طيوب عالمية

بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة 2020

اليوم العالمي للفلسفة


يصادف اليوم الخميس الثالث من شهر تشرين الثاني/نوفمبر2020 ٬ الأحتفال السنوي باليوم العالمي للفلسفة٬ والذي تحتفي اليونسكو ـ اللجنة الدائمة ـ قيمة مستدامة للفلسفة٬ وتعدها نبراسا مشرقا لتطور الفكر الإنساني في مجمل مجالات التخصصات٬ وفي كل فرد٬ على ما تحثه من قيم مجتمعية؛ على التسامح والاحترام؛ في إقامة حوار الثقافات؛ وتكشف وسائل التحرر للتيارات الفكرية والإبداعية على كافة منابر حياة وآفاق الشعوب٬ من أجل مواجهة الأزمة الصحية الراهنة٬ وأيضا من أجل تحقيق التغيير والتنمية المستدامة وإحلال المحبة للشعوب عامة.

تتصدر قيمة أحتفالية اليوم بـ”اليوم العالمي للفلسفة” مكانا رفيعا في يومياتنا الفاعلة٬ و الحث على جوانب طبيعة أنشطتنا اليومية٬ المعتادة٬ حيث تشغل أرضية أنطلاق من موضوعات نظر الأبحاث في العلوم و فنون الآداب٬ وتحضى بأهمية خاصة في مجالات التفكر٬ والتأمل والإبداع.

وقد أوشك أن يشكل وقع الأحتفال فيها كالحوار في الجمال؛ الذي يشارك فيه الجميع دون تردد أو حرج٬ كالمقدمات؛ في مخرجات المشروعات التجريبية للأبحاث والدراسات٬ في الدين والفن والفلسفة ذاتها٬ دون خشية اتهام بعدم التخصص.

وربما يكون للأحتفالية٬ في ظل الأزمة الصحية٬ جائحة كورونا٬ أكثر ألوان التفلسف عن الفلسفة ذيوعا وأنتشارا٬ للنظر والمضي قدما من أجل تطوير أدوات الفاعلية النقدية٬ والاجادة في التكشف المسبق؛ من أجل مهامها؛ التحديات والإشكاليات التي تواجهنا بشأن العديد من مسلمات جوانب حياتنا العادية الراهنة. 

وهنا جاءت الدعوة في مهماتها الواضحة٬ وهو ما ألفناه بالأضطلاع الواضح٬ من خلال (رسالة المديرة العامة لليونسكو) السيدة (أودري أزولا)٬ بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة٬ في الأسلوب الخطابي البليغ٬ إعجابا فوريا٬ في تشغيل ممارسة التفلسف٬ بفتح مساحات فسيحة من موضوعات البحث٬ والمناشدة بالأعتماد على ما تحظى بأهمية الفلسفة؛ التي تزدان بها المدارس الفكرية٬ في سعة الألفاظ والمسميات التي تنطلق منها٬ والتوجه بإيقاع وقع معانيها٬ ودلالتها إلى صوان إبداع الأكتشافات العلمية. وما تقتضي بطبيعة الحال حماسا مفعما؛ بالمثل والقيم الجمالية والفنية؛ التي تشوب مهرجانات الأعياد والفنون٬ والتي غالبا ما تذوي وتلفت إلى انعاش روح المشاركة العامة من أهمية بها.

وتظل الأحتفالية بـ”يوم الفلسفة”٬ على هذا النحو من كل سنة٬ مشاركة قيمية٬ لها وهجا مفهوميا٬ ودلالية تحمل إشعال المشقة مراوغة بمشروعها الفلسفي٬ وحقوق المكابدة٬ ومنطلق أنتماء تساؤلات الحمقى المثيرة للخصوبة الفكرية وإدامتها.

ولعل لمثل هذا اليوم٬ لفت٬ جعل السبب في هذا الأضطراب الفكري المشاء٬ والتضارب في نفخ الأسلوبي للمناهج وأدواتها هو الخلط بين طرفي العصا٬ الذي أشارت إليه المديرة العامة لليونسكو٬ بين المجالين؛

الأول٬ والهادف إلى؛ مجال قيمة المضافة للتفلسف بـ” الممارسة” اليومية٬ لأجل المشاركة٬ حيثما ترمي أبعادها في صياغة غموسها في شؤون الحياة العامة٬ وأندماجها المعتاد بروافد المؤسسات الفاعلة في قواعد العمل والذوقع العام من وسائل وبرامج تنموية ثقافية مستدامة؛ التي ينشد في أنطلاقها إنتاج حسن جماعي مشترك.

أما الثاني٬ والهادف إلى٬ المجال الثاني فيه٬ هو التفلسف “التعليمي والتعلم” حيث تتضمن صوغها شوون المقدمات النظرية وطبيعة تناميها وتطورها التجريبي٬ على نحو إظهار المختلف والمتشابه والمفارق المتنازع في طبيعة القيم وبيان وشروحات وتفسيرات أنماطها ومصادرها٬ بفواصل ومعالجات المباحث.

