الشاعر الراحل محمود درويش.
المقالة

محمود درويش فى بنغازي

الشاعر الراحل محمود درويش.
الشاعر الراحل محمود درويش.
الصورة: عن الشبكة.

 

هكذا ابتدا كل شى

وهكذا انتهى كل شى

محمود درويش

حين ولد محمود درويش فى قرية البروه بفلسطين فى الثالث عشر من مارس 1941 كان العالم يشتعل حربا ويلتهب من النار كانت فلسطين تحت الانتداب البريطانى.
ووصلت إلينا الحرب العالمية الثانية وكان أيامها حصار طبرق الشهير قد بدأ ولم ينته الحرب تعني السلاح والموت والقوة الغاشمه والضياع وحين توفي في التاسع من أغسطس 2008 كانت المنطقه تقترب جدا من اندلاع التفتت وانتشار الظلام.

ولد درويش في الربيع وتوفي في الصيف اللهاب وبينهما فصول من الشتاء والخريف والرماد والغربة والاحتلال والاستيطان والاقتراب من حافة الخروج من التاريخ كان شاهدا على الكثير شعرا ونثرا وأحداثٍ توالت ولم تتوقف
أجريت حوارا مطولا مع الصادق النيهوم عام 1970 وحين سألته عن رأيه في حركة الشعر العربى المعاصر أجاب بأن نزار قبانى وعبدالوهاب البياتى قمتان شامختان وأحب أن أضيف إليهما محمود درويش من الأرض المحتلة والشلطامي من ليبيا.

كان درويش قد غادر فلسطينه وأتى إلى القاهرة ليعمل في دار الهلال وينشر نتاجه فى مجلة المصور. كان شعر درويش ونثره وجهين لاينفصلان انتشرت زنابقه ووروده منذ أوراق الزيتون وعاشق من فلسطين وآخر الليل وحبيبتى تنهض من نومها إلى لماذا تركت الحصان وحيدا وسرير الغريبة وبينهما نضال فى الساحات الثقافية والمجلس الوطنى الفلسطينى. كان محمود درويش فلسطين وكانت فلسطين محمود درويش كوفية وعقالا وبيارة برتقال.

فى مارس 1973 في أيام الربيع كان عمره اثنين وثلاثين سنه حضر للمرة الاولى والأخيرة إلى بنغازي للمشاركه في مؤتمر عن الفكر العربي عقد في فندق برنتشي، كنت أيامها عضوا بمجلس إدارة نادي الهلال ولجنته الثقافية، علمت بوجوده سررت كثيرا هذا شاعر المقاومه هذا شاعر فلسطين في بنغازي ذهبت إليه في الفندق كان وحيدا ومتعبا ومحاطا به من بعض الجواسيس حتى عندما يدخل إلى دورة المياه قهوة معه وحديث ثم دعوته بفرح لإحياء أمسية شعرية في نادينا فى اليوم التالي لبى الدعوة بفرح أكثر عدت فرحا إلى النادي تناقلت الخبر مع زملائي أعددنا العدة للأمسية علمت بها بنغازي كلها بنغازي التي تتذوق الشعر مع ملحها وسباخها وانتشر الخبر في أرجائها وظللت في تواصل مع الشاعر الكبير وظلت بنغازى تنتظر الشعر والكلمات والشاعر المقاوم.

وفجأة يرن هاتف النادي وكان المتحدث محافظ المدينة كان ناصريا كما يقول أكثر من عبدالناصر كان أحد ثلاثة كتبوا منشور إبليس ولا إدريس وبكلمات حادة أشار لي بإلغاء الأمسية لأن الشاعر شيوعي أحمر وإذا قررنا إقامتها فسيغلق النادي ويشيلنا إلى دار خالتنا في الكويفيه. ناقشته بأن شيوعيته كما يدعي لا تظهر خلال شعره فهو شاعر إنسان ينتمى إلى قضيته ويقول سجل أنا عربي ألا تذكر ذلك ثم لماذا دعوتموه للفكر العربى قال هذا شأن لايخصك أنا حذرت وأقفل الخط.

حدث ارتباك ماذا أقول للشاعر الكبير ذهبت إليه وأنا أشعر بالخجل والإحباط اعتذرت بأسباب أخرى طرأت على حين غره فهمها وضحك وربت على كتفي وقال خي سالم لاتزعل تعيش وتاكل غيرها وظل وحيدا محاطا بالجواسيس والملاحقة في محافظة يردد محافظها كلام الميثاق أن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية ويعلقها في لافتات تحيط بالمدينة ووسط شوارعها في بلاد تلاحق مناضليها وشعراءها أكثر من إسرائيل.
محمود درويش سلاما فى ذكرى رحيلك.

_______________________

نشر بموقع بوابة الوسط.

مقالات ذات علاقة

“وين ثروة البترول” الحبوني وحِقبة الاستقلال الليبية

محمد دربي

أين ليبيا التي عرفت؟ (31)

المشرف العام

عمر دبوب

منصور أبوشناف

اترك تعليق