ترجمات

قرب النهاية

 

كنا أنا وهي  في  الشهر الأخير من الحمل،  وأصبحنا،  كما  يحدث بين المهاجرين عادة،  جارتين هنا في  مدينة صغيرة على المسِسِبي. كانت هي  أمريكية ولدت في  كارولاينا الشمالية،  وكنت أنا نيجيرية بحكم المولد. كلانا لانعمل،  ونلازم البيت طوال النهار. على بعد عشرين دقيقة من البناية التي  نعيش فيها كانت توجد قاعدة جوية. وكان زوجها،  الطيار،  على لائحة منتظري  الإسكان. زوجي  كان  يعمل بعيادة أهلية   في  وسط المدينة تشغل الأطباء المتدربين،  الأجانب.

أحببتها. كانت أقصر مني،  وأرشق،  وأصغر بحوالي  عقد. كانت ذات شعر قصير أشقر،  أنف أقني  وبطن مستديرة متحدية،  تطفر أمامها وهي  تسير. خمنت أنها كانت بطلة جري،  لأن بطتي  ساقيها كانتا مشدودتين جدا،  لكنها قالت بأنها تسبح وتمارس اليوغا. كانت أنفاسي  قد أصبحت تتقطع لمجرد نهوضي  من على الكرسي. بطني  كانت أصغر،  لأن حملي  كان في  الأسفل،  مثلما شرح لي  زوجي، وكان جنيني  يضغط على أعصاب حوضي،  وربما كان هذا هو السبب الذي  حولني  إلى نسخة أفريقية من البنت التي  ظهرت في  فلم طارد الأرواح. لقد صرت أشعر بالذنب لأنني  أصبحت مستثارة باستمرار،  معجبة بجارتي،  وأتمنى أن أصير أما مثالية. ” تعالي.” قالت، مفرقعة بأصبعيها في  أول مرة كلمتني  فيها. ” حركي  هاتين القدمين. إنهما صغيرتان جدا.”

كان لابد أن أضحك. معظم الأمريكيات البيض كن  يبدَون متضايقات مني  ـ من ضفائري  ولكنتي  الأجنبية. حتى الأمريكيات السوداوات كن، بمجرد أن أفتح فمي،   يسألنني  من أين أنا،  ثم  يصبحن مستعليات بما  يكفي  للتعدي  عليَّ.

وقفنا في  الممر الفاصل بين شقتينا نتحدث عن الغثيان الصباحي. كنت أنا أعاني  من احتقان الدم الحملي،  وكانت هي  قد بدأت للتو تعاني  من الدوار،  فألححت عليها بمراجعة طبيب آخر للاستئناس برأي  ثان. لم أخبرها بأنني  قد توقفت عن ممارسة الجنس مع زوجي لأنني  صرت أتضايق ضيقا شديدا من مزيل العرق الذي  يستخدمه. ولم تشر هي،  ولا مرة،  إلى سبب صراخها صراخا عاليا حين سمعتها ذات ليلة من وراء الجدران الفاصلة بين شقتينا. ” لست عبدتك !.”

الرجال،  قالت ساخطة في  اليوم التالي،  حين التقيتها وهي  تحمل أكياس المواد الغذائية،  فقلت نعم. أعرف أنها تهواه. كانت تخبرني دائما بأن مايك قال هذا وقال ذاك. لم تكن هذه طريقتي  في  الحديث،  ولكنني  لا أمانع في  الاستماع. ربطت فيما بيننا،  منذ البداية وببساطة،  صلة،  من نوع ما،  لأنه لم تكن هناك سوى فرصة ضئيلة لاختبار وفائنا وصبرنا. وفي  الحقيقة فإنها لم تُعَتِّب شقتي  قبل ليلة الإعصار،  ولا أنا عتبت شقتها. كما أننا كنا مطمئنتين إلى أن كل ما نقوله لن  يعاد بين حلقات أصدقائنا المقربين،  لذا كنا نتحدث عن فرع سوق وُلمارت المجمع الذي  افتتح في  مدينتنا حديثا وكسوة ولوازم المواليد والتحذير من الإرهاب،  والأقدام المتورمة والبواسير والغرباء الذين  يربتون على بطنيننا وعدم اصطحاب زوجينا لنا في  زياراتنا للأطباء قبل الولادة. لم أستطع الادعاء بأن الاستدعاءات الهاتفية التي يتلقاها زوجي  هي  على نفس قدرأهمية   إرسال زوجها،  فيما بعد،  إلى الكويت.