 وقد يتبادر إلى الأذهان أن ثمة منهجين أو أتجاهين للنظر في القيمة المضافة لمخرجات التفلسف٬ ولا بد للمتفلسف أو “ممارس الحمق = الحمق الفلسفي” أن ينضم إلى مكابدة حمقاء واحدة منهما.

ـ اتجاه مشقة الحمق الأول؛ هو الذي يلحق بالمكابدة متعاليا بعيدا في آفاق طوباوية٬ مثالية٬ أقصى الحماقة في انتزاع أستقلال ـ ذاتووية القيم ـ بعزل أنويتها ـ عما قد يدنسها من مرجعيات واقعية وأصوليات مادية٬ لأجل أن يطهر لها وجودها الروحي المحض والخاص في جوهرها السائد بالمثل الجليلة.

ـ في حين٬ الاتجاه الآخر٬ يعتمد طرف الحمق المقابل٬ حيث يعتمد التفلسف من أجل فائض قيمي يعكس طبيعة الممارسات المعتادة “إدارة سياسة التخطيط والعمليات” للمارسات الواقعية. وتظهر للعيان العلاقة الفلسفية الصريحة٬ بممارسات شفافة للمعرفة “الصريحة/الضمنية” بين تفلسف الفائض القيمي السلوكي٬ والمعايير التطبيقية في التنفيذ٬ باذلة جهدا ضمن سياق العمل المباشر.

غير أن الاحتفال بـ”يوم الفلسفة” لا يقنع بعرض مختلف وجهات النظر؛ إلا ريثما يبين عن التحديات٬ طابعها الإشكالي للتفلسف٬ كقيمة مضافة٬ ويكشف عن قبلية معارفة ومعلومات جوانبها وعناصرها الصريحة/الضمنية٬ لكي يتم المضي بعدئذ إلى “مقترحات”٬ “مشاء” دؤوب٬ في صياغة تنفيذ آلية عمل٬ مراحل وخطوات المشاكل الاستراتيجية؛ لمهام مشكلة تفلسف القيمة المضافة الجديدة٬ فتح الآفاق لها؛ أمام حل “أزمة الصحية الراهنة”٬ لمسائلها من منظور إنساني وأخلاقي شامل٬ يحتوي معظم المفردات ويرتقي بها أبعادها٬ إلى تصور علائقي مركب.

غير أن هذا اليوم من كل عام٬ هو بمثابة محفز لإثبات مراجعة الأطراف المقابلة حيث إنعاكاس للقيم٬ بمداد الأستقطاب والمكابدة المتجددة٬ إلى طاقات أوتعائية٬ ترفد استيعاب كافة المواقف المنهجية والنظرية من القيمة الفلسفية وعلومها الخاصة في الفائض المعرفي التجريبي.

أن يوم الفلسفة٬ لا يرني إلينا تصورات جاهزة٬ بل يدفع بالأوتعاء٬ متوعباتها كافة من القيمة بدوافعها الإنسانية إلى خصائصها الحياتية الشاملة٬ بل يجعل من أهم سمات رافد لها وجود الإنسان٬ محنته٬ وأسلوب متهجية فاعليته واسدامتها معا.

كما يسعى يوم الفلسفة٬ الاحتفال٬ أن يوكد هذا التصور عندما يطبقه على “الأزمة الصحية الراهنة” ونزاع الاعتقادات والاتجاهات والانماط في الفكر الديني٬ والفني٬ والفلسفي٬ والعلمي… .

وعلى أية حال٬ ما يمكننا القول به آخيرا٬ أن هذا اليوم٬ مثل مهرجات أممية جليلة أخرى للشعوب٬ تتقدم بدعوة للحوار٬ نتقدم به من خلال إدارة فريق عمل الموقع الموقر٬ بعد الشكر بالعرفان لجميع طاقم فريق العمل٬ بدعوة فتح الحوار والتفلسف  بـ “الحمق الفلسفي الجليل”٬ للحوار حول قضية بهده المناسبة٬ هو الطابع الوجودي للتفلسف من جوانب النشاط الإنساني٬ وهذه القضية بهذه المناسبة لن تسنح لنا الأنفلات من مواجهتها بتحياتها المكثفة والبارزة سواء في إنتاج المعرفة الفكرية أو المعلوماتية السلوكية: التفلسف المعرفي الضمني/الصريح.

ومن الله التوفيق.

مقالات ذات علاقة

فوز رواية “أخبار الميت” بجائزة والتر سكوت للرواية التاريخية 2022

المشرف العام

التصوّف الإسلاميّ

عزالدين عناية (تونس)

لدي ملكية آلم

آكد الجبوري (العراق)

اترك تعليق