سرد

رواية الحـرز (15)

يشرع موقع بلد الطيوب في نشر رواية (الحرز) للقاص والروائي “إبراهيم عبدالجليل الإمام“، على أجزاء بشكل أسبوعي!! قراءة ممتعة للجميع…

جامع مدينة غدامس القديمة (الصورة: عن الشبكة)

15

توقف الاعراج أمام المسجد.. كان مشغول الذهن طيلة خطبة الجمعة وركعتيها.. يفكر في أمر الغريب الذي صادفه مغادرا العرش في طريقه نحو البساتين.. خرج اخيرا من وقف في انتظاره.. بادره قائلا:

  • ما وقفت كل هذا الوقت إلا لأمر جلل.. هل مات أحد؟

رد الأعرج:

  • كلا.. لكن رابني امر فاردت ان اشركك في شكوكي.
  • ليتك تشركني في مالك لا شكوك هيء هيء هيء.
  • دعك من المزاح الان.
  • الا يمكنك الانتظار للعشية؟
  • كلا.. لا يمكن.. قد تزول الاثار ولا يممن تعقبها بعد ان يخرج الناس لاشغالهم.

جلس الى المصطبة الملاصقة لباب المسجد.. ظل الاعراج واقفا.. استعجله قائلا:

  • هات ما عندك واسرع.. فاليوم جمعة ولا وقت لدي لأهدره معك.
  • تأخرت قليلا في بستاني.. كادت تفوتني صلاة الجمعة.
  • ليس هذا بالأمر الجديد.
  •  لا تقاطعني.. خرجت مسرعا حتى لا تفوتني خطبة الجمعة وقبل نزول النسوة للشوارع السفلية في طريقهن الى المساجد.
  • ويحك وهل التقيت بهن؟.. يا للعار.

همّ بالوقوف والمغادرة.. لكن الاعرج استوقفه.

  • انتظر.. لم التقي بالنسوة لحسن الحظ.. لكني التقيت بغريب يغادر العرش ويتجه نحو البساتين.
  • غريب ¡
  • نعم..
  • ليس هذا بالأمر الجديد.. يرتاد واحتنا غرباء كثر لغرض التجارة واطلب العلم.. قد يكون احدهم.
  • اعلم ذلك.. واعلم انهم يتقيدون بأعراف الواحة..
  • ما الغريب اذا في غريبك هذا؟
  • كان ملثماً… ولما سددت الطريق عنه لأتبينه.. أسرع مبتعدا.
  • كان عليك إخبار الحرس.
  • تعلم انهم يغادرون لأداء الصلاة.. لم أجد أحداَ منهم في البوابة الفاصلة بين العرش والبساتين.
  • اذاً لقد فر صيدك.. ماذا تريد مني الان؟
  • نتبع أثره ومعرفة اتجاهه.. قبل أن تزول آثار أقدامه.. علنا نقف على حقيقة امره.

بدت علامات الجد على محدثه.. وقف قائلا.

  • لنسرع اذا لقد اثرت فضولي أيها اللعين.

 سرعان ما وصلا الى مخرج العرش نحو البساتين.. كان الحارس موجودا في مكانه اعلى البرج هذه المرة.. ناداه الأعرج بشيء من الحدة.. نزل الدرجات المفضية إلى البرج الذي يعلو البوابة على عجل.. وقف الحارس الشاب أمامهما مرتبكاً:

  • هل من خدمة أسديها لكما؟
  • هل مر بك اليوم رجل غريب؟
  • رجل غريب؟.. كلا يا سيدي.. ليس هذا مخرج الغرباء.. انه يخص أهل العرش فقط.
  • لكني التقيته قبل الجمعة.. كان عليك أن لا تغادر موقعك.
  • لكنها صلاة الجمعة ولم نعتد تركها يا سيدي.

تأسف لهما.. غادراه.. قال للأعرج الغاضب:

  • ألا ترى معي أنك بالغت في تعنيفه؟
  • كان عليه ان يكون أكثر حرصا.
  • عذره انها صلاة الجمعة.. كما انه لم نعتد ان يتعدى الغرباء هذه الحدود.
  • لكنهم فعلوها كان عليه غلق البوابة اذا.
  • لو فعل ذلك لحبسك انت ايضا هه هههه.

سار خطوات.. اوقف الأعرج في حدة قائلا:

  • عليك أن تتوخى الحذر.. علينا أن نسير بمحاذاة الجدران حتى لا نطمس أثر الغريب.

قطعا شوطا في سيرهما.. اوقفه رفيقه في ضجر:

  • هل انت متأكد انك رأيت غريبا هنا؟

توقف الأعرج.. هذا أثره انظر.. هنا قفز الى الضفة الأخرى من الساقية.. علينا تتبع هذه الخطوات.. إنها للغريب.

مقالات ذات علاقة

تاجر الأوهام (4)- قدّاحة الصايع

محمد النعاس

رواية الحـرز (2)

أبو إسحاق الغدامسي

الشـكـيـمة

محمد الأصفر

اترك تعليق