المقالة

خلجات حول الشعر

في النقد؛ من يدعم الحقيقة يدعم حقيقة روحه وتاريخه ..لهذا فالنخبة ستسقط في أول اختبار تتنكر فيه للإنصاف.

من أعمال الفنان التشكيلي رضوان الزناتي
من أعمال الفنان التشكيلي رضوان الزناتي

لازالت القصيدة العمودية تضرب أسلاكًا شائكة تحول دون انثيال المعنى، فتأسر خيال التلقي، وتقولبه، وتحجزه على أوتار الموسيقى الوزنية، لتنطلي القصة على الإصغاء المشدود الى رنين وصدى الموسيقا الظاهرة المخدرة، والتي يفوت عليها استشراف الرصد المرهف لزلزال المعنى.

وهكذا أضحت قصيدة النثر عولمة أخرى قادرة على قدح واستيعاب الخلق اللغوي، وتنسيل الاشتقاقات، وإطلاق التشكيل في موسيقى داخلية ذكية النوتة وعبقرية الإغواء.

ومن المؤسف أن نرى تطحلب الكثير من النصوص التي تستند إلى جراب متخم بالمفردات، والتي تتعثر قراءتها بفقدان كل شيء يشدها لمنابت اللحظة الشعرية الطبيعية، التي لا تقبل الانقياد للكلفة الإنشائية.

مثل هذه التجارب أعتقد انها انساقت لما يشبه تقريرية وصحفية الشعر، الرهين لتفاعلات لا مسئولة تشكل إغوائها في الفضاء الأزرق، هؤلاء ينفّرون (قرّاء الوجبات السريعة) إلى الهبوط الاضطراري نحو قصيدة الومضة بالإسهال التقريري شبه اليومي في نتاجهم، فتحدث أكبر عملية تهجير قسري عن التعاطي مع القصيدة الاعتيادية ذات القوام المكتمل، حينما يكتشف صائغها كمّه المهدر والقابل للتجزئة الرائجة في سوق الشعر، وهنا عليه أن يصارع إشكالية التلقي في مغريات رواج تفتيت النص.

وعليه ستظل اللحظة الشعرية في رهانها على عفوية اقتناصها للمعنى؛ أدنى مشهدًا لسقوط الصقر الحر، واختطافه لطرائده، بدقة بصرية

قابضة وواعية بأهمية التحليق بها من جديد للتناول الخاطف والزاهد في كل متردية ونطيحة وما أكل السبع.

بينما سيبقى النمط التقليدي أقرب إلى ارتكاز النسر الشاهق، في نأيه عن تفاصيل فرص الإشباع الحية، فيما قد تتيحه الرؤية ذات الأبعاد المتعددة، ليضطره لحواس أخرى تأول به للاقتيات على العيش بما يلقى لا كما يرجو.

مقالات ذات علاقة

اسمعوا.. وعوا

علي عبدالله

لماذا نكتب..؟

أحمد يوسف عقيلة

دون كيشوت.. في مقهى..

نورالدين خليفة النمر

اترك تعليق