شعر

نِدَاءٌ إِلَى جَدِّي

من أعمال التشكيلي صلاح غيث.
من أعمال التشكيلي صلاح غيث. الصورة: عن الفيسبوك.

(1)
هَلْ تَسْمَعُنِي ؟
اِنْتَظِرْنِي فَلَنْ أَتَأَخَرَ كَثِيراً
خُذْنِي إِلَى فِرْدَوْسِك
فَلاَ مَكَانَ لِي هُنَا
اليومُ طَوِيلٌ وَكُلُّهُ بَارِدٌ وَكَئِيبْ
نَهَارُهُ كَالِحٌ كَاللَّيْلْ
وَفَجْرُهُ بِلاَ شُرُوقْ
وَوُجُوهُ البَشَرِ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ وَقَتَرَةْ
وَقُلُوبُهُمْ تَنْبُضُ بِلاَ شُعُورْ.
وَأَنَا كُنْتُ عَلَى مَدَى سِنِّين أُرَدِّدُ نَشِيِّدِي
(عَلَى هَذِهِ الأرْضِ مَا يَسْتَحِقُ الحَيَاة)
زَرَعَها “دَرْوِيشٌ” نَغَماً فِي كَيَانِي وَرَحَلْ
ثُمَّ غَادَرْتَنِي بَعْدَهْ
فَبَقَيْتُ غَرِيباً فِي وَطَنٍ بِلاَ أَمَانْ
تَائِهاً بِلاَ عُنْوَانْ
وَسَطَ حَدِيقَةٍ بِلاَ وُرُودٍ
وَسَفَائِنُ المَجْهُولِ تَمْخُرُ بِلاَ رُبَّانْ


(2)
جَدِّي
هَلْ تَسْمَعُنِي؟
البَحْرُ هَجَرَ شَاطِئَهُ وَغَابْ
وَالوَطَنُ اِسْتَوْلَتْ عَلِيهِ الذِّئَابْ
فَنَامَ القَمَرُ عَلَى غَيْرِ عَادَاتِهِ بِلاَ ضِيَاءْ
وَعَصَافِيرُ الرُّوحِ فَرَّتْ بِأَعْشَاشِهَا
بَعْدَ أَنْ أَرْعَبَهَا عُوُاءُ الكِلاَبْ
وَصَوْتُ القَتْلِ المُدَوِّي عِنْدَ كُلِّ بَابْ.


(3)
خُذْنِي إِلَيْكْ
فَأَطْفَالِي ذَبُلَتْ بَهْجَةُ أَيِامِهِمْ
وَتَصَرَّمَتْ أَحْلاَمُ غَدِهِمْ
وَنَخِيلُ أَرْضِنَا احْتَرَقْ
وَصَامَتْ سَمَاؤُنَا عَنِ المَطَرْ
وَعَواصِفُنَا تَثُورُ بِالأَغْبِرَةِ وَالرَّصَاصْ
رَغِيفُنَا مَعْجُونٌ بِالرُّعْبِ وَالدَّمْ
صَوْتُ عُقُولِنَا صَادَرَهُ البَّارُودْ
فَلَمْ يَعُدْ لِلّحُبِّ مَكَانْ
لَمْ يَعُدْ لِلوَطَنِ مَكَانْ
لَمْ يَعُدْ لِلّحَقِ مَكَانْ
لَمْ يَعُدْ لِلشَّرِيفِ مَكَانْ
لَمْ يَعُدْ لِي وَأَمْثَالِي مَكَانْ
إِلاَّ فِي حُضْنِكَ يَا جَدِّي
فَهَلْ تَسْمَعُنِي؟
وَهَلْ تَأْخُذِنِي؟

مقالات ذات علاقة

يا وجع الحب

مفتاح البركي

كـــفـــر

حسام الوحيشي

لكننا ننجو

المشرف العام

اترك تعليق