حوارات

أحمد البيزنطي: كنت ممثلاً وضمن أفراد التخت الشرقي

أحمد البيزنطي: كنت ممثلاً وضمن أفراد التخت الشرقي

 

حاوره: نوري عبدالدائم

قبل التوجه لمنزل الحاج “احمد عبدالله البيزنطي” هاتفت الاستاذ “محمد شرف الدين” لمرافقتي صحبة الفنان “أحمد السيفاو” -لإذابة الحاجز الزمني بيني وبين الحاج أحمد- الذي أبدى استعداداً فورياً للذهاب ” لتاجوراء ” محل إقامة ضيفنا، وفي مكان غير بعيد عن ضريح ” سيدي الأندلسي ” استقبلنا وحيده ” عادل ” لمرافقتنا لصالة جلوس معدة بترتيب ليبي لا يخلو من أناقة حيث يجلس “البيزنطي” الذي استقبلنا بحفاوة تليق بأصالة هذه الأسرة التي تضرب جذورها في ليببيا منذ قرون.

> هل نحكي عن البدايات ؟

-البزنطي: أنا لم أكن ضمن خريجي مكتب الفنون والصنايع كنت من المؤسسين الذين انتسبوا إليها من خارج المدرسة صحبة “علي الفلاح، وبشير عريبي، وعلي القروش” فكنت ممثلاً في الفرقة وضمن أفراد التخت الشرقي الذي كان بقيادة الفنان “عثمان نجيم” كعازف “طبلة”. كما تعلمون فالفرقة كان برنامجها يضم عملاً مسرحياً إضافة لأمسية موسيقية أو مشاهد يتخللها “مونولوج ضاحك”. لم نمكث كثيراً في هذا المقر _ صالة الملاكمة بالمدرسة _ فسرعان ما أخطرنا بوجوب البحث عن مقر جديد بناء على رغبة مدير المدرسة في ذلك الوقت، فتم البحث عن مقر والذي تمثل في حجرة صغيرة بأحد الفنادق بشارع درغوت باشا.

> مازلت تذكر أول عمل للفرقة ؟

-البزنطي: كانت بعنوان ” وديعة الحاج فيروز الخرساني التي عرضت بمسرح “البوليتياما” النصر حاليا،وتوالت الأعمال ” عبدالرحمن الناصر ” ” حلم المأمون ” … وقتها فرض علينا الاستعمار تغيير الاسم إلى “الليتوريو الإسلامية للتمثيل والغناء. أسوشيا زيوني موسلمانا ليتوريو” فتم التحايل من قبل الدكتور ” مصطفى العجيلي ” بأن اعتمد الأحرف الأولى من الجملة لتصبح فيما بعد فرقة “ا.م.ل”.

> عملت كثيراً مع الفنان “محمد حمدي” ما هي أهم ملامحه على المسرح ؟

– البزنطي: حمدي من القدرات الاستثنائية ولديه حضور أخاذ فبمجرد خروجه على المسرح يفتح شهية الضحك عند المشاهدين… لقد رافقته كثيراً وعملنا الكثير من الأعمال… كم كان يتمنى أن تظهر صورته في الصحافة حتى أنه بروحه الخفيفة يقول: هل لابد أن أموت لتظهر صورتي في الجرايد؟ … لقب “ببربري طرابلس” لتشابهه مع الفنان علي الكسار “بربري مصر” فقد كان متأثراً بذلك الفنان مع إضفاء الروح الليبية على أدائه. قدمنا من خلالها -أي الأمل- العديد من الأعمال “عصمان البحري” بطولة حمدي وهي رواية مقتبسة من أعمال علي الكسار و”المريض” و “الصديق المنافق”. كان وقتها مختار الأسود صغيراً يعد لنا الشاي و”يعول علينا” وكان ضمن فرقة الأناشيد.

> ……..

