من أعمال التشكيلية الليبية نجلاء الفيتوري.
قصة

مَنْ يُشْـعِـلُ قِنْدِيلَ “فَاطِمَة”؟


النهارُ في “الدار البيضاء” طويل، ولكنَّ الليلَ أطولُ وأقسى وأمر، يأتي كعادته حاملاً كلَّ جميل وفوّاح ورائع. تطلُ “فاطمة” من نافذة هذا النهار حاملةً كلَّ الأحلام البريئة في جعبتها ، تلظم عقود الفرح والحب وتعلقها حول أعناق الأحبة الذين يمرون عبر دربها ولا يتوقفون.
محطتُها مكتظةٌ بالوجوه ، وقلبُها يسبحُ في بحرٍ شاسعٍ من الأحلام الوردية الخلاّبة، إلاَّ أنَّ لحظاتِ الفرحِ عند “فاطمة” قصيرةٌ … وقصيرة ٌجداً .
يا للحظِ العاثر !!
يا للقدرِ اللعين !!
حيث الوردةُ الجميلةُ لا تستمتعُ بألوانها، ولا تتنسم ُعبيرها وشذاها.
تطلُ “فاطمة” كشمسٍ تزرع النور في خطواتها. كقمر ينشر ضياءه في هذا الكون لينير دروب العشاق … والحيارى.
تصوغ كلمتها برشاقة تامة ورومانسية لذيذة تتهادى بين الخيال السعيد والواقع المرير، ولكنها صارمة في اتخاذ قرارها الأول والأخير الذي تغزله من واقعية الحياة القاسية.
ومثلما هي تحلق في هذه الدنيا كفراشة صغيرة، زاهية بألوانها المتعددة ، ومفتخرة بجناحيها وطيرانها من مكان إلى آخر تعانق المرح واللهو بعشق لا حدود له، لعلها تختلس بعض اللذة فيه.
تقف “فاطمة” على ناصية الطريق ساعات طوال، تحمل قلبها بين جنبيها وأوراقها بين يديها، وحلمها بحبٍّ يوقد قنديلها في هذا الليل البهيم.
كثيرون يمرون.
وكثيرون تلتقي بهم. ولكنهم جميعا لا يتوقفون في محطتها إلاَّ لساعات أو أيام قليلة أو قصيرة، فما بال أولئك العابرون لا يسقون ورود خديّها، ولا يعبِّدون درب حياتها حباً ونوراً واطمئناناً.
“فاطمة” لا تحلم بأن يكون القمر بين يديها، ولكنها تأمل أن تستمتع بنوره الباهر يوما ما حتى للحظة قصيرة.
فهل؟
هل تهطلُ أمطارُ الحبِّ فترتوي “فاطمة”؟
وهل يستريحُ النهارُ في عيون “فاطمة”؟
وهل يرفرفُ قلبُ “فاطمة” في دنيا الحبِّ والفرحِ والسعادةِ يوماً ما؟

مقالات ذات علاقة

أضحِيَّة

محمد المسلاتي

أربعطاش ونص[1]

رحاب شنيب

الغولة

محمد العنيزي

اترك تعليق