حوارات

عائدة الكبتي, أول مذيعة ليبية في تلفزيون الاستقلال, تتحدث بعد غياب

كنتُ جالساً في قاعة انتظار واستقبال ضيوف جائزة سبتيموس في دورتها الثالثة لسنة 2014 مستغرقاً في الاستماع لصوت رفيقي وحديثه حول الشأن الوطني وتجاذباته السياسية داخلياً وخارجياً. وفجأة اقتربت منا سيدةٌ أنيقة تضع نظارة طبية على عينيها، ترتدي معطفاً أسوداً وتحمل بيدها حقيبة يد صغيرة… وقفت قبالتنا مباشرة برفقة ابنها الأصغر المهندس المعماري … وبصوتها الخافت حيتنا بأدب جم، فرددنا تحيتها الهامسة ورحبنا بها بشكل عادي.

ظلت واقفة أمامنا صامتة لبرهة من الزمن ثم قالت…أنا.. عائدة الكبتي!!! وقع رنين أسمها في مسمعينا كنداء يعيدنا إلى الزمن الجميل… ومن فرط دهشتنا… ووقع المفاجأة الجميلة… وسعادتنا الغامرة بها… وقفنا معاً مسلمين ومحيين. طوقناها بكلمات الاعتزاز والإشادة بمشوارها الإذاعي الذي لا يمكن أن ينساه أي متابع لمسيرة الإذاعة والتلفزيون الليبي.

عائدة الكبتي… أول مذيعة ليبية تظهر على شاشة التلفزيون الليبي في بثه من مدينة طرابلس في أواخر ستينيات القرن الماضي. قامت بمهام مذيعة الربط، ومذيعة نشرات الأخبار، وإعداد وتقديم العديد من البرامج التلفزيونية الأخرى بجانب زميلاتها وزملائها المذيعين الليبيين الرواد. ولازال برنامجها التلفزيوني المميز “عالم الأطفال” يلاحق ثنايا الذاكرة الواهنة متشبتاً بلقطاته الجميلة بالأبيض والأسود التي كان يختارها لنا مخرجه الراحل “خالد عيسى” رحمه الله.

عائدة الكبتي… سيدة ليبية أصيلة سجلت ريادتها في مجال التقديم التلفزيوني في ليبيا ولازالت تحتفظ بحضورها الواثق كوردة عبقة بالمحبة والبهجة، تتمتع بموفور الصحة والعافية، وتواصل مسيرتها الحياتية بما حباها الله من سمو ورفعة وعطاء في دروب فضائها الأسري المبارك.

في هذا اللقاء نعود مع ضيفتنا العزيزة .. المذيعة عائدة الكبتي… إلى تقليب صفحات تاريخٍ مضى… تاريخٍ مكلل بالفخر… والاعتزاز بالريادة… وبصناعة التلفزيون حديثة العهد في ليبيا آنذاك… في أواخر ستينيات القرن الماضي… ونستمع إلى شهادات حول تلك الفترة التي توارت تفاصيلها عن التوثيق المكتوب والمسجل مسموعاً ومرئياً بكل أسف. اليوم نطالع في سيرة ضيفتنا القديرة… بعضاً من سيرة الوطن… سيرة التلفزيون الليبي… وأسرته الصغيرة… سيرة بدايات التقديم الإذاعي… بكل ما في هذه السيرة العطرة من متعة وابتهاج… واجتهادات وعثرات… ونجاحات.

بداية نود التعرف على عائدة الكبتي… ولادتك ، طفولتك، دراستك وتعليمك؟

أولاً أنا أتشرف جداً بوجودي معكم أبنائي وبناتي أركان الجيل الجديد الواعد. وسعيدة جداً بهذا اللقاء. أنا ولدت في القاهرة لأب ليبي وأم مصرية، ثم عادت أسرتي إلى ليبيا حيث حضرنا التعداد السكاني لسنة 1952 في مدينة بنغازي لأن أصول عائلتي من شرق ليبيا. طبعاً أهل والدي كلهم من مصراته ثم نزحوا إلى مدينة بنغازي ووالدي من مواليد مدينة بنغازي.

هل بدأت دراستك وتعليمك في مدينة بنغازي؟

لا أذكر فترة أسرتي في بنغازي بشكل دقيق، ولكني التحقت هناك بسنة أولى تحضيري وهي دراسة ما قبل الالتحاق بالدراسة الابتدائية يعني مثل الروضة حالياً. وفي المقابل أذكر جيداً أنني بدأت سنة أولى ابتدائي هنا في طرابلس بعد انتقال والدي للعمل بطرابلس مع الحكومة الاتحادية في الخمسينيات.

هل تذكرين بعض أسماء مدرساتك ومعلماتك؟

أكيد. في السنة الأولى الابتدائية كانت معلمتي الأستاذة زهرة عارف الله يرحمها، وهذه إنسانة كلما أذكرها أتحدث عنها بالخير، فهي إمراءة فاضلة بمعنى الكلمة، كانت صعبة جداً ومن المدرسات اللاتي يضربن بشدة. وأذكر أنها طلبت منا احضار شيء معين، وكانت الامكانيات محدودة في ذاك الوقت فلم أتمكن من شراء وإحضار ما طلبته رغم توصيتي لوالدي، فخفتُ من العقوبة، وكنا آنذاك في مدرسة المغاربة وسط طرابلس، فاختفيت في مبنى للسوريلات “الممرضات” ملاصق للمدرسة يستخدم لتعليمنا الخياطة والتطريز وطرق إعداد الأكلات والطبخ، ولكن زميلاتي الصغيرات بكل براءة الأطفال أخبروها عن المكان الذي كنت أتخفى فيه، فنادتني، وحين جئتها قالت لي كيف تهربين من معلمتك؟ فأخبرتها أنني لم أحضر ما طلبته فخفت أن تضربينني، ولكنها عاملتني بكل أمومة ورقة وطمأنتني وقالت أنا لا أضرب التلميذات الشاطرات، وفعلاً سامحتني. هذه إحدى الذكريات التي لازالت لم تغادر ذاكرتي. وأيضاً معلمتي في السنة الثانية ابتدائي كانت أبلة ناجية قنيوة.

