قصة

هدرب

من أعمال التشكيلي عادل الفورتية
من أعمال التشكيلي عادل الفورتية


رجل طاعن في السن مند أن عرفناه في شوارع وأزقة مرزق، هو هكذا! وجه متغضن صدغ ناتئ، جمجمة مرسومة بكل تفاصيلها، وأيدي يلتصق فيها الجلد على العظم لتبدو عروقها واضحة عرقا عرقا.

يحمل على كتفه الأيسر مخلاة هي عبارة عن قربة من الخيش، قديمة لا تصلح لرفع الماء لتعدد الثقوب بها، ينتعل مداسا من سعف النخيل، يجددها كلما تآكلت، يخرج في الصباح ليجول معظم شوارع المنطقة، تجده في كل مكان! ويعود قريبا من الظهر، وقد امتلت المخلاة بمختلف أنواع الطعام وبعض النقود في جيبه.

في طريق عودته نحو المنزل، يمر بالسوق يشترى زجاجتين من الببسي، واحدة له وأخرى لزوجته الطاعنة في السن أيضا، والتي تقاسمه العيش في كوخ من الزرب، قريبا من باب قمقم حيث الطريق للكاف.

كان “هدرب” يشتهر بمقولته التي يرددها دائما عندما يتقصد أهل المنطقة عن سؤاله (هدرب مازاد خبر)، فيجيب إجابته المعهودة (لا! ما زاد خبر، غير الدولة قالوا قريب توصل)، لقد وصلت الدولة ولكن ما حدث لذلك الرجل هي ربما حالة من الفصام من هول ما رأه عندما سقطت الدولة المركزية، وانهار كل شيء على رؤوس الناس، فكانت حصة هذا الرجل ان فقد جزء من عقله وظل يردد هذه العبارة، ولم يدرك حتى وصول الدولة الجديدة المتمثلة في المحتل الإيطالي، وظل يردد انه ما زد خبر غير الدولة قريب توصل، فهل فعلا ستصل الدولة العتيدة يا “هدرب” أم يسبقها الاستعمار؟

مقالات ذات علاقة

الطاهر والزرقاني هم السبب !!

إبراهيم حميدان

السلْسلة

خالد مصطفى كامل سلطان

أبحث عن ابتسامة

أسماء مصطفى

اترك تعليق