المقالة

صباحات طرابلس

مدينة طرابلس
مدينة طرابلس (الصورة: عن الشبكة)

 
كنت بين الحين والآخر أكتب للصباح، وابتدع سوناتات لقهوته، وأناشيد للمحبة، اقتنص صورا من صباحات طرابلس الوادعة.. صباحات تطير حمائمها في ميدانها كل فجر، تهدل تحيات مردودة لتلك اليد التي تطعمها الحبوب حانية عطوفة…
 
ولها اليوم في مساء لا يليق إلا بحزنها أكتب:
المدينة التي لا يزيل اثار نعاس الليل من عيون أولادها وشبابها إلا (طاسة المكايطة) والكابتشينو والنص نص والنسكافية، كل واحد يصحو بطريقته المميزة لقهوة تعدها، المقاهي لأهل طرابلس وساكنيها وعابري طرقاتها بغتة، أو لإقامة مؤقتة…
 
طرابلس، طريقتها في الهتاف للحياة أن تقدم لهم تلك القهوة وقطع البريوش (الكروسان) الخارج لتوه طازجا برائحة الزبدة الفواحة اطرافه مدهون بعسل ابتسامات صباياها، لايثني عزمهن شيء عن دخول المقاهي، وحمل فناجين القهوة، قبل ان يمضين في الطريق إلى اعمالهن…
 
طرابلس، أسلوبها في الترحيب، لاي ميز بين أشقر اوربي يعمل لصالح شركات وسفارات، واسمر أفريقي يساهم في كنس طرقاتها، وحمل أعباء اثقالها. لهم جميعا تفسح المكان، فكيف تضيق فجأة بأهلها وساكنيها؟
 
طرابلس على خاصرتها كورنيش مزين بأكشـاك صغيرة، تفرش كراسي للمتعب والغريب وابنها وضيفها تعاملهم باحترام لهذا عشقها الجميع
 
وللعشق والعشاق تصنيف منهم الودود اللطيف المعطاء والشجاع الشهم النبيل ومنهم الغيور المخادع العنيف، منهم من لا يعرف كيف يبتسم لصباحاتها ورائحة قهوتها، فتبادله الصمت والجفاء، ومنهم من لا يشكر لباقة ضيافتها وحسن استقبالها، فيصدر ضجيجا يشق سكونها، مما يجفل بذخ هدوءها…
 
طرابلس التي اختطفت بأهلها مرات عديدة، تؤثر الصمت لا جبناً ولا ترفاً، بل تصبر كما الحليم يوسع صدره إذا حلما، وتغضب مثله إذا غضبا.

مقالات ذات علاقة

مواكب جبران خليل جبران و مواكب الربيع العربي: الغضب – و الغابة – و الحُلُم

جمال عبدالقادر أمهلهل

القاعة

المشرف العام

رمضان في بحور الشعر

خالد السحاتي

اترك تعليق