ومن كن زميلاتك بالمدرسة؟

الدكتورة فوزية فلاق، فوزية برفاد، حويوة حيدر أخت أبلة منى حيدر، منى الرويمي، هؤلاء كن معي في نفس الفصل. أيضاً صالحة السنكي وزعيمة القبلاوي وزعيمة المقصي وفطيم أبودراع وفردوس الأمير وكميلة الحجاجي.

بجانب الدراسة المنهجية هل كانت هناك أية نشاطات أخرى شاركت بها في المدرسة؟

طبعاً. تصور أننا في السنة الثانية ابتدائي كنا نعد مجلة. أنا كنت رئيسة تحريرها، وأرسم بعض الرسومات، وأكتب بعض المواضيع. المجلة كان اسمها (الشروق) ولازالت الأبلة ناجية قنيوة تحتفظ بنسخ منها حتى هذا اليوم. كما كتبت بها قصة أيضاً طبعاً بعقلية طفل في الصف الثاني أبتدائي. إحدى القصص التي كتبتها كانت حول سيدة فلسطينية تقوم بتهريب الاسلحة تحت ملابسها وتدعي أنها حامل. يعني طفل سنوات الخمسينيات كان متأثراً بالشأن القومي وليس الوطني فقط.

التحاقك بالتلفزيون الليبي في النصف الثاني من الستينيات عندما انطلق البث المرئي من طرابلس كان نقلة نوعية سجلت في حياتك. كيف بدأتِ رحلة التلفزيون؟ وهل قبل التلفزيون كانت لديك علاقات إعلامية.. مع الميكروفون مثلاً؟

نعم، أنا اشتغلت قبل التلفزيون مذيعة بالاذاعة (الراديو) وحينها كنا نقدم ساعة تلفزيونية تجريبية في الملاحة (قاعدة هويلس) الأمريكية وذلك يوم الجمعة من كل أسبوع. كنا نذهب للقاعدة لتقديم ساعة مرئية كاملة وهي كانت على الهواء مباشرة. كنتُ أنا وزميلتي نجية الطرابلسي بالاضافة إلى الزملاء المذيعين كلهم. ثم نرجع إلى الإذاعة (الراديو) وبقيت مذيعة (بالراديو)، وحين تولى مشروع تأسيس التلفزيون الليبي متخصص انجليزي اسمه (مستر ديفي) هو الذي رشحني لأن أكون مذيعة في التلفزيون.

هل تم إعدادك أنت وزميلتك نجية الطرابلسي وبقية المذيعين؟

أبداً. لم يكن هناك أي إعداد مسبق ولكن تعاملنا بكل تلقائية مع المهنة، ولم يتم تدريبنا ولا أي شيء، بل حتى الامتحانات التي كانت تجرى لنا كانت تعتمد على إمكانيات وقدرات المذيع الذاتيه نفسه، ولهذا فإنه أحياناً يتقدم البعض للعمل كمذيعين ولكن لا يتم قبولهم لعدم توفر الإمكانيات لديهم.

إذاً كانت هناك معايير؟

طبعاً كانت هناك بعض الشروط,

مثل ماذا؟

اللغة العربية، الصوت، طريقة الالقاء. وبالنسبة للتلفزيون حتى المظهر لابد أن يكون مقبولاً.

ذكرتِ أنك قبل التلفزيون اشتغلتِ لفترة طويلة في الاذاعة المسموعة (الراديو)، إذا دعينا نبدأ من هناك .. حيث بدأت علاقتكِ بالميكروفون .. كيف التحقتِ بالاذعة المسموعة (الراديو)؟

للعلم فإن علاقتي مع الإذاعة بدأت منذ طفولتي حيث كنت إحدى الأطفال المشاركات في برنامج الأستاذ عبدالله كريسته برفقة أخي صلاح. أما عن بداية التحاقي بالعمل الإذاعي فقد كان الأستاذ مصطفى بن شعبان زميلاً لوالدي في سفارتنا بالقاهرة ملحقاً ثقافياً ووالدي ملحقاً مالياً. ونتيجة لظروف الوالد رجعنا إلى ليبيا واضطررتُ للعمل، فأخذني المرحوم مصطفى بن شعبان صديق والدي تحت إشرافه للعمل في المكتبة الفنية بالاذاعة. وفعلاً عملتُ بالمكتبة لفترة ما، ثم حين عملوا إعلاناً لقبول مذيعين بالاذاعة (الراديو) نصحني الأستاذ مصطفى بن شعبان بأن أتقدم لهذه الوظيفة اعتماداً على اتقاني للغة العربية التي كان يعرفها صديق الوالد عني، وفعلاً قدمت طلباً للعمل كمذيعة بالراديو وأجري لي امتحان ونجحت فيه وبدأت العمل مذيعة بالراديو.

