استطلاعات

غابت أقلام وحضرت أخرى في معرض الكتاب ببنغازي… الثقافة ورهان عودتها من جديد !!

أخبار بنغازي (تقرير/ حنان علي كابو)

معرض بنغازي للكتاب


قرابة العشرة أيام حافلة شهدتها أرض معرض بنغازي الصناعي حيث أقيمت فعاليات معرض بنغازي للكتاب الذي ترعاه وتنظمه الهيئة العامة للإعلام  والثقافة بمشاركة دور نشر: دار الحسام، دار البيان، مكتبة الشهيد مفتاح بوزيد، مكتبة المستقبل، مكتبة رابح، مركز البحوث والاستشارات، مكتبة الفضيل، مكتبة التزود للدار الاخرة، مكتبة دار الهجرة، جناح جامعة بنغازي، مجلس الثقافة العام، مكتبة غسان، جناح الهيئة العامة للإعلام والثقافة.

كما تضمن المعرض عرض لمنحوتات التشكيلي محمد الترهوني بالإضافة لبرنامج ثقافي حافل بأمسيات شعرية وقصصية وندوات ثقافية أبرزت الهم الثقافي وتداعياته.

فهل الثقافة تعود وتنهض من جديد بعد سنوات من الحرب والانشقاق، هل تراهن على جديتها ورؤيتها، وبسط يدها واحتضانها للإبداع؟ وكيف حال الكتاب والشعر والقصة والرواية اليوم؟

● لا بديل عن الثقافة لتحقيق الوعي!

يعتبر الأستاذ علي بن جابر رئيس مؤسسة برنيق للصحافة والاعلام ومدير دار البيان للنشر والتوزيع أن ”معرض الكتاب نوع من الاعلان على ان الثقافة، والمهتمين بها من كتاب وناشرين وموزعين وقراء موجودين.. ونتمنى أن تكون إقامة هذا المعرض بداية لنهوض الثقافة بمدينة بنغازي وعودتها من جديد بعد أن تحررت من براثن الارهابيين الظلاميين“.

ويضيف: ”وخلال أيام المعرض وما شهده من اقبال من المواطنين لم يكن متوقعا أيقنت أن الثقافة في مدينتنا بخير وإن الناس كانت تتمنى أن يقم مثل هذا المعرض بل أن اغلبهم قال من المفروض أن الدولة كان تهتم بالمعرض وأن توفر له كل الامكانيات اللازمة ليكون انجح مما تحقق“.

● هل تراهنون على دور الثقافة في تغيير مسار الوعي؟

يجيب: ”طبعا دور الثقافة في تغيير مسار الوعي ليس محل مراهنة لأنه لا بديل عن الثقافة لتحقيق الوعي لدى الناس، فلا سلوكيات ملتزمة ومنضبطة الا من خلال ثقافة ملتزمة، الوعي هو نتاج للثقافة وبدون الثقافة سيعم الجهل والتخلف والظلام.. ورغم ان الحضور في بعض الامسيات كان متواضعا الا أنه في المستوى المتوقع، فلم نتوقع الحضور المكثف خاصة وان البرنامج والامسيات الثقافية برمجت فقط خلال يومين قبل المعرض وبالتالي لم تكن هناك مدة كافية للإعلان والترويج لها، الا أن الانطباع عن الحضور أنه كان حضورا نوعيا مميزا ومهتما والحوار في الندوات الحوارية كان راقيا وبمشاركة مكثفة لدرجة أن اغلب الامسيات مدد زمنها الى الساعة السابعة والنصف ليلا رغم انها كانت مبرمجة ان تنهتي عند السادسة مساء“.

● عودة حميدة للنشاط الثقافي في بنغازي!

ترى الشاعرة عائشة بازامة إن معرض الكتاب ”عودة حميدة للنشاط الثقافي في بنغازي بعد فترة الدمار العمراني والاحباط النفسي ما شاهدته غياب الدعم الحكومي في كل نواحي المعرض.. وغياب المساندة المادية والمعنوية“.

وتضيف “أحسست أن هناك جفاء تام بين سلطة الدولة وبين الكتاب والمثقف. الكتب في اغلبها صدرت في زمن سابق ولا جديد إلاّ نادرًا غياب الخدمات المصرفية إلاّ في دار الحسام. والتوقيت في وضع عدم توفر السيولة حرم الكثير من الناس من اقتناء الكتاب. كان المفترض تكليف عناصر أمنية تتفهم حاجة الناس للكتاب وللترفيه.

