قصة

سيدي بوقطايه …

من أعمال التشكيلي الليبي الطاهر المغربي.
من أعمال التشكيلي الليبي الطاهر المغربي.

“في بيت العائلة الكبير، الذي يعيش فيه “فوزي” وزوجه وبناته وأبويه وجدته.

لم يكن لـ”فوزي” أولاد ذكور، هن فقط ثلاث بنات، أصغرهن عمرها عشر سنوات، كان يحلم أن يكون له ولد ذكر يحمل اسمه ويكون سندا لأخواته الضعيفات. كما تمنى والدا “فوزي” أن يصبح لهما حفيد ذكر. 

بعد سنوات من التمني شاء الله أن تحمل الزوجة، كان الجميع فرحين، وتمنوا أن يكون ولدا، لم يبق على موعد الولادة إلا أياما قليلة. الكل يجهز للمولود، الجد يشحذ سكينه لذبح الكبشين اللذين اشتراهما ابنه، الجدة تجمع مع حفيداتها قطع القماش ويصنعن ثيابا جديدة للطفل القادم، وترمي العجوز كل ليلة قبل النوم درهما نحاسيا في صرة القماش وهي تتمتم، ثم تضعها في صندوقها الخاص.

أنجبت الزوجة الطفل المنتظر بعد مخاض عسير كادت تموت فيه وطفلها. كانت الغبطة تملأ القلوب والضحكات عارمة والتهاني متبادلة.

بعد أيام من السعادة والأفراح وإقامة الولائم مرض الوليد مرضا شديدا واصفر لونه، ولم يُعرف ما به، حزن الجميع واضطربت حياتهم، طعم المرارة يتجرعونه مع كل أنة. 

في ذات صباح، كان أفراد العائلة جالسين مهمومين إذ وقفت الجدة العجوز فجأة وأخرجت من حزامها صرة القماش وقالت:

– فوزي. هذه صرة نقود جمعتها ونذرتها من أجل أن يأتيك ولد خذها، ربما تكون الفرج.

قبل “فوزي” رأس جدته ثم قال:

– سوف أوزعها على فقراء القرية.

صرخت الجدة:

– لا… بل تعطيها لسيدي بوقطاية.

استغرب “فوزي” كلام جدته بينما تدخل الأب قائلا:

– بوقطايه مات منذ زمن ولا علاقة له بالمرض والموت والفرج يا أمي… ما هذا الكلام؟

قالت الجدة ونظرها مثبت على الصرة:

– مات ولكن روحه مازالت تحوم حولنا تريد خطف الصبي ويجب الافتداء. ألا ترى صفرته؟

كان الأب يريد تصحيح معتقد أمه الخاطئ لكن “فوزي” غمزه فسكت.

قالت الجدة:

– عليك الإسراع بإيفاء النذر. يجب أن تدخل الضريح قبل المغيب وتضع النذر وأنت تقول: “من فلانة إلى سيدها بوقطاية. ثلاث مرات”، وعلامة القبول شفاء ولدك.

وصفت الجدة لفوزي مكان الضريح الموجود خلف تلة في ذيل قرية مجاورة. تجهز “فوزي” ثم غادر القرية بحوزته صرة النقود.

بعدما توارت شمس اليوم التالي رجع “فوزي” سعيدا بتسليم النذر لأسرة فقيرة لقيها في طريقه، وطمأن الجدة بوصول نذرها.

لم تمض أيام حتى شفي الولد وعادت السعادة ترفرف عليهم والجدة ترمق ابنها وحفيدها قائلة:

– هذه بركات سيدي بوقطاية.

نظر الاثنان لبعضهما ثم غرقا في الضحك.

مقالات ذات علاقة

ســفـــــر

محمد ناجي

شاحنة حبوب

علي جمعة اسبيق

مشوار العمر

خالد السحاتي

اترك تعليق