كم كان عمرك في ذاك الوقت وما هو مستواك التعليمي؟

كنتُ طالبة في الصف الثاني الاعدادي وعمري أربعة عشرة سنة. وكانت ولله الحمد لغتي العربية سليمة حيث تعودنا على القراءة والكتابة الاملائية الصحيحة والنطق الجيد والسليم لأن مدرساتنا الفضليات كن على مستوى ثقافي  وتعليمي متقدم في ذاك الزمن. طبعاً المستويات التعليمية لم تكن كثيرة أو عالية في ذاك الوقت ولكن كان الاعتماد على الثقافة الذاتية مهما جداً. كان الكتاب بالنسبة لهم أهم حاجة. لم تكن هناك كتب مدرسية منهجية بل كل المنهج يمليه الأستاذ أو المعلمة علينا ونحن نقوم بكتابته وتدوينه، لذلك كانت الإملاء عندنا جيدة وقراءتنا سليمة.

ماذا قدمتِ للراديو قبل انتقالك للتلفزيون؟ ما هي برامجك ومع من تعاملت من الزملاء والزميلات؟

قدمت برامج كثيرة من بينها أول برنامج خاص بي عنوانه (أول حرف) وهو كان عبارة عن موسوعة إذاعية. أختار حرفاً معيناً وأستمر به عدة حلقات. أبدأ بحرف الألف وأتناول ما يشمل حرف الألف من كل شيء. طبعاً في ذلك الوقت لم يكن هناك كمبيوتر ولا أنترنت، يعني مجرد كتب ثقافية فقط. لم يكن هناك مصدر نستقي منه المعلومات والمعارف إلا الكتب. الأستاذ خليفة التليسي كان وزير الإعلام رحمه الله وكان أباً روحياً لجميع المذيعين، سألني عن كيفية تقديمي لهذا البرنامج فشرحتُ له الفكرة وأوضحتُ له أنني أستقي المعلومات في جميع المجالات من الكتب، فقدم لي موسوعة كتب عربية كانت قد وصلته هدية لشخصه فأعطاها لي وبدأت أطالعها وأقتبس منها العديد من المختارات لبرنامجي، وقد أراحتني كثيراً تلك الموسوعة في إعداد برنامجي.

هل لديك برامج أخرى غير (أول حرف)؟

كانت هناك برامج كثيرة أخرى مثل (صباح الخير) و(أطيب التحيات) و(أطيب التمنيات) و(تصبح على خير) لدرجة أن مذيعة مصرية أجرت معي لقاء علقت قائلة (يعني أنتي اللي تفتحي الاذاعة وتسكريها). أيضاً أعددت وقدمت برامج (طابت أوقاتكم) و(برامجنا في ميزان النقد) و(شيء من كل شيء) وغيرها.

كم كان عددكم كمذيعات ومذيعين في ذلك الوقت المبكر من ولادة الاذاعة والتلفزيون؟

كانت عويشة الخريف، فاطمة الناجح، نجية الطرابلسي، ثم التحقت بنا عائشة الديلاوي .. أيضاً الزميلة حليمة الخضري كانت مذيعة متعاونة تقدم برنامج المرأة ولكنها لم تكن موظفة بالاذاعة بل جاءت من بنغازي وتعاونت مع الاذاعة لفترة ثم انقطعت. وكذلك الأستاذة سهير الغرياني الأستاذة المرموقة أدت للشئون الاجتماعية خدمات كثيرة وكانت مديرة المعهد الاجتماعي وقد أجريت معها أكثر من لقاء وهي من الرائدات في مجال المرأة والإعلام برفقة ابنة عمها ثريا الغرياني … وللأسف بعض الأسماء أصبحت تغيب عن الذاكرة نتيجة العمر وطول المدة. وكانت السيدات الفضليات أبلة سهير الغرياني وأبلة رباب أدهم وأبلة عائدة طالب بمثابة مثل أعلى بالنسبة لنا، ثقافة وثقة بالنفس، إلى جانب أناقتهن وأسلوبهن الراقي. لقد عشتُ في زمن جميل بفضل هذه المجموعة المتميزة من النساء الرائدات (أيقونة العمل النسائي).

بعد الاذاعة (الراديو) انتقلت للتلفزيون. كيف تم ذلك؟ ما القصة؟

مثلما حكيت فإن السيد البريطاني (مستر ديفي) اختارني واقترح عليهم اسمي كمذيعة تلفزيونية، كما كانت هناك زميلتي السيدة فكرية آدم قدمت طلباً للالتحاق بالعمل في التلفزيون. حقيقة أنا كنتُ أفضل العمل بالاذاعة (الراديو) لأنه أخف ولا يبرز مظهرك وملابسك وشكلك أو حتى مشاعرك لما تكون فرحان أو زعلان.

هل تذكرين تاريخ اليوم الأول لظهورك مذيعة على شاشة التلفزيون الليبي لأول مرة؟

كان يوم 24 ديسمبر 1968 حيث قدمتُ برنامج الاحتفال بانطلاق بث التلفزيون الليبي وظهرت لأول مرة على الشاشة المرئية.