بالمجمل جهود عصامية وطنية من القائمين عليه تشكر أرجو أن يعاد ولو كل عامين.. فبنغازي تليق بها مثل هذه المناسبات لأن الحضور كان جميلاً. الشعر يواكب ويتأمل المستقبل.. مع حس الألم ولمسة الحزن هناك قصائد تتدفق بالتفاؤل. وحضور بعض الشعراء من خارج بنغازي بتلقائية وبدون دعوات رسمية كان له طعم خاص. أثبت أن بنغازي هي حاضرة الأدب والثقافة ولن تنتزع منها هذه الصفة الملاصقة لها والنابعة منها.. كان ملتقى على مستوى جميل على كل حال رغم الظروف الحالية“.

● الكتاب لم يكن في الموعد كما كان في المواعيد السابقة!

الشاعر عصام الفرجاني الذي شارك بأمسية الشعر الفصيح مع الشعراء صلاح الغزال وعلي الهوني وعائشة بازاما وهشام بن صريتي يقول حول مشاركته “هو مجهود يُشكرون عليه في ظلّ ما تمرّ به بلادنا من ظروف نعرفها جميعا، غير أنني وددت لو زاد الاهتمام بالدعاية للمعرِض والاحتفاء بالشعراء والأدباء بشكل أفضل، فلا أظن القائمين على المعرِض أعاروا الأدباء اهتماما أو أولَوْهم احتفاءً وإنما كانوا شيئا عارضا على الهامش، ومِن القائمين على المعرِض مَن لم يكلفوا أنفسهم عناء الحضور ولا مشقة الاستماع للشعراء، وآثروا البقاء خارج القاعة فكيف نلوم العامّة على عزوفهم! فضلا عن تفضيل بعض الأدباء على بعض واستخدام أسلوب البهرجة الإعلامية لمصلحة البعض دون البعض الآخر! أما الكتاب فلم يكن في الموعد كما كان في المواعيد السابقة لا أريد أن أكون متشائما لكنني أود أن يظهر المعرِض بصورة أفضل في قادم المواعيد“.

● سمح لنا أن نحتضن الكتب من جديد…

الشاعرة حنان المجبري التي شاركت بأمسية الشعر العامي ولاقت قصائدها الكثير من الحبور تقول: ”معرض بنغازي للكتاب.. سمح لنا ان نحتضن الكتب من جديد، ان نرى الحياة والفن والابداع في مكان لا يبعد سوى خطوات عن الدمار واثر الحرب في الاتجاة المقابل.. ولكنها بنغازي لطالما استطعت هذه المدينه جعلنا نصاب بالدهشة والذهول من جمالها وعشقها للحياة.. دخلت لمعرض تجولت فية بخجل حيث كنت في عجلة من امرى لكي التحق بجناح الامسية الشعرية وجدت كتابي (الذوجقش)، وهو مجموعة قصصية صادرة من دار البيان في يد احد الزوار، فسُعدت جدا وانا ارى نتاجي الادبي يحتضنه قارئ محب.. ولولا هذا المعرض ربما لم يحدث هذا اللقاء الرائع. اما بخصوص مشاركتي في الامسية الشعرية.. فقد التقيت بمجموعة من الشعراء والادباء بالإضافة الي الزوار الذين جاءوا لزيارة المعرض او لحضور الامسية على وجه التحديد.. سُعدت بتفاعل الجمهور مع قصائدي المحكي منها والشعبي على حد السواء.. كما اني تقابلت لأول مرة مع الشاعر الليبي الكبير محمد الطيب وقام بالمشاركة في الامسية هو والشاعر الشاب صلاح الفزاني.. ومشاركتهم معي في احياء هذه الامسية كان فخر كبيرا لي والحمدلله انه ترك اثر طيب لذى الجمهور من الضيوف او عبر التوصل الاجتماعي“.

● ازدهار لعدد القصص للعديد من القصاصين…

يؤكد القاص والناقد احمد التهامي أن “ثمة ازدهار لعدد القصص للعديد من  القصاصين أما النوعية فستحتاج إلى مرور بعض الوقت قبل أن تنضج“. أما عن انطباعه حول المعرض فيقول: ”المعرض وجدته معقولا مع غياب دور النشر الأجنبية لكن ثمة بعض دور نشر ليبية والأسعار معقولة جدا، والكتب متنوعة جداخاصة الكتب المستعملة متوفرة وهي انسب لمن لا يملك الكثيرمن المال“.

