قصة

حديث الغرباء

من أعمال اللوحة للتشكيلية مروه التومي

ساليرينو جنوب إيطاليا – 1:30 pm

أجلس وحيدة على كرسي يقابل شاطئ أمالفي.

منذ سنة ونصف منذ رحيله الأول تتكرر جلساتي الطويلة في الشتاء عند هطول المطر ألجأ إلى المشي حافية القدمين على التراب المبلل فرائحته العابقة في أنفى تذكرني بضحكاته السخيفة على نقاشاتنا. كان لا ينفك عن مجادلتي في انها بكتيريا تتطاير في الهواء وذات رائحة جميلة، يخرب لحظاتي بالأمور العلمية غالباً.

دموعي تنهمر في كل مرة أذكره لم أتحرر منه بعد أتعمد البكاء تحت المطر حتى تختلط دموعي به ولا يراني أحد منكسرة ضعيفة من دونه فهو لم يحب يوماً أن يراني حزينة.

أدخل إلى المنزل مبللة تنهمر مني قطرات المطر، أهرع إلى تبديل ملابسي وتجفيف شعري والنوم فهو أكثر ما يفيدني.

يبدأ صباح جديد بدونك ها أنا انظر لصورتك في كل مرة أفتح فيها عيناي وأقرأ كلماتك المكتوبة على ظهرها. خطفك الموت في ريعان شبابك لم نحظى بوقت كافي معاً أتمالك نفسي في كل مرة وأقول تستطيعين المقاومة.

هممت بالنزول إلى الافطار وتقبيل جبين أمي وحضن والدي وإلى العمل.

– كان يوما شاقا ومتعبا!! أراكِ غداً يا علياء.

– (سما) إنها تمطر! يجب أن تنتظري سأقلك بسيارتي.

– لا داعي للقلق!! فأنا أحب أن اتمشى على نهر إرنو تحت المطر.. إلى اللقاء.

شرود وتفكير عميق ذكريات تأبى الرحيل

– أشتاقك.

آه يا إلهي كم هو مؤلم الفراق، سأعد القطرات حتى لا أفكر بشيء يزعجني كما تعلمت منك.

– هيا واحد إثنان ثلاثة أربعة اووووبس.

– أعتذر أنا أسفه جدا لم أراك.

فقال: كانت عيناكِ مغلقة بتأكيد لم تريني.

أنا: حقا أعتذر!

– لا داعي للاعتذار لم يحدث شيء، انه مجرد اصطدام!

حقا! هل قبلت اعتذاري؟

نظر إليَّ مطولاً وقال: نعم، ليت الحياة بسهولة هذا الموقف.

أكملتُ طريقي ودموعي تنهمر حتى وصلت لذلك المقعد الذي اعتدنا الجلوس عليه. كنت مشوشة، تائهة، مشتتة لا أعرف كيف أصف ذلك الشعور، أغمضت عيناي حتى قاطعني صوت يقول:

– أيريحكِ البكاء.. هل اختلاطه بقطرات المطر ينظف الكرامة؟ يزيل شوائب الجروح ؟

غمرني شعور غريب يشبه الاختناق كنت أريد الصراخ فصرخت، بأهات خمسمائة وخمس وأربعون يوما من الألم، وقلت بحرقه وتعب يؤلم ويشعل لهيباً لا ينطفئ أنزف تحت هذه القطرات بعد أن كنت أرقص تحتها فرحاً ليتها مريحة كما تقول.

عم الهدوء وجلسنا دون أن ينبس أي منا بحرف لكنني شعرت بكسره وشروخه وصلني شعوره دون حديث. توقف المطر وكل منا قد غادر برحيلها.

“مريحة هي أحاديث الغرباء التي تبدأ بحديث فوضوي دون تعارف دون تبرير دون دراية وتنتهي في لحظتها “

مقالات ذات علاقة

هـكـذا أتذكر هنـد

الوعـــــــــــــد

المشرف العام

السّجان يسّتحى عندما تتلبّسه ملامح بانوسيّة*

البانوسي بن عثمان

2 تعليقات

عماد 20 مايو, 2020 at 12:02

كلمات معبرة وتتلخص قدرتها اي الكلمات في إظهار رائحة الحزن وكأنه عبق الأرواح المبتهجة
شكرا لك

رد
المشرف العام 20 مايو, 2020 at 15:05

نشكر مرورك الكريم

رد

اترك رداً على عماد