ماذا تضمن برنامج افتتاح التلفزيون الليبي في ذاك اليوم؟

للأسف لا أذكر تفاصيل ذاك اليوم بالكامل ومفردات برنامج الاحتفال، ولكن كانت مدته الزمنية قصيرة تمثلت في احتفال بسيط بدأ بعد الظهر واستمر حتى الفترة المسائية. كنا في نفس الاستوديو الوحيد الذي نسجل فيه البرامج ونبث على الهواء، وهو نفس الأستوديو الذي قدمت فيه برنامجي الشهير (عالم الأطفال) مع المخرج خالد عيسى رحمه الله. كان هناك ثلاثة مخرجين للبرامج التلفزيونية فقط في ذاك الوقت وهم عبدالباسط البدري، وخليفة كرّيم، وخالد عيسى الذي سمعتُ مؤخراً أنه توفى رحمه الله حين التقيت أخته صدفة وسألتها عنه. ولقد سأني جداً عدم اهتمام الاذاعة حتى بذكر رحيل روادها الأوائل للأسف.

ما هي طقوسك كمذيعة عند تقديم نشرات الأخبار أو تسجيل البرامج الخاصة أو كمذيعة ربط على الهواء؟

لم تكن لدي أية طقوس أو استعدادات أو ترتيبات مسبقة، ربما لصغر أعمارنا في ذاك الوقت (نخش عالجبل بقادومة … وبس) نعتمد على التلقائية، ونتيجة لأعمارنا الشابة كنا نحب الاندفاع والتجريب والتحدي والمغامرة، نقدم البرامج بلا خوف ولا تفكير في العواقب. وللعلم فإن نشرات الأخبار فقط كانت تذاع على الأثير وباقي البرامج يتم تسجيلها، وحتى التسجيل لازم من تقديم (سكريبت) المادة المكتوبة للجنة مراقبة البرامج، وعندما توافق اللجنة عليها يتم تسجيل البرنامج ويقدم للجنة لمراقبته مرة أخرى بعد التسجيل. ولكن بالنسبة لنشرة الأخبار فإنني أذهب لقسم الأخبار وأراجع النشرة وأضع التشكيل والحركات ثم الوقفات وإلى غير ذلك.

هل المراقبة كانت حول الشأن السياسي أم تهتم بالجوانب الفنية فقط؟

الاثنان معا.. الشأن السياسي والجوانب الفنية كذلك. أذكر مرة أنني أعدت تسجيل حلقة بسبب كلمة (العمال الكادحين) .. قالوا لي بأن هذه الكلمة شيوعية!!

أستاذة عائدة .. في النصف الثاني من الستينيات كان التحاق شابة ليبية بالاذاعة والتلفزيون، وظهورها على المشاهدين لابد أن يشكل نقلة اجتماعية تتباين بين القبول والمعارضة. يا ترى من شجعك على هذا العمل؟ ومن كان يعارض التحاقك بالتلفزيون؟

فيما يخصني.. أنا والدتي مصرية وبالنسبة لها كان الأمر عادياً، ولكن بعض أفراد الأسرة الآخرين احتجوا لبعض الوقت، ولكن لما وجدوا أن سلوكياتي وتصرفاتي هي واحدة ولم تتبدل سواء داخل أو خارج عملي في التلفزيون بدون أية اختلافات أو فروقات، لذلك لم يضعوا أمامي أية عراقيل ولله الحمد.

كيف كان القبول لدى البنات من جيلك؟ هل كانت لديهن رغبة للالتحاق بالتلفزيون وممارسة نفس مهنتك؟ أم كان هناك عزوفاً ونفوراً من هذه المهنة؟

شابات ليبيات كثيرات كن يرغبن الانضمام لهذا العمل والدخول للتلفزيون ولكن الأسر كانت تعارض رغباتهن. وهناك كثيرات طلبن مني شخصياً إجراء لقاءات معهن وفعلاً قمت بإجراء بعض اللقاءات الاذاعية المسموعة لأن التلفزيون لم يكن يتيح الكثير من البرامج في هذا المجال لأنها محدودة جداً لا تسمح بإبراز أولئك الفتيات اللاتي كانت لديهن رغبة الالتحاق بالعمل في التلفزيون. ولكنني أجريتُ الكثير من اللقاءات الإذاعية المسموعة معهن.. لقاءات كثيرة خاصة في الأعياد والمناسبات لتقديم التهاني وإبراز صوت الفتاة الليبية.

ماذا عن الوسط الاجتماعي… وقبولك وأنت تتنقلين لإجراء اللقاءات الاذاعية مصحوبة بفني التسجيل؟ هل كان هناك قبول من الناس أم نفور أو اشمئزاز من حضورك وعملك؟

لم يكن اشمئزاز ولكن كان هناك خوف من هذا العمل الجديد والجهاز الغريب الذي يحمله معي فني التسجيل، لدرجة أنه حتى بعض المسئولين كانوا يخافون من التحدث معنا ويكتفون بتقديم نص مكتوب فقط، ولكنهم كانوا يتجنبون كثيراً التسجيل الصوتي، وكذلك الظهور على شاشة التلفزيون ربما نتيجة الخوف من الخطأ أو عدم التعود.

كيف كان الوسط الاذاعي في ذاك الزمن البعيد.. الاستوديو.. التقنيات.. خطط البرامج.. ماذا كان هناك؟

كانت الامكانيات محدودة جداً، حيث يوجد استوديو واحد فقط للتلفزيون تقدم منه نشرات الأخبار مباشرة على الهواء وتسجل فيه كل الأغاني والبرامج الاجتماعية والسياسية والتمثيليات الدرامية والرياضية والدينية وكذلك إجراء اللقاءات التلفزيونية. أما فترة البث الإذاعي المسموع فقد كانت محدودة وقصيرة، كان البث يبدأ الساعة السادسة والنصف صباحاً وينتهي حوالي منتصف الليل. وأيضاً التلفزيون كان يبدأ بثه في المساء وينتهي عند منتصف الليل تقريباً، طبعاً هذا لاتاحة الفرصة لتسجيل البرامج والتمثيليات لأن للتلفزيون أستوديو واحد فقط.