سبق وأن تلقينا في  مدينتنا ثلاثة إنذارات بالأعاصير،  قبل البدء بقصف بغداد. كنا نتوقع قدوم الأعاصير في  الربيع،  مصحوبة بالمطر وغبار الطلع والبعوض. آخر إعصار حل بمدينتنا كان،  كما  يقول الناس،  منذ أكثر من مئة سنة،  ولكن كان ثمة أعاصير منذ مدة قريبة في  تِنِسي، ولقد تابعت تغطية تلفزيونية للأحياء السكنية المخربة. بدت المناظر  غير واقعية،  لا  يمكن أن  يحدث مثلها لي.

كنت،  ليلتها،  أجلس أمام التلفزيون وكان المطر  ينصب في  صخب. كنت أجلس بعيدا من النوافذ خوفا من البرق،  كلما سمعت هزيم الرعد كنت أربت على بطني. كان زوجي  خارج البيت  يتابع مريضا،  ظللت أتنقل من محطة إلى محطة،  سعيدة بأن أكون مسيطرة تماما على جهاز التحكم وانتبهت إلى ما كتب في  شريط الأخبار من أن مدينتنا في  حالة إنذار من الفيضان،  مراقبة الإعصار،  ثم إنذار من الإعصار. كان البرنامج الفكاهي  الذي  كنت أشاهده قد قطع،  وظهر الرجل المتخصص في  طقسنا المحلي  يحرك  يديه صارخا بشأن دوران السحاب. ” احتموا بأسفل موقع في  بيوتكم. أسفل موقع. أو احتموا بالحمام…”

كان إعصار على وشك الحلول   بمكان ما من المدينة،  كما قال. كنت مستلقية على ظهري  فوق الكنبة مركزة على دمدمات قلبي  على رحمي. ومع ذلك،  لم أكن عازمة على التحرك،  إلا حين انطفأت أضواء شقتي.

وأنا جالسة في  الظلمة طرق شخص ما على بابي. ” من؟.” سألت ناهضة بتثاقل. زوجي  معه مفاتيحه،  ولن  يخاطر أبدا بالقيادة في العاصفة. سيمكث في  المستشفى ويهاتفني،  حالما  يكون ذلك ممكنا. تطلعت من خلال عين الاستطلاع،  فوجدت جارتي. كانت تحمل فانوسا. ففتحت الباب.

” لم أستطع أن أظل هناك وحيدة.” قالت وضحكت واضعة  يدها على فمها. كانت ترتدي  منامة مخططة بالوردي. ممرنا كان مبللا بالمطر. أومض البرق. ” هل رأيت؟.” سألت،  كما لو أنه ليس بإمكاني  رؤية السماء وهي  تتحول،  للحظة،  من اللون النيلي  إلى ما  يشبه البياض. كانت الأشجار في  موقف سيارتنا تنحني. غيرت الريح اتجاهها. قفزنا كلانا بسبب قصف الرعد.

” ادخلي.” قلت رافعة صوتي  فوق القعقعة.

أرهفت أذنيها ” أين زوجك،  يا فتاة؟.”

أقفلت بابي. ” يعمل.”

” أنت أيضا وحدك؟.”

” أنا سعيدة لمجيئك. لا نحتفظ بمصباح  يدوي  في  بيتنا.”

