قصة

أمام المدرسة

من أعمال التشكيلي الليبي محمد البرناوي.
من أعمال التشكيلي الليبي محمد البرناوي.


كنت في ذلك الصباح أقود سيارتي ببطء، أتحرك ضمن موكب للسيارات يعبر الطريق المزدوج المغسول بمياه الأمطار التي تهاطلت طيلة الليلة الماضية.

في منتصف الطريق كان ينتصب رجل المرور ينظم حركة السير من أمام تلك المدرسة الابتدائية الإعدادية. التلاميذ والتلميذات يمرون مسرعين باتجاه باب المدرسة التي يأتي منها عبر الميكرفون صوت النشيد الوطني: يا بِلادي يا بلادي بِجِهادي وجِلادي.. ادفعي كَيدَ الأعادي والعَوادي.

من بعيد تأتيني أصوات الانفجارات فينقبض قلبي وازداد حزنا وكآبة. سألت نفسي: هل هي قذائف مدفعية الهاوزر؟ كما علق يوم أمس أحد المواطنين عند سماعنا لأصوات مشابهة ونحن نقف في طابور المخبز؟ البعض صار خبيرا في تمييز اصوات قذائف المدفعية وأنواعها التي لم تتوقف عن قصف المدينة منذ أشهر، أنا لا أعرف أن أميز أصوات الانفجارات، بل إنني لا أستطيع تمييز أصوات الألعاب النارية من أصوات القذائف.

على الجانب الأيسر من الطريق لمحت تلميذين في نحو العاشرة من العمر أو أزيد بسنة أو سنتين يخرجان من محل للمواد الغذائية يقع في مواجهة المدرسة، كان على ظهر كل منهما حقيبته المدرسية، ويرتديان معطفين قصيرين بغطاءين على رأسيهما يقيهما البرد وحبات المطر التي عادت تهمي مجددا.

أوقف شرطي المرور حركة السيارات كي يسمح للتلميذين بعبور الطريق.

عندما وصل التلميذان إلى الشرطي مد أحدهما شيئا ما وسلمه له في يده، ابتسم الشرطي وهو يستلم ذلك الشيء، ووضع كفه الأخرى على رأس ذلك الطفل في ود، سارع التلميذان يركضان باتجاه باب المدرسة، وتحرك موكب السيارات مجددا فتحركت معه بسيارتي، وعندما بلغت الشرطي التفت من باب الفضول نحو يده لأعرف ما هو ذلك الشيء الذي سلمه الطفل له، فاكتشفت أن الشرطي كان يمسك بقطعة شكولاته بين أصابعه، ومازالت الابتسامة على وجهه، ابتسمت وأنا اضغط على دواسة البنزين لتزداد سرعة سيارتي مع تحرك الموكب بصورة أسرع، وازدياد ايقاع المطر.

1يناير 2020

مقالات ذات علاقة

قال أحبك ومضى!

المشرف العام

الـدم الأسـود

إبراهيم بيوض

بقلاوة باللوز

المشرف العام

اترك تعليق