من أعمال التشكيلي محمد الحاراتي
قصة

السجّادة…

من أعمال التشكيلي محمد الحاراتي

 

1
… أَسراب البطّ المهاجر تَعبُر سماء قريتنا.. خطوط داكنة.. سِهام مستقيمة تنطلق نحو الجنوب.. أَعناق مَشدودة.. حركة واحدة للأجنحة.. لا تغريد خارج السرب.. يبدو السرب كطائر واحد ضخم معقوف الجناحين إلى الوراء.
… ينخفض السرب خلال الأودية.. أتأمّل البَطة التي تُشَكِّل رأس السهم.. جناحان أسودان.. رقبة مطوَّقة بالأخضر الداكن.. منذ طفولتي وأنا شاهد على هذا العبور السنوي.

2
… عندما لمحتُ السجّادة الكبيرة في المحلّ.. أدركت أنني سأشتريها مهما كان ثمنها.. كانت من الإتقان بحيث خشيت إن اقتربتُ أكثر أن يطيرَ سربُ البَطّ الجاثم على ضفاف البِركة.

3
… أَزحتُ كل الأثاث.. أَخلَيتُ الجدار.. علّقتها قُبالة السرير.. بحيث تتسنّى لي رؤيتها أثناء الاستلقاء.

4
… ضُحىً مُشِرِق.. النافذة مفتوحة.. الشمس تغمر الفراش.. استسلمت لخَدَر الدفء.. وأنا أحلم بالبطّ.
… أَيقظني رفيف الأجنحة.. البطّ يملأ سماء غرفتي.. الأجنحة الداكنة اللامعة.. الرقاب المُطَوَّقة بالأخضر.. المناقير والأرجل العريضة.. مددت يَدَيَّ.. وفي لحظة خاطفة اكتظَّت النافذة المُشرعة على السماء باصطفاق الأجنحة.
هذه أول مرّة يحطّ فيها السرب العابر.. ربما بسبب الطيور الجارحة.
أخذ وضعه الاعتيادي.. سهم أسود يُوغِل في الجنوب.. الْتفتُّ إلى السجّادة.. كان سطح البِركة يتموَّج.. دون أيِّ أَثرٍ لسرب البطّ!

(2003)

مقالات ذات علاقة

قصة المحطة 69

محمد النعاس

السلك

سعد الأريل

المِخْلاة

أحمد يوسف عقيلة

اترك تعليق