من أعمال التشكيلي الأردني وليد الجعفري
قصة

فاشل بامتياز

من أعمال التشكيلي الأردني وليد الجعفري
من أعمال التشكيلي الأردني وليد الجعفري

ــ والحق يُقال، أنك فاشل بامتياز .
تصيح بوجهك الدنيا، وتعبس على ملأ ملامحك الأيام .
ــ لا مكان عندي لم هم مثلك . اخرج بسلام، فمثلك هم آخر من أرغب في وجودهم معي.
وتخرج من حضرة الدنيا بلا متاع، وتظل تركض في شوارعها تطاردك طلبات أطفالك ومستلزمات بيتك وضيق ذات يدك وذات صدرك وذات يقينك أيضاً، لكن لسانك البذيء لا يتوقف عن قلة الاحترام :
ــ اعذريني أيتها الدنيا، هل أسأت إليك ذات يوم ، يكاد العمر ينتهي ولم أحظ منك بالمودة بعد .
ولا تجيبك الدنيا، بل تغلق بابها في وجهك، وتسمعها من وراء الباب تعلن سخطها عليك :
ــ لا أحب من هم على شاكلتك . فاشلٌ محترف.
وتمضي في طريقك، فاشلاً تلاحقه لعنة المتحذلقين، وطيباً يسخر من طيبته الشر، ودرويشاً يتندر ببياض قلبه الأنذال:
ـــ لكنهم كُثر ـــ أعذريني أيتها الدنيا ـــ من هم على شاكلتي ، إنهم يملأون الشوارع، يتسولون رواتبهم الهزيلة من البنوك المغلقة، ويدفنون وجوه أحبابهم في التراب كل يوم، ويمنحون خدهم الأيمن لصفعات خيبة الأمل كعادة المسيح، وتنطلي عليهم الأكاذيب، ويبتسمون للنسيم العابر، ويبكون لدمعة يتيم، ويعشقون النساء الباذخات، ويملأون قلوبهم بقصائد الشعر، ولا يقايضون تراب أجدادهم بوادٍ من ذهب .
تصرخ بالدنيا، وأنت تدق بابها من جديد، غير أنها تخاطبك من وراء حصنها المنيع وهي تطمئن بحضن سافل بالوراثة:
ــ اذهب إلى جحيم طيبتك أيها الحزين، أنا هي الدنيا الطروب، لا أمنح مودتي إلا للسفلة، ولا أهب العمر الطويل إلا للنذل الممعن في نذالته، ولا أتكرم بالحظ إلا على تافه، ولا ابتسم في العادة إلا لملامح الأوغاد .
أما أنت ، يا درويش الحبر ومتصوف الكلمات، فالحق يٌقال ــ رغم روعة ما تكتبه أحياناً ــ أنك فاشل بامتياز !

مقالات ذات علاقة

فاتت جنبنا

هدى القرقني

ضباب…

أحمد يوسف عقيلة

تولين

حسن المغربي

اترك تعليق