رفعت فانوسها. ” كل ما نحتاجه هو مذياع  يعمل بالنضائد. بماذا  ينصحون حين تصير الأمور بهذا الشكل؟. الجأوا إلى الحمام و قوموا بماذا؟.”

بين لعلعات الرعد تذكرنا أن ما  ينبغي  علينا فعله هو أن نلتف بالبطاطين حينما نكون في  حوض الاستحمام. أمتلك فقط ألحفة مُضَرَّبة.(2) اقترحتْ  أن نستخدم بدلا من ذلك الحشية التي  أحتفظ بها من أجل المولود القادم. سحبتُ  اللحاف من على سريري  وفرشته في  حوض الاستحمام. حملنا الحشية وأوقفناها في  الحوض. وضعت فانوسها فوق حوض الصنبور. دخلت حوض الاستحمام،  فتبعتني  هي  وأخذنا ننزل إلى أن أصبحنا جالستين في  وضع الولادة،  تواجه إحدانا الأخرى. توجب علينا ثني  كواحلنا لنتخذ وضعا مريحا. كان الفانوس  يصنع ظلالا على الجدران. تخيلت نفسينا ونحن نلد طفلينا وسط الحوض،  وليدان حديثان ببشرة بيضاء،  يرتبطان بنا بحبلين سُرِّيين.

سألتني: ” هل أنت بخير؟.”.

هززت رأسي. ” وأنت؟.”.

لوحت بيدها. ” إذن،  حين نسمع ضجيجا عاليا،  نقوم بــ ماذا،  نغطي  رأسينا بالحشية؟.”.

” هذا حمق.” قلت.

ما الذي  سيحمينا من الركام المتساقط؟. فالشقق التي  نسكنها هي  نوع من التصميمات المقلدة لتصميمات المرحلة الاستعمارية (3)مبنية من الخشب والجص. استغربت كون معظم مباني  مدينتنا مبنية بهذه الطريقة،  لأننا في  نيجيريا نبني  بيوت الرفاه بالأسمنت والآجر. ضحكتْ  لتعبيري  الحانق.

” كيف  يسير عملك؟.”

من الواضح أنها متعودة على حالات التوقي  من الأعاصير. كان  يبدو عليها كما لو أننا كنا نجلس لتناول الشاي  المثلج.

” توقفت عن ذلك مؤقتا.”

كنت أحاول أن أبدأ عملا حرفيا،  حيث أستخدم الأحجار شبه الكريمة،  مثل الملَكايت واللازورد،  لصناعة دبابيس شعر للنساء السودوات المحتفظات بشعرهن الطبيعي. كنت أحلم بأن أصبح من أولئك الأمهات،  ربات البيوت،  اللائي  يوفقن في  أن  يكن متعهدات أعمال وهن في  بيوتهن. ذلك  يعني  التخلي  عن مسيرتي  الوظيفية كمهندسة معمارية. إذ أنه من شبه المستحيل أن أعثر على عمل في  أمريكا بشهادة الدبلوم النيجيرية. كانت هي  تعتزم الالتحاق بالمعهد الأهلي(4) لأنها تحب العمل مع الأطفال.

” ماذا حدث لطلبك؟.” سألت.

” لم أتابعه.” قالت.

حكت ذراعيها. هَوِّيتُ  على وجهي  بيديَّ. كان هواء الحمام ساخنا مثل هواء المستنقعات.

” أصارحك بأنني  أشاهد التلفزيون كثيرا.” قلت.

قالت: ” أنا أيضا. الصدمة والرعب. لا أستطيع التوقف.”

” آ.هكذا. أنا لا أشاهد ذلك.”

 وقع المطر على السطح  يتسارع،  وكانت هناك نوبة رعد أخرى.

