المقالة

ويصطاد السمك

الصياد الأكاكوسي العنيد وفي جنته الأولى (العصر المطير) ظل يعيش ولآلاف السنين ملتقطاً للثمار فقطوفها كانت دانية.. لقد كانت الغابة البكر بنباتاتها وزهورها وأعشابها تمده بكل شئ.. كان متسلقاً ماهراً للاشجار وكان عداءً سريعاً.. كان العدو سلاحه المهم ضد الأخطار.. كان يعيش وفق قوانين بيئته وحسب ما تمنحه له قدراته الجسدية التي ييمتلكها وأيضاً تمتلكه.


بالصيد خطا إنسان الأكاكوس خطوته الأولى باتجاه حضارته وفرض نواميسه على بيئته .. الصيد ليس اختراعاً إنسانياً كما نعرف لقد تعلمه الإنسان من رفاقه الذين يشاركونه فضاء الغابة.. فلقد كان عليه أن يصطاد الوحوش التي تهدد وجوده دفاعاً عن هذا الوجود.. بدا الصيد دفاعاً عن البقاء.. ثم تحول إلى حرفة لها تقاليدها وأنظمتها وطقوسها وفنونها.. إن ملتقط الثمار لا يترك لنا شيئاً من آثاره هنا.. أما الصياد ومن ثم الراعي فإن آثار الأكاكوس وجاراتها ترجع بكاملها لهما.. الصيد والرعي أنتجا رقوش وجدارييات الأكاكوس.. إن الرسم الضخم (أسطورة نزيف الحجر” بالمتخندوش , تذكرنا بالطوطم والعبادات القديمة التي كانت نتاج الصياد الراعي.


التمساح فقط من بين كل الأحياء المائية يظهر في رقوش الأكاكوس وكذلك في رقوش ترهونة ويختفى من جداريات الرسم داخل الكهوف.. ولكن ما عثر عليه موري وفريق بحاثة من الليبيين والطليان يشير إلى الرقي الذي بلغه إنسان الأكاكوس في الصيد المائي حيث مئات السنارات المصنوعة من الحجر والتي تبدو في غاية الاتقان تدل على إتقانه لتلك الحرفة وإلى تطور صناعة تتعلق بالصيد البحري.


بحيرات الصحراء الكبرى أو الواوات التي لا زال يقاوم التصحر منها واوات الناموس وأم الماء وأم القرب بالإمكان مشاهدة آثارها في الأكاكوس واضحة رغم اليباس.. لقد كان إنسان أكاكوس يصطاد السمك بالضبط كما كان يصطاد الحيوانات البرية ويدجن بعضها ويرعاها وأيضاً كان يرقش ويرسم ويرقص الكاسكا ووصل إلى الإيمان بالبعث عبر حضارة جرمة.. كل ذلك لايزال حاضراً يقاوم التصحر والنسيان.

مقالات ذات علاقة

الرّوائي وكاتب التَّاريخ

يوسف القويري

أحلام ما بعد الحرب (رؤوس وأبجدية الشوارع)

عدنان بشير معيتيق

ديدان الأرض

عمر أبوالقاسم الككلي

اترك تعليق