طيوب عربية

صفاء الهمداني: أكتب عن كل شيء بشفافية ودون زخرفة للكلمات وتضميخ للمعنى

حاورها: سالم الحريك

من أعمال التشكيلية والمصورة أماني محمد

أحبت اللغة شكلا ومضموناً وتنفستها عشقا، تكتب بروحها وقلبها لتصل كل كلمة تكتبها لمن لديه ذائقة الإنسانية والمحبة ولمن عاش ألم وعافية الروح، وخاض غمار الحزن والفرح وصار أقوى وأنقى، لم تتحصل على تشجيع للكتابة وتشعر بتردد كبير قبل أن تُطلق العنان لقلمها فتسير جيوش الكلمات دون توقف. حوارنا مع كاتبة يمنية الوجهة عربية الهوى هي الكاتبة صفاء الهمداني.

من هي صفاء الهمداني، وكيف تقدمين نفسك للقراء الكرام؟

صفاء محمد الهمداني يمنية من صنعاء.. من مواليد عام 1988متحصلة على بكالوريوس تربية انجليزي من جامعة صنعاء حاصلة على عدة دورات ودبلومات في المجال التنموي والمهاري، كاتبة في مجال القصة القصيرة، الومضة القصصية، الخاطرة والقصيدة النثرية.

-عضو في العديد من المؤسسات والمنتديات الثقافية.

صفاء كاتبة مبتدئة عاشت تجارب حياتية مختلفة، مستقلة فكريا وسياسيا، مسلمة الدين عربية الهوى.

أكتب بروحي وقلبي لتصل كل كلمة لمن لديه ذائقة الإنسانية والمحبة، لمن عاش ألم وعافية الروح، خاض غمار الحزن والفرح وصار أقوى وأنقى.

-أكتب لأولئك الذين يعتقدهم الآخرين أنهم مهمشين فكرا وروحا ومساكين (بمعنى بلهاء) لأنهم بسطاء وأنقياء، وأقول لهم كونوا أنتم، الطيبة والبساطة ورود مزهرة وأنتم ورود هذه الحياة.

-أكتب لمن عاش عدة حيوات منذ بكائه الأول ومازال يقاوم طوفان البكاء والوجع ويجدف نحو الأمل والنقاء والبقاء بحرية وكرامة وعطاء.

– أكتب عن كل شيء بشفافية ودون زخرفة للكلمات وتضميخ للمعنى إلا بحسب الحاجة،  فالبساطة أصل الكتابة وهي الطريقة الوحيدة للوصول بكل صدق إلى قلب وروح وجوارح القارئ.

تكتبين بلغة عربية سليمة وأسلوب بلاغي جميل، هل هي لغة الفطرة بالنسبة لك وكيف نفهم تخصصك الجامعي في اللغة الإنجليزية. هل كان عن رغبة أم لا؟

أن تجد نفسك في عالم الكتب وتصبح قارئا محترفا وبدون وعي في عمر الثانية عشرة رغما عن تلك البيئة التي لا تشجع على القراءة وليس فيهم من يحب القراءة إلى درجة متوسط حتى،  بل تجعلك أنت تختار طريقك بنفسك وتحفز نفسك بنفسك وتجري سباق بينك وبين الزمن وتلتهم الكتاب تلو الآخر بطريقة لا تستوعبها حتى أنت،

تلك هي صفاء، أحبت اللغة شكلا ومضمونا وتنفستها عشقا، ومن النبل أن أقول بأني كنت أكره دروس النحو والإملاء، وأحب كثيرا حصة التعبير، وبوعي أو بدون وعي بدأت أكتب وأكتب، منذ زمنا بعيد، كنت أكتب مذاكرتي وكل المناسبات الهامة بشكل تلقائي يخلو من البهرجة اللغوية، وحين اكتشفت أختي ذلك الدفتر المخبئ تحت الوسادة، وبختني بعنف، ظننت حينها أنا الكتابة جريمة جديدة على هذا الكوكب، لذلك أحرقت مذاكرتي تلك وكلي ألم، توقفت عن القراءة والكتابة لفترة من الزمن، وهيهات لمن تجري دماء اللغة العربية في شرايينه أن يكف فكره وكل شيء فيه عن تخيل تلك الوسيمة وهي تعانقه جارحة جارحة.

ولذا عدت إلى القراءة وكتابة المذكرات وبعض الخواطر والنصوص القصيرة جدا،

وخلال الجامعة كانت الفرصة الأكبر لأنشر بعض كتاباتي على صفحة الفيس بوك.. لكن دون أن يكون لصفاء أي صدى هنا أو هناك.. كنت أكتب لنفسي وكفى وبالفطرة التلقائية وحتى بدون وعي كنت أكتب وكفى.

