المقالة

التعليقات.. سلوك أم قصور ثقافي؟

عبدالعزيز الرواف

لا شك في أن ظهور تكنولوجيا المعلومات والإنترنت أتاحت فرصا كثيرة للمهتمين بمتابعة كل جديد وحديث، وأتاحت فرصا كثيرة للإنسان العادي في التعبير عن وجهة نظره بعيدا عن مقص الرقيب والمتابعة من أي نوع كان، والمتابع المدقق لعالم الانترنت يجد أن الايجابيات تفوق السلبيات أثرا حتى وإن تكاثرت هذه السلبيات وأوجدت واقعا تمويهيا غطى على الايجابيات التي نسعى للاستفادة منه.

وفي ليبيا، رغم انقطاع الصحف العربية والأجنبية ردحا من الزمن وجدنا في هذه العوالم بديلا قويا لمتابعة أحدث الأخبار والمستجدات وجعلتنا في دائرة الحدث متأثرين ومؤثرين، كما صار بإمكاننا متابعة إبداعات المبدعين من فنانين وكتاب وأدباء على مختلف السُوح العالمية.

أيضا هذه السوق المعلوماتية أتاحت لكثير من المهتمين بتوصيل ما ينتجونه من إبداع إلى الآخرين فظهرت المدونات والصفحات والمواقع الشخصية التي من خلالها انتشر المبدع الليبي وارتبط بغيره من المبدعين في كافة أنحاء العالم والذي صار يسمى نظرا لهذه الطفرة بالقرية الصغيرة، كما ظهرت مواقع تتيح للمواطن البسيط التعبير عن ما يجول في نفسه من أفكار، كما أتاحت له عرض مشاكله المحلية التي لم تجد سابقا في وسائل الإعلام المحلية أي اهتمام.

وكعادة أي وسيلة أو اختراع لابد أن ترافقه سلبيات وهنات، وليس معنى أن وجدت هنات أو سلبيات، أن نعمل على تحجيم أو مراقبة أو منع هذا النهج أو هذه التقنية. وفي عجالة نجد أن سلبيات هذه التكنولوجيا تتمثل في أن المصدر في الأغلب غير دقيق، أو لا يمكن تحديد مدى صدقه من عدمه، كما أن تهويل أمر الإشاعة وإعطاءها بعدا كبيرا لا يتناسب في الأغلب مع قيمتها.

ومع هذا فإنني سأقف عند ناحية أخرى أفرزتها كثرة المواقع ، وكثرة المتدفقين على عالم الانترنت، أيضا محاولة البعض الولوج لعالم الكتابة من باب لا يتناسب مع حجمهم ولذلك صار هذا الجانب يعج بكثير من الغث وبقليل من المفيد.

هذا الجزء من عالم هذه التقنية، هو باب التعليقات الذي تعتمده كثير من المواقع، وككاتب ومهتم لست ضد وجود هذا الباب ولا أدعو لقفله بحجة أنه تجاوز المعقول في بعض المواقع، لكن أرى أنه ظاهرة يجب تشجيعها لأن المعلقين يحملون تباينا في المفاهيم وتفاوتا في التفكير، وهم يجسدون مدى المعاناة التي يجدها الكثير من الداخلين لهذه المواقع في التعبير عن رؤاهم سواء في بيوتهم أو محيط حياتهم، ولذلك هم يسارعون لنفث كل المخزون لديهم وبأي أسلوب.

أيضا نجد من خلال متابعة دقيقة لهذه الردود والتعليقات أن الأغلبية يرتبطون برابط معين، زمالة مهنية، أو سكان لنفس المنطقة، ولذلك تجد أن البعض يحمل موقفا معينا تجاه الكاتب وليس تجاه الفكرة المطروحة، أيضا نجد أن البعض يدافع بشدة من خلال التعليقات عندما تكون موجهة لجهة ما أو شخصيات معينة تربطه بها صلة ما، مصلحية أو قبلية أو غيرها، ويهاجم في حالة أخرى، وهذا استقرأناه من خلال متابعة مواضيع معينة تهم جهة معينة من البلاد وفيها إشارة واضحة تجاه جهات أو أفراد.

يبقى أمر وهو يجب أن تكون لدى المواقع التي تعتمد أسلوب التعليقات شفافية وصدق ومعقولية في متابعة هذه التعليقات، كما أن تواصل الأمر أي أسلوب اعتماد التعليقات سيثبت جدواه مع مرور الوقت، فستتبلور الفائدة بتعود القراء على أسلوب الواقعية واعتماد المنطق في التعامل مع المواضيع، كما أن مع مرور الزمن سيُفرغ بعض أدعياء الثقافة والذين يحملون مواقفا معينة تجاه بعض الكتاب من مناطق شحناتهم، لأن أغلب هذه المواقف لا مبرر لها، وربما مردها اعتقادهم بأن وجود هذه الأسماء عائق أمامهم، وهو تصور لا يمكن أن يكون صادقا سوى من ناحية الكفاءة والقدرة، ولذلك ستظل هذه التقنية فائدتها أعم وأشمل مع وجود كثير من السلبيات خلقها بعض المتلقين لقصور في الفهم.

09.05.2009

مقالات ذات علاقة

المصير الثقافي !

المشرف العام

حركة الهيبيين

أحمد معيوف

أين ليبيا التي عرفت؟ (36)

المشرف العام

اترك تعليق