الشاعرة حواء القمودي
سيرة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (50)

يااااا علي صدقي عبد القادر ….

ولأن الحكاية ستكون مليئة بالثقوب، تلك الثقوب التي تجيء في متن الحكاية، فإن الطالبة “حواء القمودي الحافي” وحتى كتابة هذه الأسطر، لم تتحصل على تلك الشهادة التي تقول أنها لظروف كثيرة لم تنلْ تلك الورقة التي  تقول أنها اجتازت مرحلة الدراسات الدقيقة (ماجستير)، رغم أنها  قد تسجلت هي وزميلتها حنان كدارستين عند الدكتور “الصيد بو ديب” والذي كان أستاذنا في مادة (مدارس أدبية)، وكان اختياري لشاعر الشباب والحب والوردة الحمراء (علي صدقي عبد القادر) والذي أهديته قصيدة  في أول مجموعة قصائد نشرت لي في مجلة الفصول الأربعة، والتي جعلت لها مدخلا سميّته (قبل القراءة)، و اختارت زميلتي الشاعر (محمد الشلطامي)، وبدأنا مرحلة إعداد خطة الدراسة وكنت مهتمة بصورة المرأة في شعر “علي صدقي”، وذهبت زميلتي لبنغازي والتقت بالشاعر “الشلطامي”.

ولكن لظروف خاصة بالمشرف “د.الصيد”، طلب منا بعد أشهر، البحث عن أستاذ آخر يهتم بإرشادنا والإشراف على مواضيعنا المختارة، فبدأت الرحلة مع الدكتور “محمد مسعود جبران” (رحمه الله) والتقت كلا منا به، وعرضت عليه موضوع دراستها، ولكن كان له رأي في كلا الشاعرين؛  علي صدقي عبد القادر، ومحمد الشلطامي. وطلب منا اختيار شعراء آخرين، وكان تشبثي بالشاعر “علي صدقي” كبيرا، و التقيت بالدكتور “ساسي سعيد”، والذي  كان يحبذ  أن يكون موضوعي في السرد بدلا من الشعر، وأيضا كان إصراري على (شاعر الوردة)، والذي كنت ألتقي به في تلك الفترة ومنحني دواوينه مع إهداء بخطه الأنيق، وقد كانت إجاباته عن أسئلتي تزيد من شغفي بتجربته الشعرية، وأيضا انتبهت لما في تاريخنا الثقافي والسياسي من ثراء، فأن يكون الشاعر “علي صدقي عبد القادر” في مظاهرات وأن تكون قصائده مناشير سياسية، وأن يكتب عنه مراسل مجلة (آخر ساعة)، في أحد أعدادها لعام (1949م)، والشخصيات الرائدة التي كانت في مسار حياته وووو مجلة الرواد والإذاعة وووو، أي تاريخ هذا ومكتبة (مصطفى معروف) وقطع الحلوى التي يشتريها لي الشاعر الطفل بعد كل لقاء من محل الحلويات الذي يفتح على (ميدان الجزائر)، ولقاء مفاجئ بالسيدة حرمه (أم؛ أحلام، وطارق، وأقبال، وتماضر)، من هذه السيدة الجميلة التي مازال جمالها مشرقا رغم مرور السنوات، تركني الشاعر الطفل وظلت هذه السيدة تحكي وووو، حين تذهب لتكمل مشوارها  أبحث عن شاعر الوردة فأجده على مقعد في حديقة الفندق الكبير، أجلس قربه صامتة فيقول:

الشاعر علي صدقي عبدالقادر.
الشاعر علي صدقي عبدالقادر.

على الشاعر أن تكون صورته رومانسية بعيدا عن الواقع، ولم أسأله احتراما لخصوصيته، وأيضا لأن كتاب (الدرجة الصفر للكتابة) لـ”رولان بارت” والذي اعتبر النص الشعري حالة خاصة ندرسها بعيدا عن التأثيرات الخارجية، هذا الكتاب الذي وجدته في مكتبة بيت السيد “نور الدين زاوية” (رحمه الله) والد صديقتي التي درست معي في نظام الانتساب في أعوام (84/87) حين زيارة لبيت والدها وكعادة “حواء” ستفرح حين تجد مكتبة ولابُدّ من التملي في العناوين لتجد ذاك الكتاب الذي تعرفت عليه من خلال قراءاتها في النقد  كشاهد، ولكن ها هو بحجمه الصغير في مكتبة وتطلب الإذن باستعارته وتدخل عالمه المدّوخ، يموت المؤلف ليعيش النص بعيدا عنّه يجترح آليات بقائه أو ينزوي بعيدا، وكانت أول فصول الدراسة معنية بالتاريخ السياسي والثقافي والاقتصادي الذي ولد في أثنائه الشاعر، ولأبدأ بقراءة تاريخ تلك البلاد التي قاومت ولأجمع خيوط حياة ثرية لشاعر يمشي في شوارع طرابلس ويلقي تحية الحب، ويخبرنا أننا سنلتقي بعد ملايين السنين، وهكذا كان إصراري على دراسة الشاعر “علي صدقي عبد القادر”، بينما زميلتي “حنان”  اختارت شاعرا راحلا من سوريا الشقيقة، وذهبت إلى أسرته وجمعت دواوينه ومخطوطة له وكتبت رسالتها وناقشتها، بينما  الطالبة “حواء” التقت بالدكتور “محمد وريث”، وأغلبنا يعرف ذاك المكتب المكتظ وصديقنا الدكتور “وريث” مخفي بين أكوام الكتب والصحف (والذي من هاتف مكتبه عام 2000م، اتصلت بالدكتور “عبد الإله الصائغ”  وبعثت له عبر الفاكس رسالة).

