بعض التيارات الحديثة والتجريبية ترى أنَّ النصَّ المسرحي أصبح هامشًا ولا أهمية له ويمكن الاستغناء عنه، وهناك مَن ذهب إلى أبعد من هذا حين أعلن «موت» المؤلف.
في حين نجد كثيرًا من التيارات والمدارس تؤكد أهمية المؤلف وتعتبره أهم أركان العمل المسرحي، وقد يقيَّم كل مؤلف حسب المدرسة التي ينتمي لها، بعيدًا عن التقليدية والنمطية، وكون المسرح مجرد فرجة وتسلية فقط لا غير.
الممثل والكاتب المسرحي الليبي علي الفلاح، اختار لنفسه طريقته وعالمه في الكتابة المسرحية، فتجده مزيجًا بين مسرح «الأتشرك» والذي يُعنى بالظواهر الاجتماعية والسياسية الكبرى، وذلك بالبحث عن أسبابها وتمظهراتها ونتائجها، والمسرح «البرختي» وهو الذي يحوِّل المسرح إلى خشبة نزال وصراع جدلي وسجال من أجل إشراك الجمهور لاستصدار مواقفه في مجموعة من القضايا الاجتماعية والإنسانية والسياسية.
وتحول الممثل إلى محامٍ يستعمل الحوار مع التسلح بالحجج والأدلة قصد دفع الجمهور للإدلاء برأيه بكل صراحة وموضوعية، وباعتبار المسرح له وظيفة التغيير وتنوير المجتمع وتحريضه لتغيير أوضاع المجتمع، كما عرفها الكاتب الألماني برخت.
وبهذا يكون علي الفلاح من خلال أعماله التي قدَّمها طوال مسيرته والتي نالت جُلها، إذا لم نبالغ بالقول جميعها، الجوائز والتكريمات في كافة المهرجانات المحلية والعربية التي شارك بها دليلًا على أهميته كمؤلف مسرحي يستحق أنْ نقف عند تجربته ونعيد قراءتها بأكثر جدية وموضوعية، خاصة أنَّ له الدور الكبير في كسر النمطية في المسرح الليبي، كما له إسهاماته كممثل مسرحي وأستاذ أكاديمي لعدد من المواد التي تُدرَّس لطلبة المسرح في المعاهد والكليات المتخصِّصة.
لمحة عن مشوار الفلاح المسرحي
وُلد علي موسى الفلاح في 21 فبراير العام 1965 في مدينة بنغازي، درس العلوم السياسية، وفي السنة الثانية اكتشف أنَّ هذا المجال بعيدًا عن ميوله وأنَّه لن يحقِّق ذاته لو استمر في دراسته، فتركه وتوجَّه للمسرح الوطني بنغازي وصار عضوًا رسميًّا به في العام 1984، عمل في بدايته كممثل مسرحي، ثم أصبح مخرجًا وكاتبًا مسرحيًّا.
عمل في العديد من الفرق المسرحية الليبية، كما عمل منشطًا لعدة فرق مسرحية ليبية، ليتولى بعد ذلك العديد من المهام والمناصب الإدارية منها: رئاسة اللجنة الثقافية بالمسرح الوطني بنغازي 1988وحتى 1991، ورئاسة وحدة المسارح شعبية بنغازي (كما كانت تسمى حينها) العام 1999، وهو عضو اللجنة الإدارية بمجلس تنمية الإبداع الثقافي 2002، ومدير إدارة المهرجانات والمعارض بمجلس الثقافة العام.
كما له إسهامات متنوِّعة في مجال الإذاعة المسموعة، فقد أعد ووَضَعَ حوار مسلسل «الأدلة» إنتاج إذاعة الجماهيرية العام 2004، و له عدة مشاركات مسرحية وثقافية في مهرجانات دولية وعربية، كذلك ألقى العديد من المحاضرات حول المسرح العربي والليبي وشارك في عدة دورات داخلية مدرِّسًا لمواد تاريخ المسرح وعلم الجمال والتمثيل ومدرسًا بمعهد «علي الشعالية للمسرح» في مادتي تاريخ المسرح ونصوص مسرحية.
أعمال شارك فيها ممثلاً
شارك الفلاح في عدد من الأعمال المسرحية كممثل منها «كان يا ما كان» و«المركب» و«المهرج» و«حلم ليلة صيف» و«المرتجلة» و«التحطيم» و«لست أنت جارا».
في مجال الكتابة المسرحية كان الفلاح في كل عمل يتغلب على نفسه، ويحرص على الابتعاد عن تكرار ذاته وقدَّم أعمالاً مميزة جدًّا وتعد محطات مهمة في المسرح الليبي منها: «جمر العذاب» و«الشرخ» و«التحطيم» و«العراسة» و«سهرة عن النار والغرباء» و«طاجين ليلة صيف» و«اللعب على حجم الصدفة»، «درب لأرجل قطعتها الدروب» و«لا تصالح» و«بندير ليلة زفة»، إضافة لثلاثية الليل وهي: « جاك الليل» و«طاحن اشناب الليل» و«شابن هدوب الليل».
الجوائز التي تحصَّل عليها
حصل الفلاح خلال مسيرته سواء كممثل أو كاتب مسرحي على عديد الجوائز المهمة منها: جائزة أفضل نص مسرحي في المسابقة الثقافية الكبرى بنغازي العام 1988عن نص «جمر العذاب»، والجائزة الثالثة لأفضل نص مسرحي في مسابقة النص المسرحي الليبي طرابلس العام 1988عن مسرحية «التحطيم»، وجائزة أفضل ممثل مشاركة في مهرجان التحدي العام 1992.
جائزة أفضل نص مسرحي في المهرجان الوطني السادس للفنون المسرحية طرابلس عن نص مسرحية «اللعب على حجم الصدفة»، وجائزة العرض المتكامل عن مسرحية «التحطيم» في المهرجان الوطني السابع للفنون المسرحية طرابلس العام 1997، والجائزة الثانية في التأليف المسرحي طرابلس العام 1999 عن مسرحية «شابن هدوب الليل».
وجائزة أفضل إعداد في مهرجان المسرح التجريبي عن مسرحية «لا تصالح» العام 2001، وجائزة أفضل إعداد مسرحي عن مسرحية «العراسة» في المهرجان العاشر للفنون المسرحية بنغازي العام 2007، وجائزة أفضل عمل متكامل عن مسرحية «العراسة» أيضًا في المهرجان العاشر للفنون المسرحية بنغازي العام 2007.
لم يكتف الفلاح كونه مؤلفًا وممثلاً وأستاذًا أكاديميًّا فقط بل أثرى المكتبة المسرحية الليبية والعربية بالعديد من المؤلفات المسرحية المهمة وصدر له: «التحطيم» و«اللعب على حجم الصدفة» عن الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع، وثلاثية «جاك الليل » عن مجلس تنمية الإبداع الثقافي، و«بندير موالف زفة» عن مجلس تنمية الإبداع الثقافي، و«طاجين ليلة صيف» عن مجلس تنمية الإبداع الثقافي.
كما تحصَّل على جائزة الدولة التشجيعية في مجال المسرح عن العام 2010 وكرَّمته الهيئة العربية للمسرح بالشارقة في مجال الكتابة المسرحية العام 2014.
يذكر أنَّ علي الفلاح كَتَبَ وألقى الكلمة الوطنية في اليوم العالمي للمسرح في العام 2013.
________________
نشر بموقع بوابة الوسط