طيوب البراح

أصدقاء الريح

حميدة بالقاسم

من أعمال التشكيلي عادل الفورتيه.
من أعمال التشكيلي عادل الفورتيه.


توقفي عن الحلم يا نوار، اجعلي اليوم هو اليقين، لا تنتظري الغروب هو مغادرة فقط، حين تتعب الشمس ترحل نعم هكذا ببساطة، لا عليك كما كل الأشياء الطيبة تموت بلا تفسير، لا جمل تأكيدية تقنعها بالبقاء فترحل أيضا ينسحب ذاك على الشروق تؤدي الشمس واجب حضورها كما كنا أيام المدرسة وقت كنا يافعين، تلمع عيوننا تحت سارية العلم حين يلتئم طابور الصباح تتألق الشمس والاحلام معا، نعم أنه الشغف بكل شيء تقريبا أنه الحب حين غابت عن قواميسنا الكلمات التي تصفه لكنه كان حاضرا يغني، كان الجميع يسمع صداه لعله الصدق فحسب.

توقفت الكثير من الطقوس بل صدءت لم نعد نتحدث كثيرا غير السعي بأنفاس متعبة عبثية إلى نيل بعض المطالب.

هل ما زالت المسافات جزء من مشوار الحياة، أتتوقعين أن ينزاح هذا التراب الجاثم على صدر الحلم وينتفض، كثيرة هي الحقائق اليوم بحجم العتمة وبالقدر الذي يشعر فيه كلانا بالقهر من جملة صغيرة ترد في سياق باهت.

نحن وكل الحالمون نستوقف الساعة التي لم تملك يوما عقاربا، في مطلع الشمس لم يعدنا أحدهم بشيء، كل الحوارات كانت تدور مع الغد، تجلت لنا بعض الأوهام صنعنا منها غيمة وانتظرنا المطر سوية، نؤمن بالخريف نقدس التواريخ لنا مجدنا الخاص، أتذكرين!

السقوط تكرر فيما سبق لم نكترث يوما له كان جزءا من النهار ألا يكون اليوم نهارا وليل، تماما ربما كان ليلا وأحيانا تعثرنا في غلس النهار، عدم امتلاك ورق التوثيق يساعد على التجاوز الذي يمهد الى الوقوع في جرف النسيان، هي لعبة الوقت تصبح بعض الأحداث بعيدة فيما نولي اهتمامنا بأخرى وهكذا دواليك.

لكل منا طريقته الخاصة في خوض الحياة، كم كنا نملك الشجاعة مع الكثير من الصبر، نادرا ما يملك البشر هاتين الصفتان معا، الشجاعة متهورة والصبر ممل، نحن كنا نحقق معجزة التوازن لكن كان القدر ينفي دائما تحقيق الكمال.

سرقة القدرة على خلق الصخب السعيد ذاك الذي يسبق الاحتفالات، صارت كل الدروب متشابهة خيار واحد في خطوات عرجاء قبل السقوط، هذا ما يلوح في الأفق أنا أنزلت الراية في منتصف الطريق هل يكتب لك الانتصار، لا بأس موت أحد أطراف القضية لا يغلي عدالتها، حتى وأن تواجهنا مع أحجية الحياة مجددا لن تختلف التوقعات يبقى اللغز كبيرا في الواقع، متناهي القزامة في عين خبرتنا بحجم قبضة اليد، مثلما تولد القطط صغيرة ومن دون خبرة، قد تظن ان كفة الأرض رجحت لصالحك وينتهي الامر بلا نتائج، نهاية متعرجة ووقوف أبدي في الظل .

نحن والكون هذا الصراع الدائم الدائر حولنا هو غير ٱبه بمصائرنا هل تخلينا عن احلامنا أو ما زال في المعركة جولات قادمة، ونحن نراقب تقريبا كل يوم الأفق عندما يرسم لنا الشفق قبلة الرجاء او هكذا تكون القراءة دوما، بمزيد من الوعود تركت لك الذكريات المتصدعة، صندوق صغير من الأمنيات المرتعشة، صور صماء التقطتها يد غير واثقة.

نعم انه الصبر أنا أن منحتني السماء الكثير منه يوما ادعوا الله أن يكون كل قادمه لك.

انه الماضي المحكوم بحماقة البدايات هو ما يحرك دوافعي الٱن، أنت هل مازال الغد لديك هو التمرد والحركة المستمرة كي يسمع العالم بوجودك !!، جفاف القيم هل ينفي وجودها سابقا ؟ عدم قدرتنا على الوفاء بها امر حتمي، لا عليك يا نوار ! أنا الٱن لا أعتنق اي عقائد بل تتحقق ذاتي في مرور الايام مع اقل الخسائر، هذا منتهى الإيمان لدي، أنها محكمة غير اخلاقية تحققت بالضرورة، كي اكمل دورة الحياة مثل دودة صغيرة في شجرة التوت، فرض أحد ما عليها الحياة أترين ! كيف انهارت قواي هذا ما تكون عليه الأمور عادة في الصباح، باقي النهار تكون الأحوال أفضل قليلا، على نحو غير مستقر اترنح بين توهان مفتعل وغثيان أحمق، كأن سفينة عتيقة غارقة باتت هي وطني الجديد، دوار ناجم عن حركة الكون هلا توقف هذا اللا معنى.

 أتذكرين! يا نوار كيف كان المنطق هو ملعبك، انا حتما شيء هوائي تائه في حضور المصائب الدائم، ارغب حقا بالنوم الطويل عل هذه الايام تمضي وحدها، تبقى هكذا ذكرى معلقة على حائط الوجدان فقط.

توقف احد ما عن طرح الأسئلة، انتهى أوان كل التدابير كالندم الذي يلي ازهاق روح، بعض فرص المتابعة الغير جادة لا تحقق الفوز بل تعمق إثر الهزيمة.

النافذة ذات الروح المسجونة كأن مشاهدها كانت الحلم الخريف المطر العتمة حنق الجيران وفرحهم بالحياة تصبح جزء من الجدار حين نغضب، شاهدة على محاولاتنا الاولى لتعزيز خيار التمرد لها قدرة عظيمة على الغفران، لم تخبر يوما أحدا، أحيانا تمنح الوعود كنظرة أم لا تكذب لكنها لا تقول الحقيقة تحول الوقت الى حقب اليوم بسنوات كل هذا العمر الذي مر بخشوع كان بفضلها، حقا كان وميض الرصاصة الأولى أيضا عبرها، صارت الان كعجوز عاجزة أمام حبكة الحياة هل توقفت أم تراها هي فقدت حواسها قضم الزمن كل أدوات المواجهة لديها كائن اعزل بلا أمنيات صديقة الزمن بلا ذاكرة.

أتذكرين! وقت كنا أصدقاء الريح، نسائم الخريف تجدد أرواحنا حتما هذا سرنا الكبير، هذه الصورة التي يكسوها الغبش الان لا أتذكر ما كان لون الشفق عند التقاطها، برتقالي على ما اعتقد، أنا الان أواجه هذا العالم الكريه برئة مدخن عريق، مات حلمنا يا نوار هل خف حمل الأرض الان.

مقالات ذات علاقة

البصرية

المشرف العام

ليبيا .. حقول الموت

المشرف العام

نهاية فوْضى .. !

المشرف العام

اترك تعليق