من أعمال التشكيلي محمد الحاراتي
مسرح

من مسرح الطفل.. الطفل والحمامة

مسرحية من أربعة مشاهد

من أعمال التشكيلي محمد الحاراتي
من أعمال التشكيلي محمد الحاراتي

 

المشهد الأول.

فضاء للجلوس والأكل في بيت يشغله أثاث عادي يتكون من كراسي وكنبة وطاولة وبساط متوسط الحجم وخزانة صغيرة ولوحتان معلقتان على الجدار.
في الفضاء قرب الكنبة طفل يلعب بألعابه وسيدة في مقتبل العمر تجلس على الكنبة تشاركه ألعابه،على اليمين باب مغلق أو أكثر وعلى اليسار باب آخر مغلق.
الكنبة ليست في عمق الركح بل قريبة من الجمهور وتواجهه.
سكون لا نسمع فيه إلا صوت خشخشة الألعاب.
السيدة تتبادل مع الطفل حديثا غير مسموع لكننا نسمع خلاله ضحك الطفل.
ضحك الطفل ليس متواصلا،بل نسمعه متقطعا حسبما يثيره فيه حديث السيدة من ضحك،ويترك للسيدة اختيار ما يثير ضحكه من طرائف.
يستمر الحديث وضحك الطفل أكثر من دقيقتين.
فجأة نسمع صوت باب يفتح بقرقعات متوالية.
الصوت ليس لباب عادي.
يتوقف حديث السيدة وضحك الطفل كحد السكين.
السيدة بين الجلوس وبين القيام تنظر نحو باب الدخول ويلوذ الطفل بحضنها.
سكون يستمر دقيقة.
نسمع صوت الباب يغلق بقوة كأنما هو صوت لبوابة سجن قد تجعل المشاهدين ينتفضون.
ينقطع الصوت يعقبه سكون مطبق ويستمر دقيقة،فيما تحافظ السيدة على ترقبها.
نسمع صوت خطوات لحذاء تقيل يقترب.
السيدة تستعد تبعد الطفل عنها برفق والطفل يتشبث بها.
المسافة بين الكنبة وباب الدخول ليست بعيدة إلا بالقدر الذي يمكن للمشاهد أن يتعرف على الخطوات ويحس بتأثيرها.
صوت الخطوات ضاغطا وثقيلا ورتيبا كأنه صوت مشية عسكرية..لا بأس إن كان الصوت مجسما.
الصوت يصبح أقوى كلما اقتربت الخطوات وكأنه يحتوي كل المكان.
الطفل يضم لعبة إلى صدره ومنكمشا على نفسه في الكنبة كأنه يتقي شرا قادما.
تنهض السيدة متثاقلة وكأنها مكرهة في اللحظة التي يتوقف فيها صوت الخطوات ونرى رجلا ضخما وطويلا.
السيدة تذهب إلى الرجل دون حماس.
يقترب الرجل ونكتشف أنه يرتدي ملابس صيد توحي للمشاهد بالملابس العسكرية وعلى رأسه قبعة الصيادين وهي أيضا توحي بالبيريه العسكري.
الرجل يعلق على كتفه بندقية صيد و حمامات بيضاء مقتولة.
البندقية بندقية صيد لكنها تبدو أكبر.
الرجل يمد يده بالحمامات للسيدة والسيدة تتردد قليلا ثم
تأخذها.الرجل يخلع القبعة ويزيح البندقية من على كتفه ويمشي بها خطوات قليلة نحو الخزانة الصغيرة ويسندها عليها.
السيدة تغيب داخل البيت،خلال فترة غيابها نرى الرجل يقترب من الطفل بخطواته الثقيلة الرتيبة حتى نراه على بعد خطوة منه.
الطفل يختلس النظرات إلى حذاء الرجل ويزداد انكماشا على نفسه ويضغط بقوة على سطح الكنبة كأنما يحاول الدخول فيها.
فجأة يقفز كأنه نابض نفر ويسرع متجها نحو الباب الذي غابت خلفه السيدة.أثناء اندفاعه تسقط منه اللعبة.
الرجل يتابعه بنظرات نارية.
الطفل وفي اندفاعه يصطدم بالسيدة العائدة من داخل البيت.
السيدة تحضن الطفل وتنظر نحو الرجل والطفل يلوذ بها ثم يختفي داخل البيت.
الرجل:يتابع الطفل بعينيه ثم يجلس على الكنبة منفرج الساقين يراقب الألعاب المبعثرة بينهما،يركل الألعاب بقدميه وبقوة.
السيدة:تجمع الألعاب المبعثرة.
الرجل:ينظر في الاتجاه الذي ذهب فيه الطفل.
الرجل:ينهض ويتجه إلى داخل البيت حيث دخل الطفل.
السيدة:تمنعه من التقدم،يدفعها،تقاومه ولا تسمح له بالمرور.

