طيوب النص

شجرة الأيقونات

(إلى الحسناء التي أعجبها عطري…
وأعجبتني كلّها).
….

من أعمال التشكيلي عمر جهان
من أعمال التشكيلي عمر جهان


كانت تبيعُ الرُّمانَ والتذاكِــرَ وكروتَ الصعود:
– بكم التَّذْكِرة؟
قلتُ فيما كنتُ أُقبِّلُ جَفنَها فِـيَّ.. أنامت رمشَها على رمشي وهمست:
– بنبرة صوتك أو بالنجمات الغامقة على عنقك… في أكثر الأحوال ندرةً تكلّفك قُبلةً معسولةً عميقةً.
– أوه… يا لجموح الموقف! كاد البهاءُ يسرِقُ وقتي!
وضعتُ الحقيبة على الميزان فأشارت إلى الوزن الزائد:
– ما أثقلَكَ على قلبي أيها العابر… خفّف من عطرِك!
ثم عضَّتْ قلبي بلطف وذابت في الهواء.
كان وجهُها نائمًا على صدري الساخن الشاسع. كانت تبتسم وتشدُّني عميقا، أقتربُ فلا أعانقُ منها شيئًا. قلتُ فيما كنتُ أحكي لها عَــنَّا فِـيَّ:
– أنتِ شجرةُ أيقونات.. كلما لمستُ فيكِ شامةً أحالتني إلى مِهرجانِ جِنّ..
كانت تشتعلُ في دمي وكانت اللَّذةُ تقفُ محرومةً مِنَّا:
– أنا الطائر الـمُحمَّل بالأشعارِ والرغائبِ.. من حيثُ تأتين ريشي ترتعشُ الصورُ..
كنتُ أنكفئُ عميقًا في عِظامي إلى الركن المزحوم بجسدها ودخانِ البَخور.. أخُطُّ حروفا على جسمها الناعم. أوصِلُ أبراجَ نجماتِها بقلم جاف، كلما قابلتُ شامةً لا تعرفُها أحطتها بحلقة وسجلتُ اسمي وتاريخَ الاكتشاف. أمـخُـرُ عبابَ لحمِها ألتقي قارةً جديدةً أعتقدُ خاطِئًا أنها الهند.. أرسم شبكةَ عنكبوت. تصيرُ العنكبوتُ حيةً عند خصرها وتغزِلُ الخبراتِ السابقةَ..
عند الشاطئ بدا المنطادُ نعسانًا وكانت الحسناءُ التي تبيعُ الرُّمانَ والتذاكِــرَ وكروتَ الصعود تستقبلُ طابورَ المسافرين.. كنتُ أتحسَّسُ آثار عضتها حين جاء دوري.. مزَّقتْ ذاكرةً مسحورةً كَفَرَتْ بحدود الخيال:
– أتساءلُ ما المغزى! لقد عرفتُكَ من عطركَ..
– أنا أيضا عرفتكِ من عطري وأُراهنُ ألَّا مغزى من المغزى.. أنا أخلقُ أسبابَكِ بأثرٍ راجع.
حينها، كنتُ قد لمستُ بَظَــرَ أفكارِها فتَعرَّى صوتُها الأنثى:
– آآآه… قَتلْـتَني!
ثم عضَّتْ قلبي بعنف واشتعلْنا في الهواء.
 
……

أبريل. 2013

مقالات ذات علاقة

أنســـی

سعاد الورفلي

بريق الصدأ

مصطفى الطرابلسي

القلم العصي

المشرف العام

اترك تعليق