المقالة

شنه !

مما كتبت عن كتاب الدكتور على عتيقه – بين الارادة والأمل – استغرابي من ارتداء مصراتي قح لشنة حمراء! فالشرق – واخوتنا (التوانسه) وبعض الافارقة – هم فقط من يرتدون الشنة الحمراء، أما إخواننا في الغرب فيرتدون الشنة (الكحلة). في عمان قابلني الدكتور على – كعادته – مرحبا، مرتديا شنة ليبية حمراء ! وقال لي متبسما: “لم ولن أرتدي شنة كحلة! علاقتي فقط (بالشناني) الحمراء الفاتحة والأخرى الداكنة: ففي الغرب يرتدي الناس شنة أدكن قليلا من شنة الشرق الحمراء.. أما الكحلة فلها قصة يبدو أنك لم تسمعها من قبل..” اجبته بالنفي. جاءنا النادل بالقهوتين. ملأ كأسي بالماء، وقال: ” قبيل واحدة من أزمات القذافي السياسية مع اخواننا التوانسه كان قد تعاقد مع مصانعهم على تصنيع عدة ملايين من ( شناني ليبية) بلون اخضر لنرتديها بدلا من تلك الحمراء، فتكدست وخلقت ازمة، وطالت الجفوة بين النظامين . وكان على تلك المصانع ان تتصرف حيالها، أو تعلن افلاسها، ولم تجد من وسيلة إلاّ تغيير لونها! وجد الفنيون أن اللون الأسود الأفضل لطمس الأخضر! وهكذا انتشرت الشناني السوداء في المنطقة الغربية لتتفرد بها..” عقبت مازحا: “لو نفذ مشروع الشنة الخضراء لاستطعنا – الان – بسهولة تمييز (الأزلام) عن غيرهم، ومن حاجة لقانون العزل السياسي..” قاطعني ساخرا: “مشكلة الليبيين ليست في (الشناني) ولكن في فارغي الرؤوس..” اجبته: “تقصد حاسري الرؤوس؟” دفع شنته الحمراء إلى الخلف قليلا، وأجابني متبسما، ملوحا بسبابته يده اليمني: “لا.. اقصد فارغي الرؤوس”!! ثم استطرد: “أسمع يا أستاذ، ذات يوم اتصل القذافي بعمر المنتصر، كان وزيرا من وزرائه.. طالب منه احصائية دقيقة عن عدد الحمير والبغال الموجودة في ليبيا. كان ينوي، كما اخبرني المنتصر، حل مشكلة ازدحام السيارات بطرابلس بهذه البهائم! قل لي يا أفندي: “الجماعة التي تقتنع بمثل هذه الأفكار تكون حاسرة الرؤوس أم فارغة الرؤوس؟” أجبته ضاحكا منكفأ: “حاسرة! لأن حل مشكلة الازدحام المروري بالبغال، هي على كل حال، حلا من الحلول..” قال: ” قس على هذا الحل، الحلول التي نسمعها يوميا لمشاكلنا الحالية، وستعرف أنه لا علاقة بالشناني، أو حاسري الرؤوس، بمأزقنا”. رشفت من فنجاني، راسما ابتسامة، وصمتُ متطلعا إلى حكاية أخرى من حكاياته الشائقة.

مقالات ذات علاقة

دفقة حبر

محمد الزوي

الحـرب المـلونـة

سالم العوكلي

عين أخرى تنطفئ

مهدي التمامي

اترك تعليق