من أعمال الفنان محمد الشريف.
قصة

قـلـــــــــــق

(لقد جُبلنا من نفس المادة التي تصنع منها الرؤى والأحلام)

وليم شكسبير (العاصفة)

Mohammad_Esharif (4)

(1)

مشينا في طريق مسقوف بأوراق الهوى ورياح الخريف الغربية التي تكنسها أمامها وتطاردها، ومزدحم بأعشاش النوارس والفراشات الملونة وأقواس قزح، في نهايته مئذنة مغربية أندلسية مربعة يقف فوقها غراب داكن السواد يرنو نحو العاصفة القادمة.. ربما كان قد حلم أو تنبأ بها.. !!

(2)

استمعنا إلى اصوات النوارس وهي تتبادل الاتهامات حول من وضع بيض نعام أو أفاعي في أعشاشها، ومن الذي حشد العقارب لكي تتظاهر ضد موج البحر الذي حاول غسل سمّها وتركِها دون عمل.. ودون أي سبب واضح أو مفهوم.

(3)

سَرَت إشاعة في طول الشارع وعرضه، أن قتلة القتيل المجهول الهوية، الذي وجدت جثته على شاطئ البحر، هم عابرو سبيل جاءت بهم موجة عابرة، وأنه يمكن أن يكون القاتل هو البحر نفسه.. الذي أوعز إلى بعض أمواجه بارتكاب الجريمة.

(4)

ـ أين كنت يا عبد الله.. ؟! بحثنا عنك طويلا.. ترى هل رأيت القتيل.. ؟

ـ لا.. رأيت فيما يرى النائم شبَحَه ليلة أمس.. وقد كشف لي عن قاتِلِه في الحلم.. ولكنني فور أن استيقظت..

نسيت.. !!

(5)

ـ ولكنه لم يكن قتيلا واحدا.. إنهم مئات.. آلاف.. بل عشرات ومئات الآلاف.. فكيف يمكنك أن تصاب بالنسيان والصمم في هذه المرحلة.. وهذه اللحظة الحرجة بالذات.. ونحن أحوج ما نكون إلى ذاكرتك.. !!

(6)

ـ وأنت.. هل رأيت القاتل.. ؟!

ـ نعم.. ولكنني لا استطيع البوح والكشف.. لأنه مايزال مسلحا.. وأنا لا أملك غيرالحلم والكلمات.

ـ من أين جاء بالسلاح.. ؟!

ـ من فائض الحرب.. الذي يشبه فائض القيمة كما يقول الاشتراكيون الحالمون.. !!

ـ عن أية قيمة تهذي.. لم يعد ثم قيم.. !!

ـ لاااااا.. فلديك القـيّمون الآمرون الناهون الغاطسون في كل ماعون.. !!

ـ وهل يشعرك ذلك بالقلق.. !؟

ـ لقد فقد قلقي ذاكرته ولم يعد يعرف ممّ عليه أن يقلق.. !!

(7)

ـ هل تعرف كيف يُصنع القلق.. ؟!

ـ لم يقل لي أحد ذلك من قبل.. بل ولم يخطر ببالي أن أتساءل.. أي لم يخطر ببالي شيء غير القلق نفسه دون أية أسئلة تتعلق به.

ـ وماذا عن الأحلام.. !؟

ـ لا أرى أي فرق بيننا وبينها.. ولا بيننا وبين الكوابيس.. !!

(8)

ـ أعجب من أين تأتيك الجرأة لمواجهة كل ذلك.. !!

ـ لا تأتيني ولا أذهب إليها.. نحن نلتقي بالصدفة أحيانا.. هكذا.. في الشارع العام.

أثينا/ مارس 2013

مقالات ذات علاقة

ضيف أجواد

المشرف العام

الأُخدود

مهند سليمان

نستشير الطلحة

عبدالله الماي

اترك تعليق