هل كان هناك إنتاج مرئي تلفزيوني ليبي أم يعتمد على المستورد الأجنبي والعربي؟

لا أبداً .. كنا نقدم العديد من البرامج والتمثليات والمشاهد الدرامية القصيرة والأغاني المختلفة التي تسجل بالاستوديو الوحيد. وأذكر أنني كنتُ أحضر يوم الجمعة لتسجيل برامج الأطفال في الفترة الصباحية. كانت هناك فترتان للأطفال صباحية ومسائية وكنا ندرب الأطفال في نادي الصيد والرماية المقابل لمبني الاذاعة بشارع ادريان بلت (الشط حالياً) حيث يأتي الأطفال الصغار للنادي ومعهم معلمة موسيقى في الفترة الصباحية في الصيف، وبعد الظهر كذلك معهم معلمة موسيقى أخرى وكانت هناك مشرفة تقوم بتجميعهم ونقلهم إلى الاذاعة وإرجاعهم إلى بيوتهم. وبعد انتهاء تدريب الأطفال ننتقل بهم إلى الاستوديو الوحيد بالاذاعة للتسجيل التلفزيوني.

يعني كان هناك قبول من أولياء الأمور بالتحاق أطفالهم ببرامج الاذاعة؟

كان قبولاً بشكل كبير، بل بعض الأولياء يقدمون مساعدات عديدة نظراً لانعدام الامكانيات المادية للاذاعة في ذلك الوقت، ومن بين هذه المساعدات توفير بعض الملابس والمعدات البسيطة التي نحتاجها في البرنامج. وفي هذا البرنامج قمت بتكوين فرقة موسيقية للأطفال وهي أول فرقة موسيقية في ليبيا. قمت بتكوينها في الاذاعة عن طريق برنامج (عالم الأطفال) وحتى المدارس في ذاك الوقت لم تكن بها فرق موسيقية. لأنني أثناء دراستي في القاهرة وجدت أن الأطفال منذ الصغر في المرحلة الابتدائية يعزفون على الآلات ضمن فرق موسيقية، فأيقنت أن الطفل الليبي لا يقل مهارة وفكراً عن غيره من الأطفال، ففكرت في تكوين فرقة موسيقية للأطفال ولكنني للأسف لم أجد الآلات الموسيقية التي لم تكن متوفرة في ليبيا في ذاك الوقت مما اضطرني إلى شراءها من القاهرة على حسابي الشخصي وإحضارها، وهي عدد اثنين اكسلفونات ومثلثات إيقاعية صغيرة بحجم أيدي الأطفال الصغار، بينما البيانو تولته معلمة الموسيقى التي كانت تعزف عليه.

من أبرز الأطفال في تلك الفرقة الموسيقية الأولى في ليبيا؟ من تذكرين من الاسماء؟

أذكر بنات دربي مبروكة وشقيقتها، وبنات أبوغرارة، وأبناء زملائي الحاج محمد المصراتي والحاج محمد التركي، أما المدرسات فكانت هناك أبلة وصيفة وهي معلمة مصرية، وأبلة سنية شاهين والمشرفة نعيمة الصغير وكان السيد محمد عنتر هو من يقوم بجمعهم وإحضارهم وإرجاعهم.

ماذا عن التأهيل والاعداد والتدريب؟ هل كانت هناك دورات تأهيلية لكم كمذيعات ومذيعين محلياً أو خارجياَ؟

لا.. لا.. أبداً. لم تكن هناك أية دورات أيام عملي بالاذاعة المسموعة (الراديو) والتلفزيون الليبي. كان الاعتماد منصباً على المذيع نفسه. وكان المذيعون يساعدون أنفسهم للتعلم من بعضهم البعض. وكان الأستاذ محمد الصفاقسي كبير المذيعين ثم في فترة أخرى الأستاذ محمد التركي والأستاذ محمد المصراتي وناصر عبدالسميع وعبدالخالق حواص رحمه الله، وهو إنسان شجعني في بداياتي فعلاً حين دخلت معه إلى الاستوديو لتقديم وقراءة نشرة الأخبار وكنت خائفة ومرتبكة، فساعدني وهدأ من روعي وأدخلني معه الاستوديوا حيث طلب مني قراءة عناوين النشرة (الموجز) فقط وتولى هو قراءة الأخبار بالتفصيل. كنا نتعلم من بعضنا خلال تلك الفترة ومن الزملاء الأفاضل. أيضاً الزملاء عبدالرحمن محمد وكامل عراب وأحمد فريد ومحمد المشري ومحمد بكرة. وللعلم فإن المذيعين الليبيين كانوا متميزين ومطلوبين للعمل في الخارج في ذاك الزمان مثل المرحوم محمد مصطفى رمضان والأستاذ أحمد فريد كثيرون منهم تلقوا عروضاً للعمل في القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية، وأنا شخصياً تلقيتُ عرضاً للعمل في إذاعة لندن البي بي سي ببريطانيا ولكنني اعتذرت نتيجة ظروفي الاجتماعي. كما زارت ليبيا لفترة قصيرة خلال منتصف الستينيات مستشرقة إعلامية ألمانية تتحدث العربية بطلاقة اسمها (داغمار برونيرت) أجريتُ معها لقاءً إذاعياً مسموعاً وكانت تصدر صحيفة باللغة العربية في ألمانيا وعرضت علي العمل في إذاعة (دوتشي فيلا) بألمانيا فرفضت لنفس الأسباب.