لم أكن أتتبع تغطيات الحرب. وحتى مع وجود الصحفيين المرافقين،  لم أثق بما كنت أراه على التلفزيون. ليس بسبب التجاذبات والتقلبات السياسية،  ولكن لأنني  كنت منشغلة بقضية الأميرة ديانا وهروبها مع جون كندي  الصغير. لم أصدق المكالمات التي  جاءتني  من نيجيريا من قبل أشخاص قالوا بأنهم  يتسمرون أمام التلفزيون متابعين أرقام القتلى. وفي  11 سبتمبر أيضا هاتفني  أشخاص من نيجيريا قائلين بأنهم مغتمون،  ولم أستطع تبرير حزني  أنا شخصيا الذي  استمر عدة أسابيع،  أنا القادمة من قارة حيث أدنى معدلات الأعمار،  وأعلى معدلات الموت المفاجيء،  قارة لا  يخشى فيها الناس،  فعلا،  من الإرهاب. طبعا كان هناك تفجير السفارة الأمريكية في  كينيا،  ولكن ما من أحد اتصل بي  من نيجيريا بهذا الخصوص. وهكذا،  بنعمة التلفزيون،   أصبحت بعض حالات الموت كوارثية،  وحالات أخرى تافهة،  والآن أصبحت مشاهدة الموت فرجة على واقع افتراضي.(5)

 لابد أن أشاهد.” قالت مغمضة عينيها. ” إنني  أصلي  من أجل أن  يكسب أبناؤنا هذه الحرب،  ويعودوا إلى الوطن.”

لها قريب في  بغداد. كانت تتردد على الكنيسة أيام الأحد،  وخلال الأسبوع،  لتصلي  من أجله ومن أجل زوجها في  الكويت. في  كل منعطف من شوارع مدينتنا توجد كنيسة،  والناس  يذهبون إلى الكنيسة مرة في  الأسبوع على الأقل،  ودائما كانوا  يدعون آخرين. ربما كان لديهم الكثير مما تنبغي  الصلاة من أجله،  تاريخهم في  المتاجرة بالأفريقيين،  على وجه الخصوص. أستطيع في  بعض الأحيان اكتشاف الأمريكان السود من أصل نيجيري،  من خلال تفحص ملامحهم: شفاه  يوروبا،  وعيون الفلاني. أحد زملاء زوجي  دعانا إلى كنيسته المَشْيخية(6) فكنا الأسودين الوحيدين من بين الحاضرين. زرنا كنيسة ميثودولوجية(7) يوم الأحد السابق لذكرى مارتن لوثر، وغنى الجمع: سننتصر،  أنا امتنعت. ” إنها موغلة في  الجنوبية.” قلت لزوجي،  وكنت أقصد القول: أليس أكثر الانعطافات التاريخية دفعا إلى الحزن أننا كأفريقيين نأتي،  هذه الأيام،  طوعا للعيش والعمل في  المسسبي(7) ونكون ممتنين للحصول على هذه الفرصة.

بدأت صافرة الإنذار من الإعصار بما  يشبه النواح.

” إننا نواجه مشكلة الليلة.” قلت.

همهمت ” أيها المسيح. لابد أن ثمة إعصارا وسط البلدة.”

يمكن أن تكون آخر شخص أراه. لم أكن في  الحقيقة أتوقع حدوث الإعصار،  ولكن أليس من المستحسن أن أطلعها على وجهة نظري في  الحرب؟.

” هل تتصورين؟.” قلت،  شاعرة بتسارع خفقات قلبي ” حال أهالي  بغداد؟. حيث القنابل تنزل ليلا ونهارا ولا  يعرفون متى وكيف. مثل أعاصير تدوم أربعا وعشرين ساعة.”

قالت مقطبة: ” نعم.”

لم تكن متهيئة. بعد  11 سبتمبر،  فقط،  سمعنا كلانا عن تهديدات بالقتل وردت إلى إحدى مغاسل الغسيل الجاف في  المدينة. مالكها هو السيد حبيب. قلت لها وقتها بأنها تهديدات  غبية. قالت: ” هذا عمل شرير،  ولكن أظنني  أعرف سببه. انظري  ماذا فعلوا بنا.”