إظلام

المشهد الثاني:

الطفل في حجرة نومه نائما،يتحرك ويتقلب،من الواضح أنه يرى حلما مزعجا،نشاركه في الحلم فنرى الحلم في شاشة سينمائية تشكل خلفية وجدارا للحجرة،نرى الطفل من الخلف وكأنه يشاهد صور الجدار الخلفية،في الشاشة نرى أسرابا من حمام يطير في تشكيلات جميلة..بعد دقيقة من متابعة طيران الحمام نسمع طلقات متقطعة من بندقية صيد..نسمع صوت الطلقات مجسما.
يستيقظ الطفل فجأة يواجهنا تختفي الشاشة ويعود الجدار.
الطفل يجلس على سريره منكمشا على نفسه،ينهض ويشعل نور الحجرة،يعود إلى سريره ثم ينهض،يذهب إلى باب حجرته المغلق،يفتحه بهدوء،نتابع نظرات الطفل نراها تتجه إلى حيث الخزانة والبندقية،يخرج ويمشي على رؤوس أصابعه،يصل إلى البندقية ويقف غير بعيد عنها،نسمع معه حركة،يعود مسرعا وعلى رؤوس أصابعه إلى حجرته،في اللحظة التي يدخل فيها حجرته يفتح الباب الآخر ويطل منه وجه الرجل وكأنه يبحث عن شيء،الرجل يغلق الباب ويختفي خلفه.

إظلام

المشهد الثالث:

في الصباح،الأم تهيئ طفلها للذهاب إلى المدرسة،الطفل حزين وشارد الذهن،لا يستجيب لحركات أمه وهي تنسق قيافته.كأنما يمسح دموعا جفت على عينينه،تبعد كفيه عن عينيه،تقبلهما،تنسق شعر رأسه،تفتح حقيبته المدرسية وتتأكد من محتوياتها،تبتسم وتضمه إلى صدرها،تقف كأنما تقول له حان ذهابك إلى المدرسة،الطفل يقبلها،الطفل:يعانقها..يتوجه إلى باب الخروج..يمر بالبندقية..يتوقف قليلا..يتأملها ثم يواصل خطواته ويخرج.

إظلام

المشهد الرابع:

الليلة الثانية.
الحلم:
الطفل في حجرة نومه..يجلس على حافة سريره..ينهض..يطفئ نور الغرفة..يدخل في فراشه..يجذب الغطاء حتى رقبته..يغلق عينيه..يذهب في النوم..سكون لمدة دقيقة..أثناء نومه يرى حلما..يتحول نفس الجدار إلى شاشة كما في المشهد الثاني.. نشارك الطفل حلمه..الطفل نراه نائما ونرى حلمه في نفس الوقت على الشاشة..أثناء أحداث الحلم لا نسمع صوتا على الإطلاق.
على الشاشة نراه مع أطفال آخرين أعمارهم متقاربة،لا يقل العدد عن أربعة،وإذا أراد المخرج أن يكون العدد أكثر فلا بأس.
مشهد الحلم:باب البيت يواجه المشاهد..فجأة نرى الباب يفتح على مصراعيه ويندفع منه مجموعة الأطفال يتقدمهم هو،يقودهم إلى حيث البندقية،يتحلقون حولها،يتشاركون في رفعها،يخرجون بها،نتابعهم وهم يحملونها أشبه ما يكونون بالأظياف..نتابعهم حتى يختلطون بالظلمة ويختفون.
تختفي الشاشة ويعود الجدار ويستيقظ الطفل..يجلس على السرير..ينظر للجدار..يخرج من سريره ويضئ نور الغرفة..
ينظر إلى باب غرفته..سكون..يفتحه مترددا..نتابع عينيه وهما تجولان في فضاء البيت..لا أحد..يخرج حافي القدمين بطيئا..خطواته حذرة وساكنة..يذهب إلى حيث البندقية قرب الخزانة.
يجد الخزانة ولا يجد البندقية..
يعود مسرعا إلى غرفته يكاد يطير فرحا.
يدخل غرفته..يطفئ نورها ويذهب إلى سريره وينام.

المشهد الخامس:

بعد ثواني من نومه نرى الشاشة تعود ونشاهد عليها أسرابا من حمام تحلق في السماء..إن كان التحليق بالحركة البطيئة فإن هذا أفضل.

لا يسدل ستار ويتواصل تحليق الحمام في السماء.

___________________________________________________________________________________

1.على المخرج أن يعطي الاهتمام الأقصى لفترات السكون وصوت الخطوات وباب البيت وملابس الرجل.
2.الطفل ليس أي طفل بل يجب اختياره بدقة ولا يجب الركون إلى أبناء الممثلين أو المخرجين.
3.الجمهور من الأطفال بالدرجة الأولى والمسرحية موجهة إليهم،
4.الركح التقليدي قد لا يكون مناسبا إلا إذا توفر فيه الامتداد الأفقي دون حواجز،ذلك ليكون المهور أقرب ما يكون للمثلين،ولا بأس إن كان واقفا وموزعا،ويمكن للمخرج أن يستغل أي فضاء آخر يساهم في إلغاء الحائط الرابع.
5.لا بأس إذا استعان المخرج في حلم الطفل بلقطات من شريط سينمائي.
6.مراعاة حجم الشاشة التي سيظهر فيها الحلم.
7.صوت الرصاص الذي يسقط الحمام في الحلم يسمع وكأنه صوت مدافع.

مقالات ذات علاقة

الحـجــاب

منصور أبوشناف

مسرحية خيالية

المشرف العام

مشهد أول عن البشر.. ومشهد ثان عن الحجر والشجر

أحمد إبراهيم الفقيه

اترك تعليق