الكاتبة نجوى بن شتوان
متابعات

نجوى بن شتوان.. ملكة ليبية في روما

ككل شاعرة، عجزت القصيدة أن تحتوي كل رؤيتها، فامتطت فرس السرد دون ترك القصيدة في حالها، السرد الشعري المليء بالتفاصيل الصغيرة المشوقة والمعشوقة لدى القراء المتمرسين، المتذوقين لكل جملة أو مشهد. يسمونها الملكة، فلا مجال تدخله إلا وصارت ملكته، ملكة لا تقبل ملكا معها، حتى أن إحدى مجموعاتها القصصية عنوانها (الملكة).

الكاتبة نجوى بن شتوان
الكاتبة نجوى بن شتوان

هي نجوى بن شتوان، الشاعرة والقاصة والروائية والباحثة، صاحبة الإصدارات الإبداعية المتنوعة : المعطف – الماء في سنارتي – وبر الأحصنة – مضمون برتقالي – الملكة – الجدّة صالحة وغيرها.  حازت على عدة جوائز عربية مهمة. نجوى الآن تعيش رحلة إبداعية ودراسية، حيث تشد ت الرحال من ثلاث سنوات إلى بلاد الطليان، مستعمرو ليبيا منذ أيام الرومان وحتى الآن من خلال سيطرتهم الثقافية على الذائقة الليبية سواء في المأكل أو الملبس أو حتى كرة القدم، لتلاحق موضوعا مهما تدرسه كأطروحة دكتوراة، وهو موضوع الرق. غرضها أن تحرر كل العبيد في التاريخ وتنصبهم ملوكاً. سحابة يومها في روما تصرفها في  التسكع الثقافي خاصة في محطة القطارات الرئيسية  روما تيرميني العاجة بكل مخلوقات الكون من كل الأجناس، والمكتظة طوال ال 24 ساعة.

تتحدث نجوى في كتاب لها حول روما تيرميني فتقول: “في محيط التيرميني، تختفي إيطاليا التي توفر المكان، حتى لا يبقى ما هو إيطالي سوى القطارات والمحطة والقهوة والكنترول. تختفي روما ليطل العالم بروائحه المكثفة، وجوه من كل بلاد الدنيا، ولغات، وأذواق، وعوالم سفلية، وثقافات، وأشخاص عابرون، وأشخاص استقروا على عبور سواهم. عوالم في عالم يتحرك باستمرار. وفي الليل يطلق وجهه غير مستعار الجنون ويمتثل لثمالة متعددة الجنسيات، عرب يتسولون الجنس الرخيص من المهاجرات الفقيرات. وآسيويون يسيطرون على حركة البيع على الأرصفة والأكشاك، ومتسولون محتالون، ومغامرون من كل حدب وصوب جذبتهم رفاهية أوروبا، معتقدين أنهم بمجرد دخولها ستبدلهم حياة غير حياتهم من تلقاء نفسها، وليس من تلقاء أنفسهم، وأحلام واهية تحطمت على أرصفة المحطات القاسية، رائحة بول متعدد الأجناس، وأعقاب سجائر ميتة وأخرى تموت.

في شوارع روما تتفرغ لكتابة روايتها وتواصل جولاتها لتقودها إلى زيارة الفاتيكان، تقول الملكة: “عندما وصلت قمة الفاتيكان أذنت أذان المسلمين بصوت خفيف الله أكبر، خفت أن أذن بصوت مرتفع فيظنني السياح انتحارية. وعلى فكرة، أنا بريئة من كل العنف الذي ارتبط بالمتطرفين المحسوبين على الإسلام، خاصة قطع الرؤوس، فالإسلام  دين محبة وسلام وعفو وتكافل اجتماعي ومساواة”، وتضحك  لتواصل كلامها : “لقد دفعت 5 يورو ثمن تذكرة كي أدخل للفاتيكان، ومن هنا لابد أن أجعل زيارتي تستوفي كل معاييرها الثقافية والفنية والرياضية وحتى الدينية ، حقيقة صوت الأذان يطمئن القلب”.

بنت صداقات كثيرة مع الشعب الإيطالي. ترافق صديقتها إلى الكنيسة القريبة من البيت في الأحاد. تستمتع إلى الأناشيد الدينية والتراتيل التعبدية. هي درست اللغة الايطالية في ليبيا قبل أن تشد رحالها إلى بر الطليان، وهناك لم تجد صعوبة في الامتزاج بالمجتمع الايطالي وفهمه.

أحيانا تتأمل في وجوه الطليان، خاصة الجنوبيين، سكان الجزر الإيطالية في المتوسط، فتصرخ داخل نفسها: “يا الهي.. الملامح العربية  بل الليبية القحة موجودة بكثرة. تمازج كبير وشائك في المجتمع الإيطالي. ربما أنا غير معنية بالبحث عن ملامح المنفيين الليبيين في وجوه الطليان اليوم، لكنني مهتمة بسؤال لماذا لم يرجع بعضهم على الأقل عندما صار الرجوع متاحا ؟”.

وحول حياتها كأم تتحدث بحرقة: “أكره الشاعر الذي قال أجمل الأمهات من انتظرت ابنها وعاد مستشهداً. لماذا لا تكون أجمل الأمهات من انتظرته عائدا من مدرسة، من جامعة، من عمل، من بيته مع أطفاله، من صلاته، من إجازته؟ لماذا عليها أن تنتظره ميتاً من أجل لا شيء”.

____________________

نشر بموقع بوابة الوسط

مقالات ذات علاقة

انطلاق فاعليات المعرض الأول للتأليف النسوي الليبي

مهند سليمان

انطلاق أعمال المؤتمر العلمي الدولي الأول للثقافات المحلية في مدينة غريان

مهند سليمان

رحلة البحث عن «روح» ليبيا بين الكتب

المشرف العام

اترك تعليق