قصة

يـلــعب

دب. دب. هذا دبيب الدب، يعود إلى بيته شبعاناً بعد أن أكل سمكاً من النهر.

طق. طق. باب البيت يدق. صوت ينادي من الخارج : افتح يا والدي الدب.

انفتح الباب. ظهر طفل عريان عند العتبة، في يده قوس وجعبة سهام.

“نعم” سأله الدب.

“أنا رسول الملكة” قال الطفل “بعثتني إليك، لكي أجمع بينكما بالمودة وطلب يدها للزواج”.

“نعسان” قال الدب. “نم إن النوم خير من الملكة”.

انعس. انعس. هذه بيضة لابد أن تفقس.

فقد غضب الطفل من الدب، ورماه بسهم في قلبه، فما درى حتى اعتراه شعور مفاجئ باليقظة، وأشرقت في عينيه نجو لا يعرفها، وصار لسانه أكثر حمرة، كأنه أكل شيئاً من العسل. تحت وطأة المفاجأة، شرع الدب يبحث حوله عن جرة النبيذ.

اشرب. اشرب. إذا سكر الدب فلابد أن يلعب. وقد خرج يركض على ضفة النهر، فوجد القنفذة من دون ثيابها، تمشي عارية في عين الشمس.

“مولاتي” قال لها الدب. وهو يعتقد أنها الملكة.

“نعم ؟” سألته القنفذة، مأخوذة ببريق النجوم في عينيه.

“تعالي نتزوج” قال لها الدب “تعالي نسبح، ونأكل سمكاً”

“مستحيل” قالت القنفذة “أنا زوجة السيد القنفذ، لكنك تستطيع أن تكون عشيقي”

الحب. الحب. وقع في حب القنفذة الدب، تورط معها في علاقة صعبة، حتى أدمى الشوك بطنه، وتورمت رجلاه، وبات عليه أن يغالب البكاء، عندما يشرب بعض النبيذ.

ذات يوم، فيما كان الدب يغالب البكاء، ظهر الطفل العريان الذي يحمل في يده قوساً وجعبة سهام.

“امش” قال له الدب غاضباً “يكفي ما جرى حتى الآن على يديك”.

“هذه ليست الملكة” قال له الطفل “هذه امرأة لا تحمل العلامة”.

 “أية علامة ؟” سأله الدب. مأخوذاً بالتعقيد الطارئ على الأمور البسيطة. “لا أدري” قال الطفل، وهو يبتعد منكس الرأس “ولا أحد سواك يدري. ألا ترى أنه يرضعونك حليباً في البداية لكي تكتشف العسل بعد ذلك بنفسك”

احلب. احلب. هذا الدب لا يريد أن يتعب. وقد هجر عشيقته القنفذة، وانطلق يترنح سكراناً في الغابة. مرة يقع في حب الغزالة، ومرة تقع في حبه أرنب، وهو يفتش عن العلامة، حتى اعتراه اليأس من نفسه، وقرر أن يغرقها في البحر. إذ ذاك ظهر الطفل العريان وأنقذه من الغرق.

“ليس ثمة ملكة” قال الدب شارحاً.

“بلى ثمة ملكة” قال الدب شارحاً.

“بلى” قال الطفل.

“ليس ثمة علامة” قال الدب “كلهن سواء، واحدة أطول من واحدة، لكنهم جميعاً سواء، ماذا تريدني أن أفعل ؟”.

“لا أدري” قال الطفل، وهو يبتعد منكس الرأس “ولا أحد سواك يدري. ألا ترى أنك تولد في البداية، لكي تلد دباً بعد ذلك بنفسك”.

ولد. ولد. عرف الدب العدد. وانطلق يركض في اتجاه الشلال، حيث قابل ذات مرة دبة سمينة مثله، عندما كان يكره السمينات.

وجدها جالسة في الظل. وضع أنفه في أذنها. هزّت رأسها موافقة. بدأ الدب يعد إلى العشرة.

في المرة الأولى أنجب بنتاً، فسماها “دب.تي”، وحملها على ظهره إلى النهر، لكي يشتري لها عقداً من الودع، ويلعب معها على انفراد. وإذ ذاك ظهر الطفل العريان الذي يحمل في يده قوساً وجعبة سهام.

“كيف حال الملكة ؟” سأله الطفل.

“بخير” قال الدب “ولعلها ليست الملكة ولكنها تحمل العلامة”.

فهذه قصة الدب، كما رواها الدب لابنته ” دب.تي” عن الطفل العريان صاحب القوس والسهام، عندما حملها على ظهره إلى النهر، لكي يشتري لها عقداً من الودع، ويلعب معها على انفراد

مقالات ذات علاقة

ذاكرة زرقاء 3

هدى القرقني

صَــــــــــــــــــــوْتٌ …!!

جمعة الفاخري

امرأة من بنغازى

المشرف العام

اترك تعليق