ما هي المناسبات الوطنية التي قمتِ بتغطيتها؟

قمتُ بتغطية معظم المناسبات الوطنية النسائية لأنه كان يتعذر دخول الرجال لتلك المناسبات خاصة التي تحضرها الملكة شخصياً، وكنتُ أيضاً أقوم بتغطيتها لمجلة (ليبيا الحديثة) التي كان يرأس تحريرها الأستاذ الصالحين النتفه زوج زميلتنا السيدة مرضية النعاس، إضافة إلى تغطيتها للاذاعة. كما كنت أتولى تغطية احتفالات افتتاح معرض طرابلس الدولي حين يخصص يوم للنساء وكذلك أيام العروض السينمائية المخصصة للنساء وغيرها كثير.

على ذكر المناسبات النسائية.. شكلت زيارة المطربة العربية الراحلة أم كلثوم حدثاً مميزاً فنياً في ليبيا. وأنت كنتِ معاصرة لذاك الحدث.. ما هي ذكرياتك عن تلك الزيارة الفنية؟

أذكر أننا مجموعة من الليبيات توجهن لاستقبالها في المطار برفقة العديد من الزملاء. أذكر كانت معنا الراحلة خديجة الجهمي والمرحوم الفنان حسن عريبي والزميلة عويشة الخريف والأستاذ محمد أحمد الزوي والأستاذ محمد الصفاقسي، مجموعة كبيرة حقيقة كنا في استقبالها في المطار.

هل حضرت حفلاتها الغنائية؟

أنا شخصياً للأسف لم أحضر لأنني كنتُ مكلفة بتقديم نشرة الأخبار في التلفزيون، ولكن غيري من الزميلات والزملاء حضروا بالتأكيد ذاك الحفل الغنائي الكبير الذي أحيته الفنانة الكبيرة أم كلثوم وتواصل ليومين. وبالنسبة لي فقد شاركتُ في استقبالها في المطار وأجريتُ معها هناك لقاءً قصيراً حول برنامج زيارتها لليبيا، وللعلم فإن الفنانة الراحلة أم كلثوم كانت لا تحب اللقاءات الإذاعية والتلفزيونية.

ما هي أبرز برامجك التلفزيونية غير (عالم الأطفال)؟

للتلفزيون قدمت برنامج (عالم الأطفال) فقط، وحاولت تقديم برنامج آخر يتجول في كل مدن ليبيا فسجلت منه حلقتين أو ثلاثة فقط ووجدت صعوبة كبيرة في ذلك لأنه يتطلب التنقل بطاقم فني كبير من مدينة إلى أخرى والإمكانيات المادية كانت محدودة للأسف. وأثناء ذهابنا للتسجيل في كل من غريان ومصراته وصبراته كانت العائلات تستقبلنا بكل حفاوة. حقيقة كانت العائلات والأسر الليبية هي التي تحتفي بنا وتستضيفنا في بيوتها وتقوم بواجب الضيافة، والمساعدة في تزويدنا ببعض المعلومات بكل فرح وسرور، وسعادتهم كانت كبيرة بالالتقاء بطاقم التلفزيون الليبي. وفي هذا الجانب أذكر أنه لما ذهبت برفقة المرحوم زوجي لافتتاح فرع التلفزيون الليبي بمدينة سبها في الجنوب وجدنا مطار سبها مليئ بالناس، فسألته مندهشة هل كل هذا الحضور جاء لأجلنا وفرحانين بقدومنا؟ ولما سألنا بعضهم أخبرونا بأنهم يأتون للمطار لعل وعسي يقابلون قادماً من طرابلس يستضيفونه في بيوتهم. لقد كانت الأسر والعائلات الليبية في منتهى الكرم والتقدير للعاملين بالاذاعة والتلفزيون الليبي. وبالمناسبة فأنا أول من افتتح بث التلفزيون الليبي فرع سبها وأذعت من قاعة البث هناك البيان والتهنئة بهذه المناسبة، رغم أنني كنتُ مستقيلة من العمل في ذاك الوقت ولكن نظراً لانقطاع الارسال من طرابلس فقمت بتقديم النشرة إنقاذاً للموقف.

من تذكرين من المذيعين بمدينة سبها في ذاك الوقت؟

لا لم يكن هناك أي مذيع في ذاك الوقت بمدينة سبها، طبعاً هذا كان سنة 1972 أو 1973 وكان الفرع يشتغل عن طريق ربط البث مع مقر التلفزيون الرئيسي بطرابلس أو بنغازي.