● بناء مجتمع حضاري يتفاعل مع العصر ومستجداته العلمية والثقافة…

يشير الأستاذ طارق الجحاوي (اعلامي) أن معرض الكتاب ”يجسد الحرص على الاهتمام بالعلم والثقافة، ونشر المعرفة، وبناء مجتمع حضاري يتفاعل مع العصر ومستجداته العلمية والثقافة“. ويضيف “الثقافة لا تنهض بإقامة معرض للكتاب فقط، من الممكن أن يكون جزء من نهوض الثقافة ولكن لا يكفي وحده للنهوض. واذا أردنا أن نعرف كيف تنهض الثقافة، علينا العودة إلى مفهوم الثقافة اولا، وبعد ذلك سنعرف كيف تنهض.. فكلما زادت الثقافة ازداد الوعي، الوعي مرتبط بالثقافة، فالأول سبب وجود الثاني .. ويقوداننا إلى التنمية.. وهي النتيجة.. بمعنى ماذا يحدث للمجتمع بعد الثقافة والوعي.. تحدث التنمية“.

● نحتاج حركة نقدية في المقام الأول…

الروائي الشاب معاذ الحمري الذي شارك بأمسية حول الشباب والرواية سألته ما الذي يميز النص الروائي عندما يكتب بأقلام شابة يقول ”حسنا لربما النقطة الأهم والتي تميز نصوص الشباب كونهم يتحدثون عن نبض الشارع وتجد في نصوصهم الحداثة خصوصا في الفكر، لذلك تجد أن نصوص الشباب تجذب القارئ أكثر كونها تحدثه عن أمور العصر بشخصيات هذا العصر وفكر هذا العصر“. ويضيف “عدد الكتاب يزداد والأعمال الروائية في ازدياد، قد يكون هذا الأمر جيد في الوقت الحالي لكن مستقبلا قد يعود بالسلب إن كان عدد الروايات الرديئة يطغى على الجيدة، نحتاج حركة نقدية في المقام الأول ونحتاج لتكثيف ورش كتابة إبداعية لدينا أقلام ممتازة تحتاج فقط إلى الصقل“.

● حضر الشعر بألق كبير…

الشاعرة آية الوشيش التي شاركت ضمن كوكبة من الشاعرات في أمسية شعرية تثني على فعاليات المعرض التي كانت رائعة ومبهجة والأمسيات إزدانت بحضور الشعر في ألق باهر.

● الشعر الليبي قادرعلى صنع مفهوم شعري جديد…

الشاعرة القادمة من مدينة درنة نورهان الطشاني شاركت بأمسية شعرية وقالت في أنطباعها: ”المعرض كان جميلا، والملفت المشاركات الشابة.الشعر اليوم مع نعمة وأية يثبت لنا أنا شابات الشعر الليبي قادرات على صنع مفهوم شعري جديد على الساحة الثقافية الليبية وحتما الثقافة تنهض وتعود مع عودة النشاطات الثقافية. تمنيت أن تكون هناك عناوين جديدة وحفلات توقيع وقراءات أنشطة نقدية على هامش المعرض“.

القاص والروائي محمد الزروق أشار أن ”إقامة هذا المعرض خطوة أولى ونرجو أن يكون القادم أروع وأضاف: لا شك أن المعرض ينقصه الكثير.. فالمشاركون فقط هم مكتبات ودور نشر من المدينة وليس كلهم إذا استثنينا بعض الجهات العامة، ولا شك أن طموح بنغازي معرض أكبر من هذا.. هذا غير أن النواقص كثيرة والمعروض جله قديم.. تمنيت أن تكون هناك عناوين جديدة وحفلات توقيع وحتى قراءات أنشطة نقدية على هامش المعرض“.

وعن حال القصة اليوم يجيب قائلا: ”ربما بالنسبة للقصة أظن أنها تتقدم ببطء، وأعتقد أن الرواية هي التي حققت قفزة وبالنسبة لضعف القصة أظن السبب الأول ضعف النشر وكذلك عدم مواكبة النقد للحركة القصصية أو وجود قصور مع إشادتي ببعض الأسماء في النقد القصصي أقصد“.

