قصة

من سيرة الثأر بالمعروف

هدد -(مرعي راقيله)- أهل الميت الذين جاء لتعزيتهم :

– سأطلق النارعلى الميت إن مرت جنازته من أمام بيتنا . – احتجوا قائلين بوجوه نكده :

– ولكن الشارع شارعه هو أيضاً بصرف النظر عما فعله بك . – لن يمر قال -(م.راقيله )- بصوت أقرب للنباح .

قال بعض الحشد ممن جلبهم الموضوع :

– الميت مات ولابد من دفنه ولا سبيل إلى المقبرة إلا بمروره من أمام بيتك.

– لن يمر يعني لن يمر، أنا حلفت ولن أحنث سأقطع رجليه يعني سأقطعهما إن مر.

– يا رجل وسع بالك وتسامح .

– لولا إني متسامح ما جئت للتعزية لكن هو لا.

– لكنه مات .

– وماذا يعني .

– سيتعفن إن لم يدفن ، سيخرج عليك الدود منه ولن تستطيع صده .

– ليكن ، سأقبل دوده مع ذلك وارفضه هو .

– يا بني يهديك الله دعه يذهب فقط هذه المرة للمقبرة .

– كلا على جثتي ، لن يمر من أمام بيتي يعني لن يمر.

* سادت الفوضى بين ذوي الميت الذين شرعوا يتصايحون ، استند بعض الرجال للحائط بعدما لم يجدوا مكانا يقفون فيه أو يجلسون فالميت أغلق الأبواب والمنافذ واستهلك عزاءه جميع الكراسي وكل ما جيء به من المأكل والمشرب ، كان كل شيء في مأتمه لا يكفي مهما كان كثيراً حتى الكلام عن التسامح .

جاءوا بأكبر الرجال سنا ليقنع -(م.راقيله)- بترك الميت يمر من أمام بيته إلى المقبرة .. قال له الرجل المسن وهو يكاد يقع على وجهه :

– الميت … الميت …. ألم م م م .

ولم يطق -(م .راقيله)- صبراً فزعق رافعاً يده بوجه محدثه :

– ما به فهّمنا ؟ .

مص الشيخ لعابه وكأنه ينفذ :

– م م ما اا ت .

قال -(م.راقيله)- بغضب:

– كلنا سنموت !.

 تدافع الرجال من طريق الرجل الوحيد الذي لم يتكلم في المأتم ولم يجلس على كرسي ولم يأكل ولم يشرب ، حين رأوه يقبل مرهقا وبيده عصا غليظة شق بها طريقه لرأس -(م.راقيله)- فأرداه قتيلاً ، ثم بهدوء وبطء رمى العصا وعاد لتابوته قائلا لهم قبل أن يدخله :

– ما يهني حد حتى في موته ، فتحتلكم الطريق .. توا شيلوني وخلوه ينبح وكان في يده حاجة يديرها .

 شعر الناس أن وضع الجنازة تحسن وصار الشارع شاسعاً وخالياً من المشاكل ، لكن بالنسبة لـ-(م.راقيله)- فلن يمر لقبره إلا بعد عرضه للتشريح ثم العثور له على مكان في المجمدة ريثما يتم استخراج تصريح الدفن ، ثم الحصول على إذن رسمي بالجنازة بسبب إعلان حالة الطوارئ التي ستكون فيها كل الشوارع مقفلة أمام نعش -(م.راقيله)- معنى ذلك أن روحه ستنتظر طويلاً وهي تمسك بالعصا التي قبضت عليها .

* في المقبرة بدأت روح -(م.راقيله)- في البحث عن روح جاره. أدركت من النظرة الأولى للمقبرة أن المهمة لن تكون سهلة (كما كانت في الشارع) بالنظر لكثرة العصي والهروات الناتئة من القبور وازدحام المقبرة بها .

غالبت روح -(م.راقيله)- الشعور بصعوبة المهمة وقررت ألا تتراجع عن شد العصا ودخول الزحام مهما كانت الصعوبات والخسائر.

بنغازي قبل الميلاد 21/3/2008

مقالات ذات علاقة

وخز الضمير

إبراهيم الصادق شيتة

القرابين لا تعود وإن عادت ففي توابيت نصف مقّفلة

البانوسي بن عثمان

حكمة

محمد المسلاتي

اترك تعليق