هل أجريت لقاءات مع مسئولين وسياسيين في ذاك الوقت؟

نعم، كثير جداً، مثل الأستاذ عبدالحميد البكوش، والأستاذ خليفة التليسي والأديبة جاذبية صدقي والشاعر الكبير أحمد رامي وكذلك الشاعر نزار قباني، ولقاء مع زوجة أمين جامعة الدول العربية عبدالخالق حسونة نشرته لاحقاً في مجلة (ليبيا الحديثة) وغيرهم كثير. وأذكر أنني أجريت لقاء مع الفنان حسن عريبي والأديب الاستاذ رجب الماجري الذي كان وزيراً للعدل تقريباً، حول مشاركتهم في مهرجان الأغنية في تونس على ما أذكر، وكانت المشاركة على نفقتهم الخاصة فحكوا لي بأنهم بعدما أنفقوا فلوسهم كلها ولم يعد لديهم أي مبلغ لمواصلة المشاركة الليبية هناك، وكانت برفقتهم السيدة الراحلة خديجة الجهمي فنزعت تلك السيدة الفاضلة أساورها الذهبية من يديها وطلبت منهم بيعها لدى أحد محلات صياغة الذهب للصرف على ما تبقى من أيام المشاركة. موقف من مواقف السيدة الفاضلة خديجة الجهمي رحمها الله التي سيخلدها التاريخ الوطني لبلادنا الحبيبة وسيكتب أن أغلبهم ماتوا فقراء. وهذا الموقف يبين كيف كان هؤلاء القمم لا يعتمدون على دعم الدولة بل كانوا يضحون بمالهم الخاص لتمثيل ليبيا ورفع اسمها في المحافل الدولية والعربية. وكم تأسفتُ لما سمعتُ في إحدى الاذاعات هذه الأيام عن تنظيم حملة تبرعات لعلاج الفنان محمد مرشان، فهل من المعقول ألا تهتم الحكومة بأحد أبرز رموز الفن في ليبيا وعلاجه على حساب الدولة الليبية؟

الشخصيات التي ذكرتيها محسوبة على الأدب والفن والثقافة أكثر من السياسة؟

أنا كنتُ أجري حواراتي حول الجوانب والأنشطة الثقافية والأدبية فقط، ولم أهتم بالشأن السياسي. كانت برامجي كلها ثقافية ماعدا برنامج سياسي واحد فقط قدمته وهو برنامج (خطاب العرش).

ماذا كانت محتويات برنامج (خطاب العرش)؟

يتناول هذا البرنامج ما تعرضه الحكومة من خطط وبرامج عمل لمدة عامل كامل. وكانت فكرة إعداد وتقديم هذا البرنامج تنفيذاً لقرار صدر من مجلس الوزراء، ورغم عدم تقديم المذيعات للبرامج السياسية فقد قدمته في أولى حلقاته مع الزميلين عبدالناصر عبدالسميع ومحمد الصفاقسي. وقد لاقى برنامج (خطاب العرش) صدىً كبيراً بين الأوساط المختلفة، وعلى إثر ذلك حضر إلينا الأستاذ الراحل خليفة التليسي وزير الاعلام وقدم لنا التهاني، وسلّمنا رسائل شكر وتقدير مع مبلغ مالي قيمته خمسون جنيه لكل واحد منا، وكانت هذه قيمة مالية معتبرة في ذاك الزمن حين كان مرتبي الشهري ثلاثة وخمسين جنيهاً لا غير. ففرحنا بذلك التقدير وتلك المكافأة والاهتمام من الحكومة ووزير الاعلام ومتتبعي الاذاعة والتلفزيون طبعاً.

كيف كان تكوينك الثقافي؟ ماذا كانت قراءاتك؟ من أين تستمدين تلك الأفكار والثقافة والتلقائية؟

أحب المطالعة والقراءة في جميع المجالات، ولكن تستهويني الأدبية وتحظى باهتمام خاص لدي. أحب الخواطر وكلمات الزعماء الخالدة. أذكر منها على سبيل المثال كلمة خطيب الثورة العرابية الأستاذ مصطفى كامل (لو لم أكن مصرياً لوددتُ أن أكون مصرياً) وأنا دائماً أحورها في اقتباسي لها والاستدلال بها واجعلها (لو لم أكن ليبية لوددت أن أكون ليبية) اعتزازاً بهويتي وليبيتي.

ما سبب انقطاعك عن العمل الاذاعي والتلفزيوني؟

في نهاية السبعينيات لم أعد أشعر بالتقدير في عملي كمذيعة فانقطعت عن العمل، ثم تزوجت بعدها بفترة. وإجمالاً لم يعد المناخ والوسط الاذاعي والتلفزيوني مشجعاً نتيجة تعدد التداخلات وتضارب التعليمات فلم أشعر أنني قادرة على تقديم ما يتناسب مع إمكانياتي، كذلك كثرة قرارات المسئولين وتخبطهم (كل واحد يحكم) فلم أكن قادرة على التقديم والعمل بنفس الأسلوب الذي تعلمته وتعودت عليه، خاصة وأنني لا أحب أن يتحكم أو يتدخل أحد في عملي.

كنتِ زميلة للمذيعة المصرية المشهورة (عفاف زهران) حين أنتدبت للعمل في التلفزيون الليبي. كيف كانت شخصية تلك الإذاعية وانطباعها عن زميلاتها المذيعات الليبيات وعن الحياة الاجتماعية في ليبيا عموماً؟

الزميلة الإذاعية المصرية عفاف زهران كانت مذيعة مخضرمة في إذاعة الشرق الأوسط التي كانت تعتبر من أحسن وأشهر المحطات العربية في ذاك الوقت. حضرت إلى ليبيا بعد انتدابها للعمل الإذاعي المسموع (الراديو) أولاً وظلت به لفترة طويلة، وبعد ذلك تم نقلها إلى التلفزيون الليبي لسد النقص في المذيعات الليبيات. وقد اقتصر تقديم نشرات الأخبار في التلفزيون علينا نحن الاثنتين فقط بشكل تبادلي، بمعنى أنه في اليوم الذي تذيعها عفاف زهران في الراديو أذيعها أنا على التلفزيون والعكس وذلك بشكل يومي. وللعلم فقد كنتُ أشتغل في الاثنين أي الراديو والتلفزيون ولكن بمرتب واحد فقط لا غير.

