طيوب المراجعات

روايات ليبية نسائية… بعيداً عن تحديد الهوية الجنسية

كتاب روايات ليبية نسائية.
كتاب روايات ليبية نسائية.

أهم ما يميز هذا الكتاب هو أن مؤلفه الأستاذ “يونس الفنادي” عند تناوله ودراسته للروايات المذكورة فيه لم يقر بخصوصية إبداع المرأة الليبية الروائي ولم يصنف الروايات على أساس أدب نسائي أو رجالي، هذا التصنيف الذي يقتل روح النص في كل عمل إبداعي، وهذا ما جعلني أستمر في قراءة الكتاب إلى نهايته دون أخذ نفس أو توقف، أنا أؤمن بأن الكتابة الإبداعية لا تعترف بجنس معين، فهي تجربة إنسانية بقلم نسائي يحمل خصائص معينة فجعلنا نشعر أن أهمية دراسته لم تأت من جنس الكاتبات موضوع الدراسة، الخصوصية لم تأت من كونها أنثى أو كونه رجل، بل من خصوصية ونضج تجاربهن، رصد الهم الإنساني والمعاناة عند كل كاتبة عبر جغرافية ليست بديلة بل راسخة في الانتماء والأصالة.

لقد شدني الكتاب بداية من العنوان فهي روايات ليبية أولاً قبل أن تكون نسائية وهذا الترتيب يوحي بأن الأولوية لهوية العمل الروائي من حيث نضجه، عمق مضامينه ولم يتناولها من حيث هوية جنس كاتباتها، كما مس شغاف قلبي سطر الإهداء الرقيق المرسل إلى مبدعة أول رواية ليبية المربية مرضية النعاس ولا أدري لماذا وقفت طويلاً إجلالاً لسطر الإهداء الأنيق المفعم بالنبل، هذا السطر الساحر الذي غمر مشاعري بكل الدفء اللذيذ، لقد سحبني وشدني عبق الوفاء الفريد فيه إلى مواصلة قراءة الكتاب إلى أخره.

هذا الكتاب اختارني، سعى إليّ ورتّب لحظات اللقاء معي.. فعندما تناول الأستاذ يونس روايات الكاتبات، تناولها بحنو ولطف دون تعصب أو تمييز أو الانحياز التام أو التهليل المبالغ فيه هذا التهليل الذي غالبا ما يسيء إلى النصوص موضوع الدراسة، ولامسها برقة الأب الحريص على مصلحتها، فككها وحللها ثم أحتضنها بنبل وسمو ونظر إليها نظرة إنسانية خاصة بعيدة عن التعقيد وعن تحديد الهوية وتحدث عن عوالم روائية مختلفة ورحيبة.

كما أن الكاتب جعلنا نشعر إن إبداع المرأة كإبداع الرجل تماما فهي تستخدم اللغة نفسها والمفردات نفسها، ولم يشعرنا أن لغة المرأة ومفرداتها وتراكيبها اللغوية أتت بها من عالم كوني مختلف وأعتقد أنه أختار روايات دراسته بذكاء.

بين لنا الكاتب أن لكل نص من النصوص الروائية التي تناولها في دراسته خصوصيته، ولكل كاتبة عبقريتها، حاول إبراز جماليات كل نص على حدا، وميز إبداع كل كاتبة عن الأخرى، لغته الرقيقة وأسلوبه الجميل المتفرد جعلنا نقترب من النصوص ونعشقها، نقرأ الكتاب بمتعة ونتسلل إلى النصوص لنقترب من روح كل كاتبة ونتمنى مصافحة كل رواية ومعانقة كل حرف فيها، جعلنا الكاتب نتمنى اقتناء كل الروايات المذكورة وحفز لدينا الرغبة في قراءتها بنهم وحب ولهفة.

أنا أعتبر أن هذا الكتاب مكسب كبير للرواية الليبية التي تفتقر إلى هذا النوع من الدراسات النقدية، ومرجع هام لكل دارس للأدب الليبي بقلم نسائي.

مقالات ذات علاقة

كتاب القصص القومي لزعيمة الباروني

المشرف العام

شكراً .. أنطولوجيا قصيدة النثر في ليبيا

يونس شعبان الفنادي

الأدب الليبي منذ الحقبة الاستعمارية إلى يومنا هذا

المشرف العام

اترك تعليق