !
و حدُك جلجامش
من يمتطي صهوة الليل
و يعجن من أحلامنا
خبزاً و عطراً في سماء الوجد
حتى لا نموت .