إذا كانت بداية جديدة وجلسات حتى أتممنا خطة البحث، وذهبت لقسم الدراسات العليا، ولكن الحجة كانت أن الدكتور “وربث” لا يعمل معهم بالجامعة، ويجب أن يكون المشرف من أساتذتها، وفي ذلك الوقت كان الدكتور “نوري شرينة” (رحمه الله) هو رئيس قسم الدراسات العليا، ولأني كنت ألتقي بالدكتور “عبد المولى البغدادي”، بل وحظيت بالاطلاع على رسالته الهامة عن الشعر الليبي وكتبت منها الكثير من المعلومات (وبعد شهر عدت لمكتبة جامعة الفاتح للاطلاع عليها فلم أجدها)، وعرف الدكتور “البغدادي” بقصتي، وبدأت مرحلة جديدة بعد أن غيرت عنوان الرسالة إلى (صورة المرأة في الشعر الليبي الحديث/ علي صدقي عبد القادر نموذجا)، وووو، لكن  اللجنة العلمية في قسم الدراسات العليا، قررت في اجتماع لها بعد أنها هي من يحق لها اختيار مشرف علي الطالبة، وهكذا تعرفت على الدكتور  “أحمد بوحجر” (حفظه الله)، وبدأت الرحلة في النصف الثاني من العام 2000م، وبعد انضمامي لأسرة (مجلة البيت) وبعد ندوة (الكتابة النسائية في ليبيا)، سجلت رسالتي مع “د.بوحجر” وكنت أجمّع دواوين الشعر الليبي التي اقترحت فترتها من 1979/1950م، وهي فترة خصبة، وكان مكتب الاستاذ “عبد الله مليطان” في مجلة الإذاعة في شارع (عمر المختار) كان ذاك المكتب الذي حظيت فيه باللقاء مع دواوين الشعر الليبي، فصديقنا “عبدالله مليطان” لم يبخل بتزويدي بهذه الثروة الشعرية، وكان عملي في (مجلة البيت) محررة صحافية وانشغالي بذاك العالم الصحفي الصاخب الذي أخوض غماره بشكل مباشر ويومي، ولكن كنت أذهب لمشرفي وأطلعه على ماجدّ من عملي، وبعد مرور أشهر طلب مني أن أقدم فصلا من هذه الدراسة، ولكن ….

ذات يوم في عام 2001م، ذهبت لمكتبه فلم أجده، فذهبت لمكتب رئيس الدراسات العليا الدكتور “مصطفي الباجقني” (رحمه الله)، والذي أخبرني أن مشرفي قدم تقريرا في اجتماع اللجنة العلمية و أنني لم أقدم شيئا ووو، تخلى عن الإشراف على طالبة كسولة، وطلبت من الدكتور “الباجقني” أن  آخذ صورة عن هذا التقرير فقال: هذا خاص باللجنة العلمية.. وقدمت تظلما لرئيس الدراسات العليا آنذاك.. ولكن لا بأس يا “حواء”….

عليك أن تعترفي أنك الملومة والمسئولة، وأن طريقة تفكيرك كانت مغلقة، لكنت اخترت موضوعا آخر في السرد وخاصة عن أحد المبدعات الرائعات اللواتي التقيت بهن في ندوة الكتابة النسائية في مايو 2000م.

وهكذا انتهت حكايتي مع الدراسات العليا، وها أنا في إجازة بدون مرتب بعد رحلة طويلة في سلك التعليم، وليس لنا ضمان صحي ولا أعرف ماهي حقوقي، فكلما فتحت ملفي وجدت ما يثبت أني شاركت في تصحيح امتحانات الدور الأول والثاني في الشهادة الإعدادية، وأيضا في كثير من المسابقات الثقافية والمنهجية، وكل ذلك دون حقوق.

فجر السبت: 2020/7/4

ومازال مؤذن يقول: صلّوا في رحالكم
وصوت مؤذن آخر: صلّوا في بيوتكم …

مقالات ذات علاقة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (43)

حواء القمودي

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (51)

حواء القمودي

مؤلفات المصراتي

المشرف العام

اترك تعليق