تخصص اللغة الانجليزية أعتقده أحد الأخطاء التي جنيت بها على نفسي؛ إذ لم أحب ذلك التخصص رغم حبي للغة الانجليزية كلغة وليس كدراسة، ولكن وبكل صراحة كانت أربع سنوات رائعة بكل ما فيها، وكانت بوابتي إلى خوض غمار تجارب مختلفة، شكلت مني صفاء المخضرمة.

الآن صفاء حدثينا عن أعمالك ومنشوراتك؟

في العام 2018 تم نشر كتاب الكتروني يضم بعضا من خواطري البسيطة التي كانت معظهما وليدة اللحظة ونابعة عن تأملات وتجارب ذاتية والبعض الآخر تحكي واقع آخرين.

وتستطيع القول بأن العام 2020 هو فاتحة خير لإظهار كتاباتي بشكل رسمي أكثر، ربما الإجازة الطويلة والجبرية بسبب جائحة كوفيد 19 كان لها دور في إخراج المارد الذي في داخلي، وربما فعلا حان الوقت أن تظهر صفاء كما يجب، لعل ليس لدي السند الذي يدعمني بشكل كافي وقدراتي الكتابية متواضعة؛ لكن واثقة بربي هو من يمنحني الثقة والعون والتوفيق، وأحاول أن أقرأ قراءة واعية لكل جوانب الحياة وفي مختلف التخصصات، وأطور نفسي في معظم الجوانب التي تدعمني ككاتبة وكإنسانة لابد أن يكون لها بصمة إيجابية بإذن الله.

بالنسبة للمنشورات صدرت لي أثني عشر قصة قصيرة وعدة خواطر ضمن موسوعة أدبية تضم عديد من الكتاب المحليين والعرب صادرة عن مؤسسة الكتاب والشعراء العرب.

وكذلك هناك تطبيق بإسمي خاص بجميع كتاباتي قابل للتحديث المستمر.

وأيضا صدرت لي قصة دبدوب أحمر في كتاب مجمع (شياطين الإنس والجن) لمجموعة من الكتاب العرب خلال هذا العام وقصة صفعات في كتاب يضم مجموعة من الكتاب اليمنيين وأيضا تم نشرها في صحيفة عدن الغد.

وقصة رصيف الحياة في نفس الصحيفة وسعيدة بأن تم نقدها من قبل كتاب أكاديميين كبار.

كذلك شاركتُ بأكثر من قصة في مسابقات محلية وعربية و مجموعة ومضات قصصية نشرتها مؤسسة أبجديات الثقافية التنموية في ملف الكتروني يضم عدة ومضات لكتاب محليين.

تكتبين القصة والومضة والخاطرة والقصيدة النثرية أيهما أقرب إلى صفاء؟

الخاطرة هي رفيقتي الأولى ودائما، القصة رفيقة جيدة لكنها مزاجية، وتحب أن تظهر برداء مناسب يليق بمكانتها الأدبية، الومضة صعبة المراس وترفض أن يكتبها أي عابر دون إجلال وتمعن في هيبتها فهي تتباهى باختصار حياة كاملة في جملتين!

القصيدة النثرية رقصة شرقية تحت قطرات المطر والمطر مواسم ومواسم.

يعاني الكثير من الكتاب في بداياتهم من التردد خصوصا عندما تكون البيئة غير محفزة كما تذكرين.

كيف تغلبتي على هذا التردد وهل لازال هناك تردد عند الكتابة؟

سأكون أكثر صدقا لو قلت لك بأن الرعشة تستقبلني  بكل حفاوة قبل البدء بكتابة بعض النصوص والقصص، التردد يغتال فكري ومفاصلي، أحيانا أتراجع عن كتابة ذلك النص إلى غير رجعة، ثم أقرأ وأقرأ، بعد وقت قصير كوني مدمنة كتابة، أحاول دفع نفسي بنفسي إلى حقل الكتابة مرة أخرى ، ألقي بذور أفكاري على سطور بيضاء، ينتابني الخوف مرة أخرى، فأمسح ماسبق، وأظل ساهمة النظر في اللاشيء، أترقب لحظة ولادة الاسهاب في الكتابة بشغف، وكلي رجاء إلى الله أن ينور بصيرتي ويرفع شأني وشأن كتاباتي، ينفذ إلى قلبي نور عزيمة وإصرار، أبدأ، ولا أتوقف إلا عندما ينقطع الحبل السري عند آخر كلمة في ذلك النص، أشهق حينذاك واستلقي بجوار نصي معانقة إياه.

