المقالة

وعي العقل الجمعي

من أعمال التشكيلي رجاء بن ناجي
من أعمال التشكيلي رجاء بن ناجي


فليكن وعي العقل الجمعي انتصارا لإرادة الخير وهزيمة لإرادة الشر في المجال الحسي والمجال فوق الحسي سواء ، فالأخطر من احتلال أرض الدولة في المجال الحسي هو احتلال عقلها الجمعي في المجال فوق الحسي.
 
إن الأخطر من احتلال أرض الدولة في المجال الحسي والذي يتمثل في إنزال الجنود في أرض الدولة المراد احتلالها ، هو احتلال عقلها الجمعي في المجال فوق الحسي والذي يتمثل في إنزال القناعات والأفكار السيئة التي تخدم الاحتلال في العقل الجمعي للدولة المراد احتلالها ، ونتائج الأولى ما هي إلا انعكاس لنتائج الأخيرة ، هنا يلزمك القراءة من النهاية إلى البداية ، من النتيجة إلى السبب ، وليس كالمعتاد ، تدبر ، إن التدبر نظر في عواقب الأمور قبل بداياتها ، فليس هدف احتلال العقل الجمعي للدولة إلا احتلال شعبها وأرضها في نهاية المطاف ، حصنوا عقلكم الجمعي بالوعي وتعزيز إرادة الخير وترسيخ القيم والمبادئ النبيلة وبث القناعات والأفكار الحسنة في المجال فوق الحسي لدولكم ، تُطْرَد منه القناعات والأفكار السيئة التي تخدم إرادة أي دول مريدة للاحتلال وبالتالي يتحصن العقل الجمعي لدولكم ضد الاحتلال في المجال فوق الحسي وتتحصن شعوبكم وأرض دولكم أيضا ضد الاحتلال في المجال الحسي ، هذا ما يتطلبه الأمر ، الوعي وتحصين المجال الحسي والمجال فوق الحسي للدولة والمجتمع ككل ، بذلك يُمْنَع الغير من اختراق المجالين على حد سواء ، وبديمومة بث القناعات والأفكار الحسنة في عقلنا الجمعي وبذكر الله والصلاة والسلام على رسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين في كل وقت وحين تُطْرَد أي قناعات وأفكار سيئة دخيلة على العقل الجمعي ، والتي تحاول عبثا اختراقه للمضي به نحو مرامي الدخلاء البائسة ،  وتخسأ إرادة أي دول مُرِيدَة للاحتلال وتضطرب وتفشل مرامي أي احتلال بشكل عام. 
 
إن العقل الجمعي للدولة والمجتمع هو منظومة معاييره وقيمه ومبادئه وأفكاره وثقافته وإرادته التي تتحرك وفقا إليها جوارحه – المجتمع ككل – سعيا في تحقيقها في شتى مناحي الحياة ومجالات الأعمال ، وإذا ما اخترقت دولة معادية ما هذه المنظومة وغيرتها بقناعات وأفكار سيئة تخدم إرادتها فسيتغير العقل الجمعي وفقا لإرادة تلك الدولة المعادية وستتحرك جوارحه – المجتمع ككل – وفقا إليها وسعيا في تحقيقها ، ومن هنا يبدأ التغييب ، وضد ذلك كله الوعي ، الوعي بالمجال الحسي والمجال فوق الحسي للدولة والمجتمع ككل ، والمحافظة عليهما من الاختراق ، فعندما يخسأ الأعداء في حربهم فوق الحسية بوعي العقل الجمعي ، يُهْزَمُونَ في الحرب الحسية لا محالة ، باضمحلال وجود عملاء لهم بالداخل يحققون مصالحهم ويتحركون وفقا لمراميهم الاحتلالية المعادية ، حافظوا على  العقل الجمعي لدولكم يا ساسة ونخب الشرق الأوسط ، وعززوا به إرادة الخير ، عززوا ترسيخ القيم والمبادئ النبيلة رسوخ الجبال ، وعززوا من نشر الوعي والثقافة العربية والإسلامية الأصيلة بكافة مجالاتها واعملوا على تعزيز  إثراء الشأن الثقافي والمعرفي في كافة المجالات عبر وزارات الثقافة والمجتمع المدني ، عززوا القراءة والكتابة بإصدار الكتب ونشرها وعززوا الابتكار والإبداع ، وعززوا من بث القناعات والأفكار الحسنة في الإعلام المرئي والمسموع وصحفكم المقروءة لتحقيق إرادة الخير للصالح العام ، هذه مهمتكم بعد انتهاء الحرب على الإرهاب والتطرف في كافة الأرجاء ، عززوا هويتكم بين الأمم وانشروا الخير وخذوا منهم ما يوافق الخير ويخالف الشر وأما ما يوافق الشر ويخالف الخير فهو عليهم رد ، فاحتلال أي دولة معادية ما للعقل الجمعي لدولة أخرى بإدخال إرادة الشر وقناعاته وأفكاره البائسة إنما هدفه تحريك جوارح العقل الجمعي للدولة المستهدفة – المجتمع ككل – وفقا لإرادة الشر من المحتلين ، بإدخالها وبرمجتها في العقل الجمعي بعد اختراقه لاحتلاله وتحقيق التغييب ، والسبيل إلى التصدي هنا هو الوعي ، وعي العقل الجمعي ، الأمور تعالج بأضدادها والوعي ضد التغييب.
 
لم يعد الاحتلال إنزالا للجنود في أرض الدولة المراد احتلالها ، لم يعد الاحتلال يستهدف المجال الحسي ، بل أصبح إنزالا للقناعات والأفكار السيئة التي تخدم الاحتلال في العقل الجمعي للدولة المراد احتلالها ، أصبح يستهدف المجال فوق الحسي ، وإذا ما قابل هذا الإنزال في المجال فوق الحسي إرادة الخير وقوة القيم والمبادئ والقناعات والأفكار الحسنة في العقل الجمعي للمجتمع والدولة ككل بقوة حضورها بين الساسة والنخبة والشعب طُرِدَت تلك القناعات والأفكار السيئة في تَوِّهَا ولحظتها ولن تجد عقولا تربض بها لتحرك جوارحهم وفقا إليها ، تُطْرَد في التو واللحظة وتنقلب على مُرْسِلِيها بنفس مراميهم التي أرادوها للدولة المراد احتلالها ، تنتصر إرادة الخير وتهزم إرادة الشر ، وعندئذ ، تتحقق هذه العبارة في أي دول تريد احتلال دولنا العربية والإسلامية : ( ما أرادوه علينا ظلما وجورا تحقق عليهم عدلا وإنصافا ) ، والسَّلَامُ دَيْدَنُنَا.

مقالات ذات علاقة

جاءني يسعى!

فاطمة غندور

هل لدينا تاريخ للشعر؟

سالم العوكلي

شريعة الراعي بلغة الخروف

الصادق النيهوم

اترك تعليق