الدكتور نجيب الحصادي، والإعلامي علي أحمد سالم.
متابعات

نجيب الحصادي: الفنان يخاطر بمجده حين يوظف فنه في خدمة السلطان

بوابة الوسط

الدكتور نجيب الحصادي، والإعلامي علي أحمد سالم.
الدكتور نجيب الحصادي، والإعلامي علي أحمد سالم.

ألقى الدكتور نجيب الحصادي محاضرة «الفنان والسلطان»، الخميس، بالجامعة الدولية، التي أشرف على تنظيمها نادي أصدقاء اللغة العربية.

واستهل الحصادي بالقول: «سوف أخوض في هذه المحاضرة في مسائل لا براح للجزم فيها، فدعوني أبدي استعدادًا مبدئيًا للتخلي عما أطرح فيها من آراء، إذا استبان عوزها للوجاهة».

وتابع: «وفق تصور سائد، الفن الحقيقي خالد مؤبد، والفن الزائف زائل عابر، وهذا ما جعل فلاسفة اليونان يتحدثون عن ربة الجمال الخالدة، وجعل درويش يسأل الموت: (ألديك وقت لاختبر قصيدتي، لا، ليس هذا الشأن شأنك، أنت مسؤول عن الطيني في البشري، لا عن فعله أو قوله، هزمتك يا موت الفنون جميعها، هزمتك وأفلت من كمائنك الخلود).. ولأن السياسة قلب لا يهدأ لها بال، حول لا يستقر بها حال يبدو أن فرص استيفاء العمل سياسي استحقاقات الفن، وأن الفنان يخاطر بمجده حين يوظف فنه في خدمة السلطان، وأن الأعمال الفنية التي تعبر عن مناسبات سياسية تخسر قيمتها حين يطوي التاريخ صفحتها».

واستفاض قائلًا عن ماهية الفن: «تتأسس علاقة الفني بالثابت والراسخ على تصور يحث قطيعة بين الفني والنفعي، حسب هذا التصور، ثمة مثل أخلاقية يسمو الفن ما التزم بها، ويدنو ما تخلى عنها. ولأن السياسي نفعي بطبيعته، ولأنه يقع في شرك مصالح يستنكف الفن عن تعرضها، تتعمق الهوة بين السياسي والفني لأسباب جوهرية خالصة».

وواصل الحصادي حديثه عن الفن إلى أن تطرق إلى شكوى الفنان من اللغة فقال «هناك إذًا شكوك حول ما إذا كانت اللغة التي يستخدمها المبدع تبلغ مرامه أصلًا، بدلًا من أن ترغمه على قول مالا يرغب في قوله، ثمة تفسخات تحدث للتجربة الشعورية التي يكابدها المبدع حين يقول ما يقول، أولها تفسخ يعتري تكثف الشجن الشعوري حين يتندى فكرة هلامية، وثانيها تفسخ يعتري محتوى الفكرة حيث تتخلق أمشاجها مضغة تتلطخ بالمداد، وثالثها تفسخ يعتري ما تلفظن من أشجان حين تلوكه الألسن. وما يصل في النهاية إلى المتلقي مجرد نسخة شائهة، أصلها متحول وعروتها واهنة، لكن هذا لا يعني أن الأديب لا يعبر عما استشعر من أحاسيس وعواطف جياشة، بل يعبر عما لوثه الفكر منها بتجريده وفتوره وما شابته اللغة بأعرافها وتصنيفاتها، وما عبث به قارئه بغابة وانحيازاه».

أما عن الفنان والسلطان فقال: «ولأنه محتم على الفنان، كأي مثقف أن يصدم بالسلطان خصوصًا إذا زعم السلطان امتلاك الحقيقة، أو عاث في الأرض فسادًا، أو حجر على الناس حقهم في التعبية، فإن جدلية الفنان والسلطان تثير أسئلة سوف تصعب علينا الإجابة عنها ما دمنا نصر على الخلط بين قيم الحق والخير والجمال، هل يلزم الفنان حين يتعامل مع سلطة مستبدة أن يلوذ بصمته فيضحى بتجربته مرة وإلى الأبد (الفاخري مثالًا) لم يلزمه الإفصاح عن إبداعات تثير حفيظة السلطان فيعرض حياته وتجربته لموت محقق (الشلطامي مثال) أو يتخذ من الرمز سبيلًا للظفر بحسنيين، حسني البوح والإبداع وحسني النجاة (أحمد يوسف مثال) أم ترى أن هناك سبيلًا لعقد زواج متعة بين الفنان والسلطان؟».

وعند انتهاء الحصادي من المحاضرة فُتح باب النقاش والأسئلة للحضور، والذي كان يحتوى على عدد كبير من الفنانين والمهتمين بالشأن الثقافي وتدخل الأديب نوري الماقني قائلًا: «نحن بحاجة إلى مثل هذه المحاضرات لطرح رؤى تمس الموضوعة الفنية وصورها المتعددة (الأخلاق ـ الحق ـ العدالة)، كل هذه الأشياء هي نتاج طبيعي وإعادة صياغتها على نحو أخذ وهذا ما أكد عليه الدكتور الحصادي».

وأضاف الماقني قائلًا: «الفن من الصعب إيجاد تعريف له، من الصعب تجديد تصور معين للفن، إلا أنه خارج كل الصياغات فهو متمرد، وهذا الذي تظهره لنا القيم الأخلاقية في نتاج فني معين».

أما الكاتب الفنان سعد العريبي فقال: «اختلطت الأمور عليّ فهل يجب أن يكون الفنان متمردًا؟ إن كانت الإجابة نعم فقد كان الشاعر الفزاني متمردًا، إلا أنه لم يكن خاضعًا للسلطان… وكذلك أسال عن التفسخ، حيث تطرق الحصادي إلى الفكرة والشعور والفكرة على الكلام، إلا أنه ركز على الشكل بعيدًا عن المضمون فهل التفسخ هو التفضيل بين الشكل والمضمون، أم الاهتمام بالشكل فقط؟».

وختامًا قال الحصادي: «عادة لا أجيب إلا كتابة فلن أستطيع الإجابة الآن عن أسئلة الحضور».

مقالات ذات علاقة

جوهر الشارف: المكتبة المصغرة حلم «زوارة» الذي تحقق

المشرف العام

مجمع اللغة يكشف أوهام جولدتسيهر عن المذهب الظاهري

مهنّد سليمان

احتفالية اليوم العالمي للمسرح بطرابلس

إبراهيم حميدان

اترك تعليق