المقالة

حقيقة الطريق من مدينة الزاوية الى مدينة جنزور ، أياما مضت  

يوم الخميس بتاريخ 14-8 – 2014م الساعة السادسة مساءً ، تندفع سيارتي على مد الطريق الساحلي  من مدينة الزاوية باتجاه الشرق الى حيث طرابلس ، سيارتي تسحب بإطاراتها الطريق سحبا ، تقذف خلفها المسافة لتبتلع من أمامها مسافة اخرى تقذفها هى الاخرى خلفها ، ولكن الطريق طويل ممتد ينحني حيناً ويستقيم حينا حتى حللت بمنطقة جوددائم ، طريق شبه خالية والمناطق المحاذية للطريق شبه مهجورة وفي غنيمة بصري ، سيارتان بعيدتان ، هما أمامي  وسيارة خلفي  بدأ ان صاحبها مترددًا في عبوره للطريق على ما راى من خلا الطريق والمناطق المحاذية لها  كأنه يتبعني يترقب تقدمي بسيارتي اولا حتى يتجنب مخاطر الطريق اذا ماحدث إطلاق نار او اشتباك ،ربما أرادني ان أكون طعما حتى يعود إدراجه اذا مامكروه حصل، سيارتي تدفع خلفها الطريق ونوافذها مفتوحة يهب منهم نسيم هو بين العليل والغليل فيه بردا وحرا وعند دخولي الى منطقة الماية وكأنني دخلت الى منطقة لا اعرفها فالمنطقة التى كانت تعج بالناس عجا فرادى اوفوجا هى خالية على غير العهد والعادة والدكاكين التى كانت تطرح ابوابها فتحا طوت ابوابها إغلاقا ، البيوت مهجورة . وبالسكون والصمت مغمورة . بمحاذاة سوق الخضروات الخالي قبل مدخل وسط الماية بقليل ، سيارتان مدنيتان محترقتان  لم يسلما من نيران الطرفين المتحاربين ، وادخنة كاتمة للانفاس كانت من عواقب الحرب لازالت ترتفع لامست أنفاسي فزادت إرهاق نفسي والتي سبقها إرهاق دخان سيجارتي ، دخان مع دخان . حتى دخلت في حالة من الغثيان .

وفجأة تنبهت الى بوابة في وسط الطريق عند المدخل الرئيسي لوسط الماية ، بوابة مسدودة بكثبان من الرمل وحاوية من الفولاذ وتوجد فتحة احادية على يسار الطريق لمرور السيارات ،

تشتت مني الغثيان وانا اترقب دوري خلف سيارة أمامي  للمرور من البوابة ولازال الذي يتبعني سابقا يتبعني خلف سيارتي ، تتبع هذه البوابة منطقة ورشفانة في هذه البوابة رفعت أعلام الاستقلال وليس كما يشاع وعلى يمين الحاوية علقت ورقة مكتوب فيها ( ورشفانة والزاوية خوت ) أفراد البوابة أربعة شباب بدأ انهم من منطقة ورشفانة و اثنان من الجنوب الليبي بحسب لهجتيهما ، اندفعت من البوابة وانا أوجه بصري الى الدكاكين والبيوت التى على جانبي الطريق ، حسرة تنازع نفسي على هذه المباني الساكنة المسكونة بالسكون ، ورائي ، لازال صاحبي الذي صاحبني ولم أصحبه يترقب الطريق خلفي ، اذا أسرعت يسرع وإذا أبطأت يبطئ يترقب تقدمي حتى يعود إدراجه اذا حدث لي ماحدث لكثير من الليبيين في المناطق الساخنة الملتهبة ولا ألومه على ذلك انظر اليه حيناً ، عبر المرآة العاكسة للرؤية الخلفية وكانت لدي رغبة ان يبقى خلفي حتى يصل الى مأمنه ، فلعله لايعرف الطريق ، وكنت على معرفة بهذه الطرقات .

في نهاية الحد الاداري الشرقي لمنطقة الماية  بوابة اخرى تتخذ من شركة خاصة للحوم  محاذية للطريق مقرا لها وفي الطريق كثبان من الرمل سدت الطريق بين هذه الكثبان  سبيل ضيق لمرور السيارات ، أفراد البوابة هم جالسون امام هذه الشركة ولا يطلعون على المارة واجتزت هذه البوابة وأمامي جسر كم27 وهو الجسر المتجه جنوبا الى منطقة الزهراء تحت هذا الجسر بوابة أفرادها من الشباب بعضهم ملثم ، من لم يكن ملثما بدأ في وجوههم بشاشة وسنح ذلك ان أوجه سؤال الى احدهم وهو الأكثر بشاشة حتى اطلع على أفكارهم  ودوافعهم لهذه الحرب

سؤالي : ما الذي حدث هنا ( اعلم ان السؤال ساذج ، ولكن خلفه الإجابة التي اريد الاطلاع عليها ) .

