تشكيل

تفصيل صغير من عمل كبير.. التليسي..للجدارية التي شيدّها لليبيا.. باحتها الخلفية

بعد ان وثق “مرعي التليسي” ليبيا تشكيلياً، وبواقعية منقطعة النظير، اشتغل عمره كاملا معتكفا على أصغر تفاصيلها، لإظهارها على حقيقتها مكتملة الهيبة والبهاء.

من أعمال التشكيلي مرعي التليسي

(أن تنقل الشجرة عمل كبير)، لكن أن تنقل جذورها فهذا اسمه عطاء.. جدوى.. استمرار.. ثمار، باختزال أكثر(حياة) وهذا ما فعله “مرعي التليسي” بواقعتيه المثيرة للدهشة وبامتياز كبير وعلى طوال اكثر من عقد من العطاء.
بعد هذا الأداء جلس “مرعي” ليستريح.. لم يذهب بعيدا فقط جلس في فنائه الكبير خلف جداريته العظيمة التي رفعها لليبيا والتي علق عليها اغلب اعماله لها ولأجلها.

كان يبحث عن بعد ثاني لهذه الواقعية، وبطريقته دون أن يستعين بمدارس التشكيل الأخرى (والتي يتقنها حرفياً وتقنياً) احتاج فقط لريشته ومدونة ألوانه والمبدع الكبير الذي هو عليه، كي يرسم شجرة اخرى، يكون “التليسي” نفسه جذورها وتكون أسئلته وارف طلالها وغزير واوراقها.

 لم يفعل “التليسي” الكثير حينها، وقف من جلسته تلك ومزق قماشة لوحاته ليكشف لنا عن باحته الخلفية، هناك حيث طائرات الورق والحمائم تخفق بأجنحتها، هناك حيث أسئلة الأطفال ونظراتهم المشعة بالحزن والأمل.. نهم فضولهم وطائراتهم الورقية.

خرج “مرعي” حينها عن المحترف الذي تعودنا عليها ترك مدرسته لفترة والتي انشائها كجدارية لنا ولغاليته التي أحبها ليبيا و(التي يبكي نزفها الان) لكي يعلن لنا عن أحلامه الطائرة عن الطفل الذي خبائه طويلا خلف نقشه المحترف والازميل الذي بيديه فقط لكي لا يؤذيه.

على مر تاريخها، كانت ليبيا تملك تشكيليها الكبار و”التليسي” وأعماله العظيمة التي نعرفها والأخرى التي أسهبنا في الحديث عنها في هذا (التفصيل الصغير) والتي سنعرض مشاهدات منها.. تشهد كونه أحد هؤلاء الرواد.. بل هو مؤسسة ومؤسس لجيل جديد.

لن يحتمل “التليسي” هذه الحقيقة فهو شديد الحساسية تجاه من يلمس تواضعه لو بشعرة.. لكن العين التي وثقت جمال ليبيا لن يرحمنا التاريخ إن حاولنا طمسها بغربال.

“التليسي” هذه الفترة كأغلب التشكيليين بليبيا رهين ظروف محنة.. غاليته.. من اعطاها ذهب شبابه (النزف الذي تحدثنا عنه منتصف هذا الكلام والذي يؤدي رهافة حسه وتقطر دمعا له مدامع قلبه) جعله فعلا رهين المحبسين.

ولكن وكي لا ننسى.. أحببت فقط أن أمر على (تفصيل صغير) من أعماله العظيمة والتي اشتغلها “التليسي” على فترات مقتطعة ترك فيها لفترات ادوات نقشه وازميله بباحته الخلفية ليطلق لنا أحلامه والطفل الذي بداخله حمائم تطيير وطائرات ورقية. وليطلق الاطفال خلفها.. نظراتهم ونهم فضولهم.

_____________________________

شارح

الصور المرفقة لـ(التفصيل التشكيلي الصغير) الذي همنّا بهذا المقتطف.. مرفقة بعمل واقعي من خوالد ليبيا لـ(مرعي التليسي).

مقالات ذات علاقة

حدائق البهجة

ناصر سالم المقرحي

فنان في الظل 

المشرف العام

عبدالرزاق الرياني يوثق الذاكرة ويعيد إحياءها بأدق التفاصيل

عدنان بشير معيتيق

اترك تعليق