-البزنطي: استمرت فرقة “الأمل” الى غاية دخول “الإنجليز” لمدينة طرابلس أثناء الحرب العالمية الثانية التي دمرت العديد من المباني طالت منزل العائلة بشارع الفنيدقة بالمدينة القديمة، ومقر الفرقة. فبعد رفع منع التجول الذي فرضه الانجليز استأنفنا نشاطنا في مقر جديد بمنزل النحايسي بحومة البلدية وباسم جديد “جمعية النهضة الطرابلسية للتمثيل والموسيقى”. بعدها انتقلنا إلى فندق “فكتوريو” الذي يملكه ” محمد قنابة ” خلف المصرف المركزي حالياً. و تم الانضمام الى ” نادي العمال ” الذي يضم ضمن أعضائه ” أحمد راغب الحصايري ” ورئيسه فيما بعد. قدمنا مسرحية ” ناكر الجميل ” وهي رواية تاريخية جسد أدوارها ” عثمان نجيم ” دور الملك، وانا دور الأمير، و ” علي القروش ” وزير، والعديد من الجنود لا أذكر تفاصيلها الأن،. كانت المناظر من تصميم الأستاذ فؤاد الكعبازي والمهدي الشريف بعدها تلتها ” غرام وانتقام، العودة الى المدرسة، وخيانة الاصحاب ” كلها من تاليف   ” حسن يوسف ” وأخراج مصطفى العجيلي “… بعد ” نادي العمال ” وبنفس الأشخاص تقريباً وبنفس النهج أنشئت ” الفرقة الوطنية للتمثيل “.

> كيف كان يسير العمل في ذلك الوقت ؟

-البزنطي / شرف الدين:- كان العمل جماعياً ولكن غالباً مايتم عن طريق مدير الفرقة والقدر الأكبر عن طريق مصطفى العجيلي ….. الى أن أستعنا بالأستاذ ” عبدالحميد البدوي ” سنة ( 1938 م ) وهو زميلً يوسف وهبي ” وقتها أهدى لنا الشيخ ” عبدالرزاق البشتي ” مسرحية ” مساوي المال ” من إخراج عبدالحميد البدوي. جهزنا العمل وقد أشرف على الإدارة الفنية ” فؤاد الكعبازي ” كما صمم شعار ” نادي العمال “.. منع هذا العمل من قبل الإدارة الأنجليزية يوم العرض الذي كان مقرراً في ” مسرح الهمبراء / الحمراء ” الخضراء حالياً بعدما بيعت كل التذاكر فما كان منا إلا كتابة تعليق على ملصق ” منعت لأسباب قهرية ” … لم نرضخ لهذا فقدمنا عملاً جيداً باسم ” الأبرياء ” من بطولة ” عبدالهادي المزداوي “. وهي من تأليف الحاج ” الطاهر الشريف ” مساعد القايمقام ” الطاهر باكير “.

> أين كان عرضها ؟

– البزنطي: أتفقنا مع ” اولاد سارينس ” – وهي أسرة مالطية طرابلسية كانت تمتلك مسارح ” البوليتياما، والهمبراء، والميراماري ” -على عرضها في ” الهمبراء ”   كان من عادتنا في تقديم عروضنا _ كما يعرف الحاج محمد _ نستهل الأمسية بأمسية غنائية قبل البدء أو في الفواصل بين مشهد ومشهد أثناء تغيير المناظر وفي نهاية العرض.. في هذا العمل تم إختيار شاب بهي الطلعة ذي صوت جميل يدعى ” لبيد حيدر الخضار “.. تم الأتفاق معه على أغنية ” محمد عبدالوهاب ” ” يللي بدعتو الفنون ” فأشترط وجود فرقة اوركسترالية ” فتبرع ” أحمد عاشور بالنوتة ” واستعنا بأربعين عازفاً بينهم طليان.. كان تصميم المناظر لفؤاد الكعبازي ” وقد أستعنا ” ب” بوكا دي فوكو ” في منظر الطيور، الذي عمل فيما بعد بمدينة السينما بإيطاليا. قدمنا مع ” عبدالحميد البدوي ” مسرحية ” حفظ الوداد، وغرام الملوك، ويسقط الحب “.

> ….؟

-البيزنطي / شرف الدين:- كان تغيير المناظر يتطلب فترة زمنية وتغطى هذه المساحة بأغنية أو عزف منفرد فكان عازف الكمان ” أحمد عاشور ” ” حاجة من وراء العقل ” يجيد تغطية هذه المساحة – بيزنطي:- كان قبله – ” محضرتاش ياحاج محمد “- أبن الرايس الدهماني، الذي كلف له ابوه ” بروفسور” لتعليمه، وقد عزف في أول أفتتاح للإذاعة الليبية بمعرض طرابلس “.

> من كان يجسد الأدوار النسائية ؟

– لم نضع الشخصية النسائية في اعتبارنا منذ الشروع في تأليف العمل وإن حدث يجسدها ” بشير العريبي ” وقد قمت أنا أيضاً بتجسيد أدوار نسائية… فعندما أتى الأستاذ عبدالحميد البدوي، أنضمت للفرقة ممثلتان مصريتان ” فتحية محمد، وفتحية مصطفى “.

