طيوب البراح

رعشة عند اللقاء

علي المسماري

من أعمال الفنان محمد الشريف.
من أعمال الفنان محمد الشريف.

سنوات لم ألتقي بهذه الشخصية العفوية، مذ أيقنت حقيقة الفراق أدركت حينها بأن القاء مجددًا مُحال، لم أنتظر لقائها حتى ولو حلمًا، اليوم وفي ذكراها، ذكرتها في خاطري وأنا في أوج تعب الحياة، وبينما أنا أحاول أن أعيش الحياة كما ينبغي أن يعيشها كل من أراد التشبث بها، ذكرتها بكل صدق الحنين والوجد، بكل حاجة إلى راحتها تلك.

من الحياة لا أرجو شيئًا في يأتي، ولا أخاف شيئًا يقع، كان إرهاق العقل أكبر من الجسد، لكن مصيبتي أنني شخص أعيش بين عقل لا يقبل إلا الحقيقة وقلب يرفض الألم والحقائق، لكن صوت في هذا الضجيج يدوي بكلمة واحدة (علي) هو أسمي المعتاد لكنه يختلف هذه المرة،    -كان مريحًا-، سيطر القلب وأجاب بالإيجاب –نعم،  وقفت باحثًا عن هذا الصوت وجدته في فضاء خالي أُلفة تعلو ذلك الوجه حنين تساقط عند الرؤية، قلب عاد لطبيعته، ورعشة في يدي تلهج بالسلام، اقتربت من ذلك الوجه لكن الشوق أطفأه صدمة اللقاء، جلست بجوارها، حتى دون سلام أتذكر أن سكتنا لوقت طويل ننظر إلى طريق يمتد أمامًا حتى يختفي في الأفق، كان كلانا صامتًا ينتظر من الأخر أن يبرر غيابه ويتوسل عتابه، تكلمت فقلت: أين كنت؟ فأجاب: أنت من ضيعتني، وهكذا نقاش بننا دون أن يكون الحق على أحدنا، نهاية هذا النقاش أدركت بأنني أناقش طفلًا بكل جدية، نظرت إلى ملامحه المريحة، فإذا بي أنا، منذ عشرين عامًا.

قفزت من فراشي الذي أخلد إليه نهاية كل يوم إلى باحثَا عن راحتي المزيفة كما أؤمن، أدركت حينها بأن كل ما وقع حلم وأن الشخصية صورها الخيال وصدقها القلب وأوجد معها نقاش، ولكن الطفولة حتى في أحلامها مريحة، عدت إلى نومي لأكمله، وأكمل الحياة في الصباح لأعيش كما ينبغي أن تعاش الحياة، لا كما خططنا لها بأحلامنا الطفولية العفوية، بكل صدق رعشة عند لقائها.  ورعشة عند فراقها، ورعشة إذا تخيلت أن ألقاها مجددَا.

مقالات ذات علاقة

غـيـبوبـة

المشرف العام

ليلة هروب الأمل

المشرف العام

مذنبة أول الضحايا

المشرف العام

اترك تعليق