سعاد الشويهدي من جيل الفنانين التشكيليين الشباب، تحاول عبر الألوان والخطوط البحث عن عمق الأشياء من حولها، تعيش لوحاتها حالة ترقب وخوف. تمارس التشكيل كتعبير عن الحياة بكل ابعادها، وسيلة للتلصص على داخلها وطرحه على المساحة البيضاء بتناقضاته. وبسؤالنا ماهي المساحة التي تحتلها لوحاتك في حياتك قالت:”لوحتي التشكيلية هي ما يحدث في اللوحة نفسها. أي الدخول في حالة انفصال عن العالم الخارجي، هي قمة في النقاء، هذا الانفصال وسيلتى للتلـصص على انعكاس هذا العالم في داخلي من محراب الروح والادراك والتجلي”. وعن رأيها فيما يقال بأن اللوحة التشكيلية تجسد انفعالات الفنان كإنسان ومدى تفاعل لوحاته مع العالم الخارجي أجابت الفنانة سعاد الشويهدي: “التناقض والازدواجية في حياتنا السياسية، والاجتماعية، والفكرية، لها انعكاسات تشغل الفنان وتؤرقه، خاصة عندما يعكس المنظر حالة ترقب وخوف وقلق، وكأن الفنان يقرأ الافق أو يتنبأ بالقادم غيبا، ويعيش الخوف بديلا عن الآخرين، حتى لو كان خارج نطاق التجربة الشخصية”، وأضافت الشويهدي: “أؤمن بالفن للفن، وبرأيي الفن بصفة عامة ملتزم بقضايا الحياة”.
التشكيلي والفنون
تقول الفنانة سعاد الشويهدي: “قد يكون الدافع للبدء في انجاز لوحتي التشكيلية ميل فطري أو البحث عن أفق للتنفيس أو ربما الشغف الذي يقود الانسان لتحقيق حلمه والذي يحول سطح اللوحة إلى رقعة أكثر فسحة من السماء، حيث لا قيود ولا عناوين، ولا شيء مفروض أو مخطط له مسبقا، سوى البدء في انجاز اللوحة وبالتالي الانطلاق إلى الحرية مباشرة أو التورط في الحرية ذاتها”، وتضيف: “من الضروري للفنان التشكيلي ان يكون مطلع على فنون السينما والمسرح والرواية والشعر، والخوض في محصلة تجارب حياتية لا أول لها ولا آخر، واجترارها جميعا لينسج بنية فكرية وفلسفية وجمالية تنعكس ظلالها على ابداعاته، وسبب ثراء انتاجه الفني، ليس هذا وحسب، بل تنعكس على رقى شخصيته وتعاملاته على المستوى الانساني والحضاري”.
متعة المشاهدة
وعن مهمة الفنان في تحقيق متعة المشاهدة للمتلقي قالت:”هذا إذا قلنا ان الصدمة، والانبهار، والاستفزاز، يساهموا فى تحفيز المتعة لدى المشاهد…اقول نعم”، وأضافت الفنانة سعاد الشويهدي: “ليست الغاية من العمل الفني انتاج شيء فقط، وإنما وضع المتلقي في حالة تأمل وتفكير وحيرة، واحيانًا عدم إيجاد اجابات حاسمة ودقيقة، هنا يكون المتلقي مشارك وجزء لا ينفصل عن العمل الفني، لان المشهد الفني عندها يكون قد تكامل باستحضار الجانب الروحي والتفاعلي في هذه العلاقة، وبالتالي المتلقي يساهم في انجاز العمل الفني بدلاً من استهلاكه فقط”.
تنتمي لوحات الفنانة سعاد الشويهدي للمدرسة التعبيرية. فهل تمنحها هذه المدرسة حرية أكبر للتعبير فكان ردها: “نوعا ما. التعبيرية ثورة في الخيال غايتها إطلاق حرية التعبير الفني باختيار الاشكال الملائمة كوسيلة لهذا التعبير، وهي تنبع من انفعال باطني (أي تأثرك بحدث أو بشيء ما وانفعالك به) استعمل فيها الالوان الصارخة والخطوط القوية، فالفنان لا يصف أشياء، وإنما يعبر عن معان نفسية أَو ذهنية”.
الألوان والحزن
وعن علاقتها بالألوان قالت الفنانة سعاد الشويهدي: “اللوحة تبدأ بكيفية التركيب الاسلوبي وصولا ً إلى التركيب الفلسفي القابع وراءها، واللون فلسفة اللوحة، تمنحه نفسك، فيمنحك نفسه”، وأضافت الشويهدي: “الفنان التشكيلي مثل الشاعر، يحمل الحس والوهم والتخييل، وهو يعتمد على اللغة اللونية أو النص الصباغي، وأيضا مثل الشاعر ليس بمقدوره ان يشرح، وكلاهما لا يسمي الأشياء بأسمائها. الأول يمتلك قوانين اللون، والآخر يمتلك قوانين اللغة. اللون الأصفر مثلاً هو عندي نص كامل للأمل، كما في لوحة عنونتها بــ ( أمل) لوجود مربع صغير ضئيل أصفر اللون محشور بين أشياء مشوهة”.
اللوحة إيقاع ملحمي
يؤخذ على لوحات التشكيلية سعاد الشويهدي علاقتها بالحزن والغموض فأوضحت: “أحيانا الحزن والغموض ولادة لعمل فني، لهذا لا يرى المتلقي في لوحاتي سلبية وإنما ألوانـاً، لست سوداوية بطبعي ولكن ما يحدث حولنا يقود إلى مشاعر مقتضبة”، وتضيف الشويهدي: ” في مجتمعاتنا العربية أحيانا افكر ان الإنسان السعيد هو الكائن الخرافي وليس الغول كما تذكر خرافاتنا العربية، وهذا ليس غضب أو عدم رضا شخصي، إنما تعبير عن عدم رضا جماعي أو قومي، وهكذا هو الإنسان، قد تزورنا لحظات فرح لا ندرك كنهها تُنعش أرواحنا، وعلى النقيض قد نغرق في حزن غير مبرر، والفنان إنسان قبل ان يكون فنانا ويسكب خليط أحزانه وأفراحه وتجاربه على اللوحة. الغموض في اللوحة موسيقى خاصة، وأحيانا يشكل مكمن قوتها، ويبعث على الدهشة”.
في لوحات التشكيلية سعاد الشويهدي بشر يتحركون ويملؤون اللوحة ضجيج فقالت: “الشخوص والكتل البشرية المتحصنة ببعضها البعض فى ايقاع ملحمي، فى اللوحة، منظر يعكس حالة الخوف والقلق والترقب، ما هو الا الحس العالي داخل الأنثى، حيث يمتزج الداخل والخارج فى رؤيتها الإنسانية ليس كشخص أو رمز للأنوثة، بل كرمز للحياة والكون والوجود”، وأضافت الشويهدي:” لوحاتي تعبر عن الأنثى بداخلي، فيها صراخ أبكم، وأمكنة الفرح مغتصبة، وأتساءل! كيف يبدون في الداخل؟”.
_____________________________
عن موقع الكتابة الثقافي