عبدالرحمن سلامة
صدر مؤخراً كتاب جديد للكاتب الليبي حسين نصيب المالكي بعنوان من الذاكرة والذي من خلاله غاص في ثنايا ذاكرته واستحضر محطات مهمة في حياته حيث قسم الكتاب إلى ثلاثة عشرة محطة استهلها بمحطة سريعة حول التغيير الذي هب على ليبيا في فبراير 2011 وعودته الى طبرق بعد عودته صحبة أربعة من أدبائها الذين اصطحبوه في هذا الحفل الخاص بتوقيع عدد من الكتب التي طبعها مجلس الثقافة العام في ليبيا والذي أقيم في مدينة سرت وكان المؤلف من الذين وقعوا إصداراتهم فقد وقع مجموعته القصصية “الرجل والنورس”.
أما المحطة الثانية فكانت حول توجيهه للكلية العسكرية قسراً بعد أن كان معلماً لمادة اللغة العربية وقاصاً لديه مجموعة قصصية آنذاك كما تحدث عن عودته حاملاً بكالريوس علوم عسكرية ولقائه بالضابط خليفة حفتر والذي خصه بعناية واهتمام كونه شاباً طموحاً وأديباً على الطريق.
أما المحطة الثالثة فحاول أن يرسم لنا صورة تفاصيلها داخل منطقتي القعرة الواقعة شرق طبرق بحوالي خمسة وثلاثين كيلومتراً ومنطقة الحاج اكريم التي تقع شرق القعرة بأكثر من عشرة كيلومترات وكيف تنقل بين مدارسها والأيام التي حملت أجمل الذكريات، والمحطة الرابعة والتي خلالها غاص عميقاً في طفولته ونشأته في حي الحطية الذي تربى فيه وتذكر أيام الصبا في هذا الحي العريق، أما المحطة الخامسة وكذلك السادسة فكانتا حول دخوله المدرسة القرآنية واستذكر شيوخه وزملائه، والمحطة السابعة وكذلك الثامنة فقد عاد من خلالها الى الحي الذي تربى فيه وعاد للحديث عنه وعن الشخصيات التي ترسخت في ذهنه والتي تعتبر من علامات هذا الحي العريق والتي يعرفها الكثيرون من أهل طبرق، والمحطة التاسعة تحدث فيها عن ذكرياته في مدرسة الضاحية التي عمل فيها مدرساً، والمحطة العاشرة تناول فيها ذهابه الى الكلية العسكرية بطرابلس بعد أن ترك زملائه المعلمين في مدرسة الضاحية بطبرق، وواصل حديثه عن الأيام العسكرية والمواقف التي مر بها داخل أسوار الكلية من خلال المحطتين الحادية عشرة والثانية عشرة حيث لم يغفل القاص الكتابة بأسلوب قصصي اللحظات الأخيرة من رحيل والده وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ولمسنا جلياً تأثر القاص بفقد والده، وكذلك تحدث عن واحة الجغبوب الهادئة، والمحطة الثالثة عشرة والأخيرة فتحدث فيها عن يوم مهم في حياته والذي جمع فيه عروسين في يوم واحد، زوجته وكذلك صحيفة البطنان، فقد صدر العدد الأول واستقبله في طبرق في يوم عرسه وكانت فرحته مضاعفة فقد كانت أول صحيفة تصدر في مدينة طبرق، هذا الكتاب هو من القطع المتوسط وضم بين دفتيه أكثر من مائة وعشرين صفحة، كما لاحظنا أن الكاتب لم يرتب هذه المحطات ترتيباً زمنياً لكنه تنقل بين المحطات بدون ترتيب في إشارة منه إلى أن ذاكرة الإنسان تحاول أن تلتقط ما تتذكره فقد يتذكر الإنسان شيئاً اليوم ويتذكر شيئاً آخر أقدم منه في اليوم التالي، كما لاحظنا من خلال اطلاعنا على هذا الكتاب أن هناك تأريخاً لبعض الأحداث وكذلك بعض الشخصيات المعروفة في المنطقة والتي كانت تحيط بالمؤلف.
كما يوحي هذا الترتيب أن ثمة كتاب آخر يلوح في أفق الكاتب وقد يشمل محطات أخرى وعدم الترتيب الذي ارتئاه المؤلف سيتيح له المجال والبراح في كتابة مزيد من المحطات التي تستحضرها ذاكرته، والمؤلف كتب من ذاكرته بأسلوب قصصي شيق تجعل القارئ ينتقل من محطة إلى أخرى، ولمعرفتي الشخصية بالمؤلف فإن لديه العديد من المحطات المهمة في حياته خصوصاً التي لها علاقة وطيدة بالأدب والثقافة والتراث وقد نرى المزيد من المحطات في طباعات أخرى من الكتاب أو أجزاء أخرى من ذاكرته، وهذا الكتاب الذي طبع في دار العالمية بمدينة الإسكندرية أهداه المؤلف لزوجته وأولاده وزملائه، أما الغلاف فقد كان للفنان الليبي علي العباني.
_________
نشر بموقع ليبيا المستقبل