هل تتأثر صفاء بكاتب معين بشكل كبير أم تركزين على الكتب بحد ذاتها دون النظر لمن هو الكاتب؟

أرى أن التركيز على الكتاب بحد ذاته والإلمام بالفكرة والهدف من ذلك الكتاب والاستفادة منه قدر الإمكان هو خيرا من التأثر بكاتب معين، ولابأس أن يعجب المرء بكاتب من خلال كتاباته ولكن يا حبذا ألا نرفع الكتَّاب إلى درجة الصديقين والملائكة، يبقون بشرا، تتقلب أفكارهم وأمزجتهم بحسب أوضاع معينة ونادرا من تجده يمتثل كل كتاباته حرفا وقولا وفعلا مع نفسه وأهله ومجتمعه، هم بشر وإن كتبوا بماء الذهب وبلغوا من الشهرة مبلغا عظيما، ويبقى خير الأثر لكل كاتب جعل الكتابة لله أولا، وثانيا لنشر الأفكار الطيبة والرفع من ثقافة المجتمع تجاه قضايا معينة.

وللصراحة هناك لفيف من الكتَّاب الذين تأثرت بهم نوعا ما سواء مشهورين أو مغمورين على سبيل المثال لا الحصر:- الكاتب الفلسطيني عبدالله البرغوثي والأستاذ نجيب الكيلاني، والكاتب نجيب محفوظ، وأ.أحلام مستغانمي، و الأستاذ صالح الريمي.

لكل كاتب أو أديب هاجس دائم يشغله أو قضية معينة تسيطر على أغلب كتاباته هل لصفاء الهمداني قضية رئيسية تتجلى في أغلب كتاباتها؟

أحاول أن أتطرق للقضايا الاجتماعية والفكرية والإنسانية بشكل أساسي. وتجتاحني رغبة التطرق إلى مواضيع أخرى عند اللزوم.

هل تعملين على تأليف كتاب الآن؟

بإذن الله أعمل على تأليف مجموعات قصصية وعرضها على دور نشر حتى ، أرجو أن ترى النور قريبا ويكون مآلها بين يدي القارئ العربي بإذن الله تعالى، كنت قد بدأت بتأليف رواية لكن توقفت، سأعود إليها بعد إتمام بعض المجموعات القصصية إن شاء الله.

ما النصيحة التي توجهينها للكتَّاب الشباب وخاصة المترددين بالكتابة بشكل عام أولا وخوض تجربة النشر ثانيا؟

إلى ذلك الشخص الذي ولو لمرة واحدة تخيل نفسه كاتب وتخيل أن كتاباته نالت حظا طيبا من النشر، سيكون خيالك حقيقة، فقط توكل على الله، إقرأ كثيرا تأمل أكثر، رافق الصمت وتحدث قليلا.. انطلق في فضاء الكتابة، لا خير في التردد، اطلع أكثر على مواقع ودور النشر سواء الإلكترونية أم التي على أرض الواقع، حاول أن تكون لك علاقات طيبة مع أدباء وناشرين، ستستفيد منهم كثيرا في إظهار كتاباتك بالشكل اللائق.

كلمة أخيرة في نهاية الحوار.

كل الشكر والتقدير لك أستاذ سالم ولكل القائمين على موقع بلد الطُيوب الليبي ومحبتي للشعب الليبي الجميل، أرجوا أن يعم السلام النفسي والفكري والأمن الإجتماعي والاقتصادي كل أنحاء وطني اليمن وكل شبرا في وطني الكبير البلاد العربية. وأن ينفع الله بجميع الكتَّاب ويرفع شأنهم وتكون لهم اليد العليا في تغيير أوضاع مجتمعاتهم بشكل يليق بكل كاتب مسلم جعل منهج الوسطية ولغة الحب هما واجهتي وجوهر كل كتاباته، محبتي لكم جميعا.

مقالات ذات علاقة

6 عوالم مختلفة تتنافس على البوكر 2023.. فلمن تنتصر الجائزة؟

المشرف العام

صباحكم أجمل/ حكاية رام الله والذاكرة

زياد جيوسي (فلسطين)

صدور كتاب “ترنّم الصّوت وثورة الصّدى” لسناء الشّعلان بنت نعيمة “دراسات نقديّة في إبداعات معاصرة”

المشرف العام

اترك تعليق