صحافة.
المقالة

رقمي # ورقي.. ما الذي يصنع مستقبل الصحافة؟

رواند العبيدي

تفوق الإعلام الإلكتروني عن الورقي حتى أصبحت الصحافة الورقية تواجه تحديات خطيرة تهدّد حضورها على الخريطة الإعلامية وذلك في ظل التطور المتسارع في وسائل الإعلام الجديد.

فالصحيفة الورقية اليوم لم يعد في مقدورها مواكبة سرعة المواقع الإلكترونية والتليفزيونات والراديوهات، وهذا ما خلق أزمة اقتصادية لهذه الصحف ودفع بأغلب المؤسسات الصحفية أن إلغاء إصدارتها الورقية، واكتفاء البعض بالنسخ الإلكترونية.

من ذلك صحيفة الاندبندت التي تأسست قبل 300 عام، حيث نراها تكتفي اليوم بإصدار رقمي بعد إنهائها إصدارها الورقي بهذه العبارة “اليوم توقفت المطابع وجف الحبر وقريباً لن يصدر الورق حفيفاً”.

وتأتي هذه الخطوة بعد انخفاض نسبة توزيعها من 450 ألف نسخة في اليوم إلى 40 ألف فقط. وتشاركها في ذلك صحيفة كريستيان ساينس مونيتورز وهي أيضاً من أعرق الصحف الأمريكية، وصحيفة لويدز ليست البريطانية.

أما الصحافة الورقية العربية فقد دخلت غرفة الإنعاش، فمن أزمة طاحنة تمر بها الصحف المصرية، تحت وطأة التضييق الأمني والضائقة المالية وانصراف القراء عنها، إلى ضيق الخناق على الصحف اللبنانية، وإعلان غلق «السفير»، إلى انخفاض عدد المطبوعات في تونس إلى 45 بعد أن وصل إلى 270.

هناك عدة أسباب تسحب البساط من تحت أقدامها يوماً بعد آخر لصالح الصحافة الالكترونية.

• مواقع التواصل الاجتماعي هي أكبر وأهم المخاطر التي تواجه الصحافة الورقية، منها الفيسبوك، التويتر، واليوتيوب، فعن طريق هذه المواقع يتم تناقل المعلومة والخبر بسرعة وبسهولة، مزوَّدة بخدمات تفاعلية كالصور والفيديو، الأمر الذي يقع خارج القدرة التنافسية للصحف الورقية.

• انخفاض الميزانيات الإعلانية للصحف الورقية. فبدون إعلانات لا توجد صحيفة ورقية في العالم تستطيع الاستمرار، ففي أمريكا قل الإنفاق على الصحف بشكل كبير بعد أن قلت الإعلانات التي تحصل عليها الصحف من 46 مليون دولار عام 2003، إلى 23 مليون دولار عام 2011.

• تستهلك صناعة الصحف كميات كبيرة من الورق والحبر مما يجعل المكسب الذي يدفعه المشتري لا يغطي قيمة ما تم إنفاقه على طباعتها، بالإضافة إلى أن القارئ لا يحتاج إلى أن يكلف نفسه تكلفة يومية لشراء صحيفة بينما بإمكانه الحصول على كل ما فيها وأكثر من مواقع الانترنت.

مع هذا الصراع بين الصحيفة الإلكترونية والورقية توقع الخبير العالمي روس داوسون المعروف بتخصصه في تقديم قراءات استشرافية للمستقبل بأن الثقافة الورقية ستنتهي بحلول عام 2017 في أمريكا، أما عن بريطانيا فبحلول عام 2019، حيث ستبدأ تدريجياً في الاختفاء، وبحلول عام 2020 ستختفي في ايرلندا وفرنسا والنرويج، وبسبب الدعم الحكومي فالصحافة الورقية في ألمانيا ستصمد حتى عام 2029، وستبدأ في الاختفاء بحلول عام 2030.

أما عن الدول العربية فتوقع داوسون أن دولة الإمارات ستكون من أولى العربية التي ستتخلى فيها الصحافة الورقية عن مكانتها لصالح الالكترونية بحلول عام 2028، تتبعها المملكة العربية السعودية بفارق ست سنوات أي في عام 2034، بينما تنبأ أن تفقد الصحافة المطبوعة قيمتها وتأخذ طريقها نحو الانقراض الكلي في أغلب دول العالم اعتباراً من عام 2040.

بهذا، ينبهنا الواقع اليوم أن جسد الصحيفة شاخ أمام المد التكنولوجي الكاسح ليصبح هناك الكثير من الصحف  الإلكترونية التي شكلت واقعاً إعلامياً جديداً، وافقدت السبق الصحفي للورقية.

يبقى السؤال المؤسف: هل هذه هي نهاية ثقافة فنجان قهوة الصباح المترافق مع تصفح الجرائد؟

________________

نشر بموقع المستقل

مقالات ذات علاقة

عُشبُ الجارِ.. أشدُّ اخضرارا …!!

أحمد الحريري

الحيوان الناطق في أدب الأطفال

منى بن هيبة

سمو الإنسان

علي بوخريص

اترك تعليق