سرد

رواية الحـرز (30)

يشرع موقع بلد الطيوب في نشر رواية (الحرز) للقاص والروائي “إبراهيم عبدالجليل الإمام“، على أجزاء بشكل أسبوعي!! قراءة ممتعة للجميع…

صورة أحد البيوت الغدامسية. الصورة: عن صفحة الهيئة العامة للسياحة.

30

تجهزت لمغامرتها الجديدة.
صلت فجرها.. بخرت البيت بنفس نوع البخور النفيس.. بذلك تضمن استغراق الرضيع في نوم عميق.. لن يستفيق منه إلا بعد انتصاف النهار.. ألقت عليه نظرة أخيرة قبل أن تلبس رداءً جديداً لم تظهر به أمام أحد من أهل عرشها من قبل.
 غادرت سطح بيتها بعد تأكدها من خلو الطرقات النسوية من أحد..
أسرعت الخطى.. اجتازت بيوتات عرشها.. اجتازت كذلك عرشين آخرين.. وقفت في فسحة تتوسط عدة بيوت.. بحثت بعينيها عن العلامة الدالة على بيت الفقيه المقصود.. وجدتها بسهولة مثبة على أعلى شرفة البيت.. سمعت من خلفها صوتا يقول:

– قرنا الماعز علامة كافية لمعرفة بيت الشيخ.

التفتت لتتبين صاحبة الصوت.. أضافت صاحبة الصوت:

 – لم تخفين وجهك؟.. هل تخشين أن أتعرف عليك؟

لم تجبها.. ضحكت محدثتها ضحكة مجلجلة خبيثة:

– إنه زوجي سيخبرني بكل شيء

أخرجت بعض القطع النقدية وقدمتها لها.. خطفت القطع بجشع.. ضحكت مجددا.. قالت هامسة:
– للبيوت أسرار.. لا تخشي شيئاً.. هيا انزلي قبل أن تظهر إحدى الفضوليات.. ستدفعين كثيرا لتغلقي كل الأفواه.. هيء هيء هيء.

 استنشقت رائحة بخور خانقة قبل أن تصل إلى تمانحت البيت.. ذكرتها برائحة مماثلة شمتها في خيمة الكهل الغامض.. هذه الرائحة تكفي للدلالة على مهنة صاحب البيت.. وصلتها همهماته المبهمة.. افزعها صوت صياحه:

– هيا انزلي لن انتظرك طويلا

نزلت في ارتباك كاد تقع من اعلى الدرج لولا انها تماسكت في الوقت المناسب بالجدار.. وقفت أمامه وسط التمانحت.. رش مزيداٍ من مسحوق البخور.. ارتفعت سحابة كريهة الرائحة لم تتحملها في أول الأمر.. سعلت بشدة.. نظرت للفقيه الجالس في صدر المكان.. ذكرها بلقائها بالكهل الغامض.. فقط التقت ذاك في خيمة وهذا تحت سقف بيت.. صاح بها مرة أخرى:
– هل سأنتظر طويلا؟.. هيا أجلسي.
انصاعت لأمره ليس خوفاً فحسب.. بل رغبتها الملحة لاسترجاع فقيدها:
– ضاع مني ابني يا سيدي الشيخ.. استبدلته أمة الخفاء.

صرخ مجددا.. هذه المرة كادت تنقطع أنفاسها هلعا:
– تستور يا أسيادي تستور.. استبدلته الأمة المخفية؟.. تستور تستور تستور.
رش مزيداً من البخور.. همهم بعدة جمل في سرعة.. لم تتبين سوى كلمة واحد: أسيادي.. كررها عدة مرات .صمت قليلاً.. رش بخوراً.. انحنى على مجمره.. هز رأسه موافقاً.. كان كمن يستمع لهامس يهمس في أذنه.. تعرق كامل جسدها خوفاً.. نظر إليها بعينين ملتهبتين:
– متى حدث ذلك؟

مقالات ذات علاقة

جزء من رواية لن ترضى عنك روما

فتحي محمد مسعود

رواية الفندق الجديد – الفصل الرابع

حسن أبوقباعة المجبري

كُسيلة وعمر المختار

عبدالرحمن جماعة

اترك تعليق