● غابت الندوات عن القصة والشعر وكذلك الاسماء المعروفة…

ومن جهته القاص حسين نصيب المشارك في أمسية قصصية والقادم من مدينة طبرق قال في انطباعه عن المعرض: “كانت البداية لإقامة هذا المعرض بإمكانات وجهود ذاتية مجهود يثنى عليه والتزام جميع دور النشر المحلية في بنغازي بالمشاركة.من الفضيل بوعمر إلي برينتشي الي الحسام الي البيان ومفتاح بوزيد الي مجلس الثقافة العام الي هيئة الثقافة وغيرها. وقد شاركت مع قصاصي بنغازي في الأمسية القصصية وحضرت العديد من الامسيات الاخرى واقتصرت الامسيات على كتاب وادباء بنغازي فقط. ومن السلبيات غابت المقهى وعدم توفر حتى مياه الشرب وكذلك غابت وسائل الترفيه والمقتنيات الشعبية والفنون الشعبية والمسرح والفرق الموسيقية.. فأرجو أن توسع تظاهرة الكتاب مستقبلا وكذلك دعوة الادباء والكتاب في المدن الليبية المختلفة. القصة اليوم مزدهرة بفضل ظهور جيل جديد من كتاب القصة والرواية في بلادي.. كما اتمنى تكرار معارض الكتاب مع الاهتمام بالطفل وتوفير وسائل الترفيه واقامة الكتاب المدعوين فقد حضرت على حسابي الخاص وإمكانيات ذاتية شاركت في امسية القصة القصيرة كما ارجو ان يكون هناك تكريم لكتاب القصة والشعر في ختام المعرض وكذلك المشاركين في الامسيات الادبية والندوات وقد غابت الندوات عن القصة والشعر وكذلك حتى الاسماء المعروفة في بنغازي مثل سالم العبار ورجب الشلطامي و خديجة بسيكري وراشد الزبير وغيرهم.. ولايسعني الا ان اتقدم بجزيل الشكر والتقدير للجهات الراعية لمعرض الكتاب حتى وان كان هناك سلبيات متعددة“.

● “إقبال كبير رغم نقص السيولة“…

المهندسة والكاتبة نسرين البشارين التي كانت لها عدة زيارات للمعرض تكتب لنا انطباعه عنه قائلة: “بالنسبة لي وجدت المعرض مخيب للامال من ناحية توفر العناوين ومن حيث التنظيم.. ولكن الا الومهم في ظل غياب دعم الدولة.. فهي مجهودات يشكر عليها المنظمون.. الاقبال كان كبير جدا من المواطن برغم نقص السيولة وكل المشاكل التي يعاني منها المواطن وهذا دليل على مدنية الناس ورغبتهم في الحياة وتشجيعهم للثقافة والقراءة والمطالعة“. وتضيف: ”الاسعار معقولة نوعا ما.. وخاصة الكتب في جناح مجلس الثقافة العام كانت ممتازة جدا وبرغم من كل شيء ومن توفر الكتاب الالكتروني.. لازال للكتاب الورقي اغراءه ورونقه وجماله“.

● جمهور ذو ذائقة شعرية جميلة…

ونختتم هذا التقرير بمشاركة الشاعرة نعمة كركرة حول فعاليات المعرض قائلة: ”كان المعرض على مستوى جيد، والمكتبات ودور النشر المشاركة موفرة عدد كبير ومتنوع من الكتب العربية والعالمية بأسعار مقبولة نوعاً ما. منشورات الهيئة العامة للثقافة أياً كانت حاضرة وبأسعار رخيصة في متناول الجميع وهذا شيء اسعدني بصراحة.. أما عن الشعر فقد شاركت الأمسية مع كوكبة رائعة من الشاعرات والشاعر صلاح يوسف وقد تألق كل منا بطريقة الخاصة شعراً والقاءًا. كان الجمهور حاضراً بعدد كبير وهذا أمر لم أكن أتوقعه وقد كان صاحب ذائقة شعرية جميلة وهذا أمر ليس بغريب على الجمهور الليبي العاشق للشعر بجميع ألوانه واصنافه“.


* نشر بـ (أخبار بنغازي)، الأحد 10 يناير 2021

مقالات ذات علاقة

الفصول الأربعة تسأل: لماذا عجز الأدباء والكتاب الليبيون عن تنظيم أنفسهم، وإعادة رابطتهم، وخلق صوت موحد لهم؟

خالد درويش

صاحبة الجلالة…في غرفة الإنعاش

المشرف العام

الفن والخبز: هل يجتمعان؟

المشرف العام

اترك تعليق