هم. نحن. وأنا خارج الإثنين. بالرغم من كل شيء،  ظللت،  هذه الأيام،  أحتفظ بفمي  مقفلا. أكثر من ذلك،  ابتسمت في  وجه جارة(9) أخرى حين أعطتني  ملصقا فاقعا  يقول: ” اذهب وانتقم منهم،  يا جورج.”

الصافرة حادة الآن. تقافز قلبي  في  صدري.

” من المستحسن وضع هذا فوق رؤوسنا.” قالت.

قلت مطأطئة رأسي: ” سأكون سعيدة جدا حين  ينتهي  هذا. سعيدة جدا.”

كنت أفكر في  موسم الأعاصيروفي  الحرب وحملي. أمسكنا بالحشية المعدة للوليد ورفعناها. تساءلت عما  يجول بذهنها. لديها مفهومها الخاص حول الزمان والمكان،  خصوصا في  وقت كهذا،  بخصوص مكانة أمريكا ومستقبلها في  العالم: بلدان أخرى تكره أمريكا ولابد أن توقف عند حدها،  حالا. قتلاهم مشكلتهم هم أنفسهم. لا  يمكنها تغيير آرائها،  مثلما لا  يمكنني  أنا أيضا. ونحن جاثمتان،  شممت رائحة المخلل على أصابعها،  فعلمت أنني  أفوح برائحة نبات لسان الحمل.

لابد وأننا ظللنا على ذلك الوضع لمدة دقيقتين حين توقفت الصافرة. أعدنا الحشية إلى الأرض.

” حسنا.” قلت وأنا أحاول النهوض. ” على الأقل سنعيش إلى أن نسهم في  ميلاد جيل جديد من الأمريكيين.”

ضحكت: ” آمين.”

هدأت نبضات قلبي. ساعدتها على الخروج من الحوض. مكثت معي  إلى أن عادت الأضواء. كنا محظوظتين تلك الليلة لمرور الإعصار بالمسسبي. في  الصباح التالي،  علمنا أنه ضرب ألاباما.

___________________________________

(1)آتَّا سِفي  Atta Sefi كاتبة أمريكية من أصل نيجيري،  لها مجموعة قصصية وأكثر من رواية.

(2)نوع من الألحفة ذات طبقتين تكون،  عادة،  محشوة بريش النعام.

(3)نمط معماري  كان سائدا في  المستوطنات الإنغليزية في  أمريكا قبل الاستقلال.

 (4)  community college

معهد ( أو كلية ) تكون الدراسة فيه لمدة سنتين،  ولا  يوجد به قسم داخلي،  كما  يكون عادة مدعوما من الحكومة.

:virtual reality (5) التخليق،  عن طريق برمجيات الكومبيوتر،  لصورة أو بيئة تبدو للحواس واقعية.

(6)   Presytian      church   صفة لكنيسة بروتستانتية  يديرها شيوخ ( قساوسة ) منتخبون متساوو المنزلة.

 (7)فرع من الكنيسة البروتستانتية الإصلاحية التي  قادها،  في  القرن الثامن عشر،  تشارلز وجون وزلي  محاولين فيها إحياء كنيسة إنغلترا.

(8)معروف أن هذه المنطقة كانت،  حتى وقت قريب،  أشد المناطق في  أمريكا عنصرية وعدائية ضد السود.

(9)الجملة الإنكليزية لا تحدد جنس الشخص،  لكن السياق  يرجح أنه أنثى.

مقالات ذات علاقة

الكتاب “تهمة”.. وضع الكتب والنشر في “ليبيا”

المشرف العام

أُمنية… و بئر قديم.

عطية الأوجلي

رؤية النور

مأمون الزائدي

اترك تعليق