> بوجود الجاليات التي تقطن مدينة طرابلس في ذلك الوقت هل ثمة نوادٍ أو فرق مسرحية ؟

-البيزنطي / شرف الدين:- هناك العديد من الجاليات في ذلك الوقت الإيطاليين، اليهود، القبارصة، والمالطيين، والأرمن، واليونانيين.. فالايطاليون لديهم فرقة ” دي بولا فورو “. واليهود يملكون ” نادي المكابي ” الذي يعد فرعاً من النادي الرئيسي ببريطانيا، قدم مسرحية ” يوسف الصديق ” في دار عرض ” الميرا ماري ” بالعربية الفصحى سنة ” 1945 م.

 انتقل الحديث الى ذكريات عن سكان المدينة القديمة ويهود طرابلس والمالطية والفنانيين الطليان وعن مشاركتهم مع فرقة يوسف وهبي وزيارة فرقة ” بديعة مصابني ” وحضور ” أمينة رزق “. وتاريخ كرة القدم الليبية وذكرياتهم مع ” حمدي ” و” مصطفى الأمير” و” خليفة ماعونة “و” بشير فحيمة ” و” علي مصطفى المصراتي ” و”عبدالرزاق بن نعسان ” …. الى أن سلك الحديث مسارب أخرى. وقتها قدم إلينا سجلاً للزوار ليخط شرف الدين كلمة بالمناسبة مع تقديم شكرنا للحفاوة.. دعاء لي بترك التدخين وهو يتهيأ لتوديعنا..

____________________

> ببلوغرافيا:

 الفنان ” أحمد عبدالله البيزنطي ” مواليد طرابلس ” 1916 م ” شارك في العديد من الأعمال المسرحية منها:-

1- مسرحية ” وديعة الحاج فيروز الخراساني “

2- مسرحية ” عبدالرحمن الناصر “

3- مسرحية ” حلم المأمون “

4- مسرحية ” يسقط الحب “

5- مسرحية ” غرام الملوك” مشاركة مصرية ليبية

6- مسرحية ” حفظ الوداد ” مع فصل فكاهي بعنوان ” المدام ايزابيلا “.

7- مسرحية ” عصمان في الجيش “.

8- مسرحية ” شنقور وشنقران “.

9- مسرحية ” براعة ممثل “.

10- مسرحية ” طايش وطرشون “.

11- مسرحية ” إعتناء الأباء بالأبناء “.

12- مسرحية ” مغالاة المهور”.

13- مسرحية ” كيف تدور الدواير “

14 – مسرحية ” العاقبة “

15- مسرحية ” الأبرياء “

17-مسرحية ” الدكتور فاوست “

19- مسرحية ” المفتش “

20-مسرحية ” أماه “

21-مسرحية ” تحت الرماد “

22- مسرحية ” النمام “

عرضت بمسرح ” البوليتياما ” دار عرض النصر فيما بعد بتاريخ ( 1736 – 1937 م ) فقد أستغرق إعدادها للمسرح سبعة شهور، وهي مسرحية وطنية تحكي عن عدالة المسلمين. جسد دور الملك المطرب” محمد نجيم” بعدإنتهاء العرض قدم الفنان الساخر ” محمد حمدي ” فاصلاً فكاهياً بعنوان البخيل ” بمساعدة ” إحمد البيزنطي، مصطفى الفلاح، خيري فرحات، أنور شحاتة، ” قبل بداية العرض ألقيت كلمة حماسية ألقاها أحد الرواد.

المصادر:-

 1-” الفن والمسرح في ليبيا ” تأليف: بشير محمد عريبي / منشورات الدار الغربية للكتاب ( ليبيا -تونس ) 1981 م.

2-” كتيب ” عن سيرة الفنان أصدرته أمانة الشعبي الأساسي المسيرة الكبرى بمناسبة تكريمه بتاريخ “2-12-2004 م”. كما أستعنت بابنه ” عادل البيزنطي ” في معرفة بعض التفاصيل.

– كرم الفنان ” أحمد عبدالله البيزنطي ” من قبل أمانة الثقافة، واللجنة الشعبية للثقافة والإعلام بشعبية طرابلس، ومن سفارة فلسطين.

مقالات ذات علاقة

الروائي إبراهيم الإمام: نحتاج إلى مشروع وطني شامل يعتني بالإرث المخطوطي في ليبيا

مهند سليمان

التشكيلي عبد الرحمن الزوي بركة : للغة الألوان أبجدية تختلف عن الفنون البصرية الأخرى

مهند سليمان

الفنان كمال أبوريد في حديث الصراحة

المشرف العام

اترك تعليق