الشاب : حرب ، نحن لا نريد الدروع و ( المليشيات ) نريد جيش وشرطة ودولة منظمة

ثم انطلقت بسيارتي بناءً على طلبهم حتى لا أسبب زحاما ونظرت يميناً حيث معسكر كم27  فكانت هيئته ركاما . صرعه حطاماً . وجاهدت النظر في عدة اتجاهات مخفضا من سرعة السيارة ، وحقيقة لم ارى ما يشاع من رايات للقذافي وأقوال داعمة لعهد القذافي  ، الرجل الذي يتبعني صف سيارته خلف سيارتي يتبعني ، وأصبح الامر طريفا ، خفف عني بعض التوتر فالطريق تثير الهواجس وتنبض بالأخطار ، لقد احببت تتبع هذا الرجل لي لانه شغلني بهدف نبيل وهو ان اسلك به هذه الطريق حتى يبلغ مكانه ، تندفع السيارة تخترق  عبر الطريق المكان . ، تسابق الزمان ، الزمان البائس للخروج من هذه الطريق الخالية التى حاذتها بيوت ومباني شبه مهجورة سكنت سكون المقابر دفن فيها الروع والفزع ودخلت الى منطقة صياد وفي منتصف منطقة صياد ينفجر دوي القذائف واذا بسيارة عائدة من الطريق المتجه شرقا تعاكس سيري ، ومض صاحبها أضواء السيارة ليقف عندي .

قائلا : حرب ..حرب ارجع او ادخل يميناً

 وانعطفت يميناً الى داخل الأحياء السكنية بصياد وتبعني الذي يتبعني ، اتجهت عبر الطريق الرئيسية في داخل صياد والى عند مدرسة صياد الثانوية هناك شباب مسلح يوجه السيارات باتجاه طريق الحشان وسرت حسب توجيههم حتى وصلت الى شباب اخر مسلح قبل منطقة الحشان  يوجه هو الاخر السيارات عبر طريق ريفية توصل الى عند منطقة المشاشطة ، جنزور ، في وسط الطريق شباب من أهالي المنطقة يهبون المارة قوارير الماء العذب البارد   واتجهت عبر الطريق ودخلت الى منطقة جنزور وعبر الطريق الدائري جنزور ، توجهت شرقا ، منطقة جنزور ، تعيش حياتها رغم القصف المجنون المشوش بخلاف المناطق التى مررت بها وان كانت حياة غير كاملة دكاكين مفتوحة وأخرى مقفلة  ومنازل نوافذها مفتوحة دلالة على وجود سكانها ومنازل نوافذها مقفلة دلالة على هجر سكانها ، حياة الناس عادية في منطقة جنزور هناك تجول للسيارات وتجول للمشاة ،  أردت الانعطاف بسيارتي الى حيث منطقة سيدي عبد الجليل وذلك لقضاء شان اجتماعي وقبل الانعطاف أشرت  للرجل الذي يتبعني حتى يتوقف وتوقف  ونزلت اليه  حتى ادله الى الطريق ، كان الرجل يقصد منطقة السراج  ولا يعرف المنطقة الغربية نزح هو وعائلته الى منطقة العجيلات حسب ماذكر لي وترك عائلته النازحة وهو عائدا لوحده للاطمئنان على بيته لانه سمع ان هناك سطو على البيوت التى نزح سكانها وذكر لي انه تبعني تخمينا بأنني ذاهب الى طرابلس وانه لايعرف الطريق جيدا  وقد دللته على الطريق  وسألت له السلامة ورحل .

قضيت شأن اجتماعي في منطقة سيدي عبد الجليل وعدت من حيث أتيت ، في الطريق بيني وغروب الشمس دقائق فكنت اندفع مسرعا حتى اجتاز وقت الغروب وانا في هذه الأماكن ، لم يكن يقلقني دوي القذائف الذي يصدم الأسماع بقدر ما أقلقتني السيارات التى أمامي في منطقة جنزور وهى تسير على مهل في هذه الأماكن التى هى مرمى نيران القتلة وعند وصولي الى بوابة فيها شباب مسلح وجهت الى طريق اخر غير الطريق الذي أتيت منه فسرت عبر منطقة صياد وحتى وصولي منطقة السهل الأخضر التابعة لمنطقة صياد ، حدث أمامي مشهد لم افهمه ، حير فهمي  ، مجموعة مسلحة بدأ لي انهم مختلفون عن الذين وجدتهم منذ قليل او الذين وجدتهم  اثناء ذهابي ، أفراد هذه المجموعة ملامحهم تنضح شرا . وتنبض ضرا . وكأنهم قطاع طرق ، كانوا منهمكين في سيارة شاب من المارة بدأ انهم أنزلوه منها وفتحوا ابوابها يبحثون ما يسرقون او ربما هم من المقاتلين ولكن أرجح انهم قطاع طرق من ملامحهم ومن إنزال راكب السيارة والتوغل فيها لوحدهم لتفتيشها ، لذلك الحذر ، عند عبور هذه المناطق فعصابات السطو والسرقة  تستغل أوضاع الحرب ونزوح العائلات للسطو ولكن الذي يدعو للاطمئنان هم بعض أهالي هذه المناطق الذين يقدمون قوارير الماء البارد العذب ويدلون عابري السبيل بكل ود الى الطرقات الآمنة  هذا ما رايته في الطريق التى مررت بها تحديدا اما باقي الطرقات وماهو وراء الأشجار والمباني حيث لم يبلغ بصري فان الله اعلم به والحمد لله ، ليبيا بقدر ما فيها أشرار فيها أخيار ، لك الله ياليبيا لك الله يا شعب ليبيا .

مقالات ذات علاقة

الشاعر والحرب

سالم العوكلي

رمضان الأفريقي

فاطمة غندور

أمرّ من الحرمان

المشرف العام

اترك تعليق