المقالة

 يحيا الوطن بأبنائه

 ان بلادنا ليبيا العزيزة ليبيا عرفت في كل العالم كدولة حضارية اتسمت بالتنوير والتسامح والسلام، تتضمن بداخلها مجتمع مدني متحضر اساسه الصدق والحقيقة والصراحة والوضوح واحترام الآخرين وانتهاج الى العلاقات تجاه شعوب العالم عامة والجيران خاصة، والكفاح من أجل لقمة العيش الكريمة والشريفة. والشعب الليبي شعب مسالم يعرف حدوده وحقوقه وواجباته، وهو شعب يستحق التقدير والامتنان لما كان له من دور بناء وايجابي ورائد في بلده ومع دول الجوار، حيث كانت ليبيا ولاتزال بأدن الله مركز اشعاع حضاري وثقافي وتعليمي. ان دور ليبيا والمواطن الليبي بالتحديد لم يتوقف ولم ولن يتراجع في مساهمة البناء والتشييد في شتي المجالات ان فتحت له الفرصة، فالمواطن الليبي ساهم بكل طاقاته وامكاناته، ولايزال يساهم اليوم بكل طاقاته وامكاناته في بناء حضارة مشعة ومتنورة تحترم الانسان وحقوق الانسان. وازاء شعب كهذا بذل كل التضحيات الكبيرة والكثيرة فانه من الوطن، ملجأ القلب والروح، والملاذ الآمن الذي يضمّ أبناءه ويصون كرامتهم وعزتهم، ويمنعهم من ذل التشرّد والحاجة؛ فالوطن أكبر من مجرد المساكن والبيوت والشوارع، بل هو الأهل والجيران والأصدقاء والاقارب والاحباب، وهو المكان الذي تسكن إليه النفس، وترتاح وتهدأ، وهو أولى الأماكن بالحب والحنين، فحب الوطن بالفطرة، وليس تصنّعاً ولا تمثيلاً. لأنّ الوطن أكبر من كل شيء، فحمايته واجبٌ على جميع أبنائه، فهو أغلى من الروح والدماء والأبناء، لأن الإنسان لا يستطيع العيش دون وطنٍ يحفظ له كرامته وهيبته، ويقيه من الهوان والضياع، حتى أن حب الوطن ممتدٌ من الإيمان بالله تعالى، والوقوف في وجه كلّ من يحاول النيل منه، وتخريبه، وإيقاع الدمار فيه، وجعل جزاء من يموت في سبيل الوطن، جنةً عرضها السماوات والأرض. على مرّ التاريخ، كان حب الوطن هو الأساس، فكم من دولٍ فقدت الآلاف من أبنائها دفاعاً عن الوطن، وكم من الممالك قامت وتطورت بفعل سواعد رجاله ونسائها؛ لأنّ الوضع الطبيعي في الحياة أن يكون للإنسان وطنٌ ينتمي إليه، يعيش فيه بعزةٍ، ويموت ويُدفن في ترابه، فتراب الوطن ليس كتراب الغربة، وسماء الوطن أكثر رحابةً من سماء البلاد الغريبة. من واجب جميع الآباء والمربين، أن ينشؤوا جيلاً يحب الوطن، وينتمي إليه، ويستميت بالدفاع عنه، فبناء الوطن وعمارته يكون بأشكالٍ كثيرة، بالعلم والعمل، والدراسة؛ فالطبيب يخدم وطنه، والمهندس والجندي والحارس والشرطي ومثلما تفعل الأمهات أيضاً، ورجال الدين، والقضاة والمحامين، وحتى عمال النظافة، والصانعين، والطهاة، والمزارعين؛ هؤلاء جميعهم جزءٌ لا يتجزأ من الوطن، ولا يقوم إلا بهم، وبسواعدهم، وتكاتفهم، وحرصهم على إتقان أعمالهم لوضع الوطن في الصف الأول في كل شيء، فالأوطان المحظوظة، تلك التي يحرص أبناؤها على تنمية جميع الميادين فيها، من صناعة، وتجارة، وتعليم، وصحة، وسياسة، واقتصاد؛ لأنّ رفعة الوطن تعني رفعتهم. ربما لم يذكر الشعر والأدب مفردةً مثلما ذكر الوطن، ففيه تحلو الأغنيات، وله تتزين الكلمات؛ فالفخر بالوطن يزيد الإنسان رفعةً، ويرفع شأنه؛ لأنّ الانتماء يعني الوفاء والإخلاص، ومن لا يخلص لوطنه، فلن يخلص لأي شيء، ومن لم يكن خيره لوطنه فلا خير فيه، وشكرا لكل مخلصٍ ولكل العيون الساهرة لتحرس كل مواطن وكل من يساهم لبناء الحرية، ليرفعوا الرايات، والبنيان، في سماء الوطن وعيونهم تنظر النصر عند الأفق القريب .

ويحيا الوطن ………… بأبنائه.

يوم الخميس 10/2/11/2016م

 

مقالات ذات علاقة

إثمٌ دينيٌّ قوميٌّ

عبدالمنعم المحجوب

المُوَاطَنَةُ فِي الدَّوْلَةِ الحَدِيثَةِ

خالد السحاتي

الهياكل الشعرية

نورالدين سعيد

اترك تعليق