من أعمال التشكيلي محمد بن لامين
شعر

الوردة وتاريخها

Mohammed_benLamin_044

 

ماذا يعني موتُ الشاعرِ يا شريكةَ صوتي

سوى غياب الضوءِ الأثير عن جهةِ الحلم

وسماء المخيلة /

حدوث خلل ما في العلاقة بين الوردةِ وتاريخِها /

انقطاع الكهرباء عن منزل الطمأنينة وقد استبدّ ت مواسمُ القتامِ

بلغةِ العائلة /

وأيضاً إهمال الحديقةِ وتركها رهناً بدورات الغبار .

موتُ الشاعر يا حبيبتي

يشي باختفاء نضارة المعنى عن حياةِ لغةٍ بأسرها

وقد أمست رهناً برفات الذاكرة ،

حيث ستفقد المعرفةُ زوّادةَ السفر وهبةَ النار /

وبعد حين ستضيع سلسلةُ مفاتيحنا ، وتتهشمُ العديدُ من البراهين

كالأكسجين والموسيقى وبصيرةِ الماء ،

أشياءٌ ناعمةٌ ورحيمةٌ وضروريةٌ جداً لكي نستمرَ في كتابة رسائلنا

وهندسة خرائط عطرنا .

لكن عوضاً عن مديحِ الموت،

دعينا إكراماً للتفاؤل

نقترحُ قصيدةً جامحةً تخرجُ من لدن رمادِها المبارك ،

لعلنا نتيحُ لأجنحةِ الحبرِ أن ترسمَ غيمةً حُبلى /

أو نطلق رماحَ وهمنا في أثرِ كلمةٍ ضائعة ،

ثم ننتظرُ دونما سأم أن تهطلَ الألوانُ الطازجةُ من شرفةِ الشمس ،

و تنزف الموسيقى من الشفاهِ الحارةِ ،

أن يستيقظَ الأطفالُ كل صباحٍ وقد تنكبوا حقائب بهجتهم .

لأن الشاعرَ مهما تقرحت رئةُ خيالِه

سيظلّ مقيماٍ في هذه الرؤيا أو تلك ،

يحفرُ في خزانةِ الروحِ وطناً صغيرا ،

باذخاً بالأمنيات المترعة بكرامةِ النور .

موتُ الشاعرِ يشيرُ إلى حياةٍ أخرى يا (موني) ،

يشيرُ إليكِ يا سلطانةَ فقيدِها وأنتِ أكثر ضراوةً وعنادا ،

تعتقين الدلالات الأصيلة ،

وتقطفين الصورَ النضرةَ من مجازِ عراجينها المرحة ..

تؤثثين فراغكِ اعترافاً بما يولد ،

وتهبين حبلكِ السريّ للمدينةِ ذاتها التي جوّعتك حقولُها ،

وما حصارك سوى عتقٍ إضافيّ لرئةِ المعنى

يا رفيقةَ سرّ وملكةَ غيب .

أنت قبرُ الشاعرِ ورحمُه ،

مهما تغضبين ستظلّ رحمتك تظلل تيهنا حتى نصحو ،

وقد صرنا الروح والجسد ..

لأنك الوحيدة سهام القصيدةِ وقوسها ،

أينما تنامين يستيقظ شعرُك مبلولاً ببخارِ الدلالاتِ الثريةِ ..

لا شيء يغيّبك عن مهرجان المستقبلِ ، لأنك المستقبلُ ذاته ..

وما من ريحٍ تهزّك أيّتها الشجرةُ إلا مشيئتك حين ترقصين ،

مبتهجة لأمرٍ فيكِ ، لا في الريحِ التي خديعة نفسها..

لأن الشعرَ يقطنُ جنّة الروحَ ، لا خرائب الجسد ..

وأنت حياةُ الشاعر ، لا موته /

ونحن حين نهتف يحيا الشعر ،

إنما نمجّدُ الوطنَ العظيمَ الذي يُؤوي الوردةَ وتاريخَها .

_______

برلين ، صيف 2010

مقالات ذات علاقة

يشهقُ بكِ الحُلم

مفتاح البركي

فلسطين تصارع الثيران!

ميلاد عمر المزوغي

الوحيدتان

حواء القمودي

اترك تعليق