تصوير: حسن المتربح.
صامدة تلك الشجرة بالاخضرار، طاهرة كثومة، لم تشِ لي بسرّكِ المكنون، ولا بأريجِ أنفاسكِ، ولا بالنزفِ الهادر من شريانكِ، منسدحة في جذور الأرض الصابرة، يردُ “هلكرد” صدى العتابة، بُحَّ أنين القصب، تجمّدتْ في حنجرتي نداءاتي، أوْمأت لي بهشاشةِ نبضكِ المؤجل، مهدورٌ ذاكَ السواد الملتصق بربْوةٍ معتّقة الشمع، متفرّدة المقامات النهرية، سخيّة الذهول، مغموسة بغديرِ الزعفران، كعبقريةِ المطر وغناء العوسج، مبلّلة بأنداءِ قصيدتي البكر، أنّى لي بأجنحةٍ “القبج” الماردة، تهشّمُ دروبكِ الشاسعة، لأحضنكِ تلقاءها، نقشّرُ معا لحاءها الخالد، نوشّمُ جذعها الأصيل بحكايةٍ تغلغلت في عروق المنافي الشاردة، نقصُّ مشيمة الرهق الأبدي، نضاجع حُلُما خرافي الهوس، حتى ثمالة آخر الصحو، عند خريفنا العذري، نُموْسقُ ملحمة عبقرية الالتئام، نعلّقها عند آخرِ المداءات الفطِنة، نقطف نوتات التماهي، نشذبها فوق أعنّة الغسق البرتقالي اللفتات، نفتّقُ أجِنّة الطهر الأزلي، من رحمِ أخاديد الشوك، نعزف على ركحِ الأرض البعيدة، توْأم الظل المتأمل، في اخضرار الروح العالقة بجسدين، أخْبزي من وجعِ الذاكرة المحنّطة، رغيف يسدُّ جوع الغيْم، الطافح بماء الفرات، نسدُّ شقوق التناقض، المحفورة في جدار النفس المتجلّية للصفاء، يقيني أن التاريخ قد أنبتكِ في مدائني وفي نوافذ انتظاري، روحٌ سابحة في سمائي ..
______________________________________
– هلكرد : أشهر جبل في اقليم كردستان العراق .
– القبج : طائر مشهور بالتحليق عاليا في نفس الاقليم.
