من أعمال التشكيلية ريم جبريل
قصة

يحيا “ارجوبه”

>
كتبت منذ الصغر.
كتبت كثيرا وطويلا.
وحققت نجاحاً لم أكن أصبو إليه أو أتوقعه.
ودخلت عالم المشاهير دونما تخطيط..
انهالت علي الدعوات لحضور ندوة ثقافية أو الحديث في التلفزيون أو لحضور معرض. وعند كل خطوة نجاح كنت أدعو الله كثيرا وأشكره على ما حققت.
كنت أشكر الله كثيرا .
و لكني كنت أيضا وبحرارة أشكر في كل دعاء “عاشور إرجوبة”.
 فهذا الشخص أدين له بنجاحي أكثر من أي إنسان أخر.
وعاشور لم يكن أستاذا للغة العربية … لا …و لم يكن حتى من المثقفين..
ولم يكن مصدر الهام لي بل لأكون صريحا معكم لم أكن في صباي ابغض وأحقد على إنسان كما كنت اكره وأبغض عاشور.
وحتى يتسنى لكم معرفة أسباب شعوري هذا فلنبدأ…..من البداية.
ولدت في أسرة صغيرة الحجم.
لم يكن هناك سوى أبي و أمي وأختا لي. إي لم يكن لي أخوة اكبر مني.
وكان أبي مهاجرا من قرية صغيرة تبعد كثيرا عن مدينتنا.ولأنه لم يكن لنا أقارب فقد نشأت وحيدا. ولأنني مللت البيت فقد كنت أتطلع للشارع كمتنفس. فخرجت كعادة أقراني….فوجدت كل ما كنت احلم به. اللعب والجري والمرح والرياضة ……..ووجدت عاشور إرجوبه.
كان عاشور من طينة أخري. فهو يأتي من بيت ملئ بالأطفال والصراخ والمشاكل. ولأنه كان اكبر سنا وأضخم حجما. فقد قرر أن أكون المتنفس له من ضيق البيت وتعثر الدراسة. وبدأ عذابي معه. فقد مارس معي كل أنواع الهيمنة والإذلال والألم.
جربت كل الطرق معه. الاستلطاف الاستجداء و المقاومة.
كنت أخشى أن اُبلغ أبي فيمنعني من الخروج إلى الشارع. حتى آتى يوم لم استطع أن أخفي الأمر. فقد رجعت إلى البيت بعيون متورمة وملابس ممزقة. و كان رد أبي أن وجه حديثه إلى أمي قائلا:
” لقد قلت لك من البداية أن الخروج إلى الشارع لن يجلب لنا سوى المصائب. تذكري أننا غرباء ووحيدين في هذه المدينة”……
ثم أصدر فرمانه بصوت حاسم…….
“لن يخرج ابنك سوى للمدرسة أو معي.”
اختنق عالمي وتقلص.
لم اعد أجد من وسيلة لترويح النفس سوى الانكباب على قراءة كل ما تقع عليه يداي: مجلات، قصص، روايات.وشيئا فشيئا بدأت قصة الكتابة لدي.
كانت محاولات….
….تحولت إلى عادة…..
…………….ثم نمت إلى حرفة.
حققت فيها نجاحا طاف بي دول العالم وأعطاني الكثير الكثير.
لذا أجد نفسي عند نهاية كل صلاة أتوجه بالشكر إلى الله وبالدعاء له بأن يلطف بعبادة ويختص برحمته عاشور ويطلق سراحه بعد إن طالت غيبته في أحد السجون.

مقالات ذات علاقة

صاحبة الثريد

محمد دربي

البطاقة الشخصية … والحصان الميت!!!

عطية الأوجلي

خجل

رشاد علوه

اترك تعليق