كيف كان قبول المذيعة عفاف زهران للمذيعات الليبيات كزميلات؟

بصراحة هي كانت زميلة طيبة وصديقة وفية للجميع ولكنها تعرضت لبعض المضايقات من الزميلات.

هل أسهمت عفاف زهران في تدريب بعض المذيعات الليبيات؟

لا لا … عفاف زهران لم تقم بالتدريب ولكن حضرت السيدة أميمة عبدالعزيز لتنظيم دورة للمذيعات الليبيات.

وسلوى حجازي مذيعة الأطفال المصرية المشهورة ب (ماما سلوى)؟

هذه جاءت في زيارة قصيرة بعد تركي للعمل الاذاعي وتوفيت في حادثة إسقاط طائرة شركة الخطوط الجوية الليبية فوق سيناء ولا علاقة لي بها رحمها الله. ولكن كانت تربطنا علاقة أسرية بالمذيع المشهور جلال معوض وزوجته ليلى فوزي، وأمين بسيوني وزوجته وهو والد المذيع تامر بسيوني والذي أصبح رئيساً للنايل سات وتولى مناصب كثيرة في التلفزيون المصري.

بعد انقطاعك.. هل راودك الحنين للميكروفون وكاميرات الاستوديو؟

لا لا أبداً. فقد انشغلت بأسرتي وأولادي وبيتي، ثم تقدمت لمواصلة دراستي في مجال اللغة العربية والدراسات الاسلامية بالجامعة فكان من الصعب التوفيق بين العمل والأسرة بالنسبة لي.

تأخر تكريمك كثيراً.. حتى وجهت إليك الدعوة هذا العام أسرة جائزة سبتيموس في دورتها الثالثة ضمن الاعلاميات المكرمات باعتبارك جزء من الذاكرة الوطنية.. كيف كان قبولك لهذه الدعوة وهذا التذكر؟ 

بارك الله فيهم على تذكري ودعوتي للحضور والمشاركة بعد طول غياب. وأتوجه إليهم بأسمى آيات الشكر والتقدير والتحية والامتنان على حفاوة الاستقبال والاهتمام. وحقاً كنتُ سعيدة جداً بحضوري احتفالية جائزة سبتيموس لهذا العام والالتقاء بزميلات من جيل جديد في مجال الإذاعة والتلفزيون وأتمنى أن يكون عملهم في ظروف أفضل من إمكانياتنا وأتمنى لهم جميعاً كل التوفيق في عملهم وحياتهم. أعتقد أننا ترعرعنا وسط مجموعة من العمالقة في جميع المجالات الأدبية والثقافية والفنية. وكنا نعيش وسط هذه القامات فلذلك كان كل إذاعي يحاول أن يصل إلى مستوى هذه القامات العالية ونحاول أن نوصل صوتها إلى خارج ليبيا، ولله الحمد وصلت هذه الأصوات إلى خارج ليبيا، والحمد لله احتلت مكانتها في الدول المجاورة والوطن العربي.

كلمة أخيرة توجهينها للقراء؟

دعائي لكم بالتوفيق، وأمل أن تنظروا إلينا بعين الرضا، فنحن بدأنا العمل في ظروف اجتماعية وتقاليد صعبة وإمكانيات مادية وتقنية بسيطة. ونأمل أن يكون ما تركناه من أعمال وما بذلناه من مجهودات تنال القبول منكم والرضا عنا. الآن التقنيات تختلف تماماً عن الوضع في وقتنا ذاك، ورغم أن اللغة والصوت هما الأساس في عمل المذيع إلا أن التطورات التكنولوجية الحديثة والمعدات والأجهزة تصنع الفارق بوضوح كبير. بارك الله فيك… وبارك الله في كل الإعلاميين الذين يهتمون ببلادنا الحبيبة ليبيا… حبّوا ليبيا.. بالله عليكم مثلما أحببناها ولازلنا.. لأن ليبيا بحاجة إلى الحب والتفاؤل. وأحبُ في النهاية أن أقدم كل حبي واحترامي وتقديري لكل الأمهات في ليبيا وفي العالم لأننا نحن الأمهات صنّاع الرجال، فلا يوجد رجل في العالم إلا كان ابن امرأة. وفي موروثنا الشعبي نقول عن الشخص الحاذق أو الفالح.. ولد أمه… أو… بنت أمها. دمتم ودامت ليبيا حرة أبية وعصية على كل طاغٍ أو مستبد.

_____________________

نشر بموقع ليبيا المستقبل

مقالات ذات علاقة

حوار مع الكاتب منصور أبوشناف… أريد أن أفهم.. وأن أتساءل: هل ما فهمته صحيح؟ .. لا أحد يجيب

حواء القمودي

التشكيلي مفتاح الشريف للطيوب: لم أتوقف عن الرسم منذ تاريخ الفاجعة

مهنّد سليمان

محمد القمودي: متى نرى وقفة جادة لتفعيل المسرح الليبي؟!!

المشرف العام

اترك تعليق