المقالة

هل هو خوف؟ أم تملق؟ أم ثقافة؟

محمود ملودة


يحاول البعض إخفاء ماضي الشخصيات العلمية والثقافية والفنية مع السلطة السياسية، فالملاحظ عند تكريم شخصية نبغت في مجال ابداعها، يفضل البعض استبعاد مراحل عمرية بسبب علاقة هذه الشخصية مع السلطات السياسة السابقة…

يا ساده طبيعي جدا أن السلطات السياسية تحاول أن تجتذب البارزين والمبدعين، وترضيهم، وهم  بشر، منهم من يرفض ويقبل أن يدفع ثمن المعارضة، ومنهم من يقبل ويحاول أن يحافظ على شعرة معاوية مع السلطة، وبعضهم ينخرط عن قناعة أو مكرها مع برامج السلطة، وبالنهاية يبقى هذا خياره وتاريخه، وعلينا ألا نمارس الإكراهات عليه كي يتخلى عن هذا…

من طبع ديوان محمد الفيتوري بعد ثورة فبراير حذف منه أجمل قصائد الفيتوري، لا لشيء إلا لأنه قالها في رأس نظام سبتمبر، سواء أتم ذلك الحذف بمعرفة الشاعر أم من طرف من تولى طباعة الديوان فهو ممارسة خاطئة ؟ ماذا يضير أحمد الشارف لو أن له قصيدة مدح بها موسوليني؟ هذا تاريخ والحدث يفهم ضمن السياق الذي حدث فيه، ولا يمكن أن نحاسب الماضي بوعي الحاضر، والأمر نفسه بالنسبة لعمر فخري المحيشي ومقالاته في ليبيا المصورة، وماذا يضير لو الملكية كرمت مثقفا بقامة خليفة التليسي، أو الفنان محمود الشريف وغيرهما، ثم عملوا وغنوا و كرموا في عهد الجمهورية ثم الجماهيرية؟

لماذا يتضايق البعض من علاقة النيهوم مع السلطة في عهد سبتمبر؟ هذا خياره، والعلاقة لا يمكن نكرانها ولكن يمكن تفسيرها لمن أراد ذلك بموضوعية وإنصاف، ولماذا ينكر البعض على محمد حسن أنه غنى في الخيمة، فهو فنان وهذا خياره سواء غنى عن قناعة او أكل عيش، من حقك أن تعترض لكن ليس من حقك إقصاءه أو تشويهه، ولماذا يتضايق البعض من علاقة الإخوان مع الملك ثم مع القذافي، هم يحاولون كسب مقعد لهم في السلطة، ومروا بمرحلة التعاون ثم الصدام تم التراضي ثم الانقلاب، هذا تاريخ ويجب أن نقبله كما هو، ويمكن أيضا تفسيره وتفهمه.

لاحظت أن بعض من كتب سيرته الذاتية من الزملاء يخفي أي إشارة إلى مناصب وتكريم تحصل عليه في النظام السابق، ولاحظت بعض من نشر سيرته الذاتية لم يكتب فيها أهم مراحل حياته وكان يشغل مناصب وابتعاث للعمل بالخارج في النظام السابق، بل رأيت من يقيم معرضا للراحلين فيستبعد كل شهائد التكريم والتقدير والأوسمة التي تحصل عليها الراحل في مراحل سياسية معينة، هذا تاريخ وعلينا احترامه كما هو، ويجب أن نتعود على ذلك، وأن نرسي هذا العرف بيننا، وإلا سنستمر في الكذب والنفاق خوفا وتملقا باستمرار.

مقالات ذات علاقة

القطار والشعر والبلد البعيد

سالم الكبتي

«بالتي هي أحسن»

فاطمة غندور

أنا والمسرح الليبي

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق