الملك إدريس واستقلال ليبيا في أطروحة عراقية
المقالة

ملاحظات حول مقال: الملك إدريس واستقلال ليبيا في أطروحة عراقية

ملاحظات حول مقال الاستاذ يونس شعبان الفنادي عن كتاب “محمد إدريس السنوسي ودوره في استقلال ليبيا” للدكتورة هند عادل اسماعيل النعيمي

الدكتور ظاهر محمد صكر الحسناوي


نشر الاستاذ الاديب اللبيب والناقد المبدع يونس الفنادي عرضا نقديا لكتاب الدكتورة هند عادل اسماعيل النعيمي المعنون ” محمد ادريس السنوسي ودوره في استقلال ليبيا 1890-1952″ الصادر عن دار قناديل في بغداد عام 2018، على الصفحة الرابعة من صحيفة ” ليبيا الاخبارية” الصادرة في طرابلس – ليبيا بتاريخ 2 سبتمبر / ايلول 2019 والذي هو بالأصل رسالة ماجستير اعدت في كلية التربية ابن رشد / جامعة بغداد تحت اشرافي، وقد اطلعت على المقال المذكور عبر صفحة الاستاذ الفنادي على “الفيس بوك” وبصفتي المشرف على موضوع هذه الرسالة الذي اقترحته على الباحثة ايضا وواكبت مرحلة اعداد هذا الكتاب، فقد سررت كثيرا بهذا الصدى الذي تركه الكتاب في القطر الليبي الشقيق والذي تجسد في مقال الاستاذ الفنادي والتعليقات التي وردت عليه من المهتمين بهذا الشأن في داخل ليبيا وخارجها. والحقيقة ليس هذا المقال الاول الذي كتبه الاستاذ الفنادي عن كتب كانت في الاصل رسائل واطاريح جامعية تتعلق بتاريخ ليبيا المعاصر اعدت تحت اشرافي وتحولت الى كتب منشورة مثل كتاب سياسة ليبيا النفطية وهو اطروحة دكتوراه للباحثة نفسها الدكتورة هند النعيمي وكتاب محمود المنتصر ودوره السياسي في ليبيا للباحث صادق الزهيري وما زال بعضها بانتظار فرصة النشر ككتاب مثل رسالة ياسر وارد الحمداني المعنونة ” النظام السياسي في ليبيا 1949-1964″.
ان ما اسجله هنا لا اريد ان اسميه ردا على مقال الاستاذ الفنادي فنحن لسنا في موضع جدال بهذا الشأن وانما في موضع تبادل الآراء والخبرات في مجال البحث الاكاديمي، ولذلك بدأت عنوان مقالي بكلمة ” ملاحظات”. ولا يفوتني هنا ان اسجل شكري وامتناني للأخ الفاضل الفنادي على جهوده القيمة التي بذلها في قراءة الكتاب وتسجيل ملاحظاته عنه بغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا عليها، ذلك ان اختلاف الرؤى والاجتهادات في مواضيع كهذه امر محتمل وهو لا يفسد للود قضية وما دام الهدف هو التقويم والاصلاح فان كل نقد لهذا الكتاب او غيره مرحب به من قبلنا سواء كان من الاستاذ الفنادي او من غيره من المهتمين وذوي الاختصاص.
وقبل ان اخوض في صلب الموضوع لا بد لي من التنويه بانه ليس من السهل على أي باحث عربي ان يكتب عن تاريخ قطر عربي آخر، ان لم يكن قد عاش فيه وخبره عن قرب وتضلع في تاريخه الاجتماعي والسياسي وطبيعة التركيبة السكانية والسياسية فيه حتى يتجنب الوقوع في مطبات لا تحمد عقباها، فقد يستفز او يسئ الى احدى شرائحه الاجتماعي او السياسية دون قصد منه وانما جهل بطبيعة ذلك المجتمع وتكوينه وثقافاته وعاداته وواقعه فينعكس ذلك سلبيا على ما كتب ونشر.
وابتداء اقول انني ادرك تماما مدى حساسية المواضيع التي اخترتها لطلبتي في الدراسات العليا عن تاريخ ليبيا المعاصر والتي تتعلق كلها بفترة النظام الملكي، واخص بالذكر موضوع ادريس السنوسي وموضوع محمود المنتصر وموضوع النظام السياسي في ليبيا، فهناك حساسيات سياسية معروفة بين النظامين الملكي والجماهيري وانصار كل منهما، يجب اخذها في الحسبان عند الكتابة عن تاريخ ليبيا او حتى تاريخ اي بلد عربي بشكل عام، اذ ان البيئة الاجتماعية والسياسية متشابهة كثيرا، ومن المؤكد ان معظم طلبة الدراسات العليا يفتقرون الى مثل هذه الدراية الشاملة الواسعة بالجزئيات المفصلة للبلدان التي يكتبون عنها، وهنا يأتي دور المشرف الذي يجب ان يكون من المختصين في تاريخ تلك البلدان والا كانت النتائج كارثية، فالكثير من الرسائل والأطاريح التي افتقدت لهذا الشرط ظهرت بمستوى ضعيف وسطحي وبعضها فيها الكثير من الخلط والملابسات وحتى اسماء المدن والاشخاص كتبت بشكل خاطئ، بل ان احداهن كتبت رسالة عن عصر الملك ادريس وعندما ذكرت امامها اسمه الكامل وهو محمد ادريس تساءلت عما اذا كان اسمه ادريس فقط ام محمد ادريس فهي لا تعرف ان اسمه مركب ويبدأ باسم محمد، واخرى تنطق اسم احمد المريض بدون تشديد الياء، بل ان اساتذة في التاريخ لم يسمعوا قط باسم محمود المنتصر فلما طرحته على احد الباحثين للكتابة عنه اظهر الطالب بعض التردد لقلة المصادر قال له استاذ كبير: اكتب لنا رسالة ولو بثمانين صفحة فقط لنعرف من هو محمود المنتصر، وهذا ما يفسر تلك الإخفاقات التي وقع فيها بعض الباحثين وفشلهم في تقديم عمل تاريخي متميز.

وفضلا عن ذلك، فانه من الواجب على الباحث والمشرف الذي يخوض في هذا المعترك ان يتحسب لردود الافعال المختلفة الايجابية احيانا والسلبية احيانا اخرى، التي تثيرها الكتابة التاريخية عن الشخصيات السياسية تحديدا، واول رد فعل يجب ان يتوقعه المشرف والطالب على الرسالة او الاطروحة التي تبحث في شخصية ما، يأتي من اسرة تلك الشخصية وذويها، وثاني رد فعل متوقع يأتي من انصار واتباع الحزب او النظام السياسي الذي عاشت فيه تلك الشخصية وخدمته، وثالث رد فعل وقد يكون اقوى ردود الافعال قاطبة قد يأتي من العناصر او القوى المعادية والمعارضة لتلك الشخصية وللنظام السياسي الذي انتمت اليه، كل هذه الامور على أي باحث في تاريخ أي بلد غير بلده ان يأخذها بنظر الاعتبار. فالكتابة التاريخية ليست ترفا فكريا كما هو الحال في الادب عندما نقرأ قصة او قصيدة شعرية لنستمتع ونتسلى بها او التعبير عن موقف ما، وانما هي مسؤولية كبيرة يتحملها المشرف الاكاديمي قبل ان يتحملها الطالب نفسه بوصفه القائد والموجه للطالب في كيفية انجاز بحثه والاخذ بيده لتجاوز الكثير من العقبات والمطبات. ولكن مع ذلك اقول ان الكمال لله ولا يوجد أي عمل تاريخي متكامل الاركان وخالي من الهفوات، واعترف هنا اني اتحمل اغلب الملاحظات التي اوردها الاخ الفنادي في مقاله القيم عن كتاب ادريس بصفتي المشرف عليه وبعض الملاحظات الاخرى هي من نصيب الباحثة والمشرف اللغوي والطباع والناشر بدرجات متفاوتة فيما بينهم. وكنا نتمنى ان تتولى احدى دور النشر الليبية نشر هذا الكتاب كما فعل الاستاذ الناشر المعروف سالم سعدون بطيخ صاحب دار الرواد بطرابلس عندما تبنى نشر كتاب محمود المنتصر، لكن لم نجد رغبة لدى الناشرين الليبيين في نشره واعتقد انهم كانوا يتوجسون خيفة من ردود الفعل عليه لأسباب معروفة لدى الجميع، مما اضطرنا الى نشره في بغداد وكانت دار قناديل الفتية وصاحبها المبدع الاخ الدكتور حسين مايع الكعبي هي من بادر بذلك مشكورة بطبع عدد محدود من النسخ وما زلنا نطمح بان تتبنى احدى دور النشر الليبية هذه المهمة حيث يوجد سوقه الطبيعي وقراءه والفضاء الجغرافي والسياسي للكتاب.

الملك إدريس واستقلال ليبيا في أطروحة عراقية
الملك إدريس واستقلال ليبيا في أطروحة عراقية

تضمن مقال الاستاذ يونس شعبان الفنادي مقدمة وعرضا تفصيليا لمضمون الكتاب فضلا عن عشر ملاحظات نقدية مهمة عن الكتاب، وقد ذكر الاستاذ الفنادي ان ملاحظاته تلك هي منهجية فنية اما التاريخية منها فسيتركها لذوي الاختصاص في تاريخ ليبيا، وقد سجلنا بدورنا ملاحظاتنا على ملاحظاته العشر وهي:

1- ان الملاحظة الاولى التي اوردها حول الاخطاء اللغوية لا نعدها منهجية على وفق منهج البحث التاريخي الذي نعتمده في تخصصنا، وانما هي اخطاء لغوية تخص اللغة التي كتبت فيها الرسالة واللغة ليست جزءا من المنهج وانما هي عنصر قائم بذاته له قواعده واصوله، وهذه الاخطاء على قلتها لا يخلو منها أي بحث او كتاب الا ما ندر، وحتى ان كبار اللغوين والمتضلعين باللغة العربية قد يقعون فيها، ومسؤوليتها الاولى تقع على عاتق المشرف اللغوي على الرسالة ولكننا بدورنا (المشرف والباحثة ) لا نخلي مسؤوليتنا المشتركة عنها.وسنكون في غاية السعادة والامتنان لو زودنا الاستاذ الفنادي بقائمة تصويبات بالأخطاء التي عثر عليها في الكتاب ليتسنى تصحيحها عند اعادة طبعه، ونلتمس العذر عنده باننا لسنا متخصصين باللغة العربية التي هي بحر لا يمكن الاحاطة به، وقد كان عالم اللغة العربية العراقي العلامة مصطفى جواد يتصيد الاخطاء اللغوية لكبار عصره مثل شكيب ارسلان وانستاس الكرملي وعباس العقاد ومحمود تيمور وغيرهم من فطاحل اللغة، وقد جرت بينه وبينهم مكاتبات كثيرة في هذا الشأن وما زلت احتفظ ببعض رسائل هؤلاء الافذاذ التي تضمنت اشياء كثيرة من هذا القبيل، فاذا كان مثل هؤلاء يخطئون فكيف نكون نحن بالنسبة لهم ؟ نعم قد تكون هناك اخطاء ولكن الاخ الفنادي لم يذكرها لنا كي نراجعها ونصححها، وقد لا تكون بالمستوى والحجم الذي جعل لغة الكتاب قد ” تكسرت كثيرا بشكل لا يمكن قبوله ” او ” ظهرت بشكل مشين ” مثلما ورد في المقال، حتى ان القارئ لمقاله صار يتصور ان الكتاب كله قد كتب بلغة ركيكة وهذا امر يخالف الواقع كثيرا.

2- ذكر كاتب المقال في الملاحظة الثانية منه بانه قد:”غلب على الدراسة الجانب السردي المجرد لأحداث التاريخ… دون ان يتضمن ذلك السرد الممتع تحليلا عميقا لمجرياتها او تفسيرا او رأيا او وجهة نظر الباحثة في سياق الموضوع، وبالتالي غاب صوت ورأي الطالبة الباحثة…” وفي هذا النص تجني كبير على الدراسة وظلم شديد للباحثة , ويبدو ان الاخ الفنادي اما ان يكون قد قرأ الكتاب قراءة سريعة او ان قراءته له لم تكن دقيقة، وسأثبت له ان هناك الكثير من التحليلات والتعليقات والتفسيرات والآراء التي وردت في الكتاب ولكنه لم ينتبه اليها، وكان منهجنا يقوم على اساس توثيق النصوص فان كان النص مفهوما وواضحا تركناه على حاله يفصح عن مضمونه بسلاسة ووضوح، وان كان يحتاج الى ايضاح او تفسير او رأي قرناه بذلك بعد عرضه مباشرة وبعد رقم الاشارة المصدرية الواردة في متن الكتاب فضلا عن اننا راعينا حجم الرسالة المتضخم والذي تجاوز الحد المقرر من الصفحات الى الضعف , ولكي اثبت للأخ الفنادي ان الكتاب تضمن الكثير من الآراء والتحليلات فقد اخذت نموذجا عشوائيا من الصفحات بحدود 95 صفحة تبدأ من صفحة رقم 204 وتنتهي بصفحة رقم 300، واحصيت عدد الآراء والتعليقات والتحليلات التي وردت فيها التي وصلت الى اكثر من 25 رايا وتعليقا وتحليلا وسأذكر له الصفحات وارقام الاشارات المصدرية التي وردت بعدها وهي: ص204 بعد اشارة المصدر رقم (1)، ص206 بعد اشارة المصدر رقم (2)، ص208 بعد اشارة المصدر رقم (1)، ص211 بعد اشارة المصدر رقم (3)، ص217 يعد اشارة المصدر رقم (2)، ص228 بعد اشارة المصدر رقم (2)، ص 231 بعد اشارة المصدر رقم (2)، ص232 بعد اشارة المصدر رقم (2)، ص237 بعد اشارة المصدر رقم (1)، ص243 بعد اشارة المصدر رقم (1)، ص253 الفقرة الاخيرة من الصفحة، ص258 بعد اشارة المصدر رقم (2)، ص259 بعد اشارة المصدر رقم (1)، ص260 بعد اشارة المصدر رقم (1)، ص263 بعد اشارة المصدر رقم (1)، ص269 بعد اشارة المصدر رقم (1)، ص270 بعد اشارة المصدر رقم (2)، ص277-278 بعد اشارة المصدر رقم (3)، ص 278 بعد اشارة المصدر رقم (1)، ص290 بعد اشارة المصدر رقم (1)، ص293 بعد اشارة المصدر رقم (3)، ص 296 بعد اشارة المصدر رقم 1)، ص298 بعد اشارة المصدر رقم (3)، ص300 بعد اشارة المصدر رقم (2). هذه عينة من الصفحات التي وردت فيها اراء وتحليلات وتعليقات للنصوص والتي غالبا ما يجدها القارئ تبدأ بكلمة يبدو… او يظهر… او لذلك…او هكذا… او الامر الذي…او الا ان… او غيرها، علما انني تجاهلت الكثير من التعليقات القصيرة على النصوص، وتحليل هذه العينة يشير الى ان الرسالة قد تضمنت اكثر من مائة تحليل او تعليق او راي في صفحاتها الاربعمائة، وهذا امر نراه كبيرا وكثيرا بالنسبة لطالب الماجستير بل ان بصمات الباحثة كانت موجودة بشكل واضح وكثيف في الكتاب، فكيف يقول الاخ الفنادي بانه يخلو من الآراء والتحليلات ووجهات النظر ؟

3- في الملاحظة الثالثة اعاب الاستاذ كاتب المقال على الدراسة انها استخدمت الارقام الهندية التي الغيت في ليبيا كما قال منذ عقود، او انها استخدمت الارقام الهندية والعربية( الانكليزية) بشكل مزدوج واحيانا في صفحة واحدة، وهنا يجب ان اوضح للأخ الكاتب ان الارقام الهندية هي المستخدمة عندنا في العراق والمشرق العربي عموما وان الرسالة والكتاب طبعا في العراق وكان من الطبيعي استخدام هذه الارقام حتى وان كانت قد الغيت في ليبيا، ثم اننا استخدمنا الارقام العربية (الانكليزية) فقط في الهامش عندما يكون المصدر باللغة الانكليزية وهذا امر منهجي لا يمكن ان نتجاوزه فكنا نكتب تسلسل الهوامش العربية بالأرقام الهندية وتسلسل الهوامش الاجنبية بالأرقام الانكليزية وفي الهوامش فقط وليس المتن، ولم اجد صفحة واحدة في الكتاب استخدمت فيها الارقام بنوعيها في المتن وحبذا لو دلنا الاخ الفنادي عليها، اما تسلسل صفحات الكتاب فقد جعلها الناشر وليس الباحث بالأرقام العربية (الانكليزية) لضرورات طباعية تخصه هو.

4- انتقد الكاتب استخدام الشهور السريانية ( كانون الثاني، شباط، اذار…) التي لا تستخدم في ليبيا الى جانب الاشهر الرومانية (يناير، فبراير، مارس…) مبينا انه كان الاجدر بالباحثة الابقاء على الشهر الاصلي ووضع الشهر الاخر بين قوسين معقوفين للتوضيح، ومرة اخرى اذكر الكاتب باننا كتبنا هذه الرسالة في العراق ويتوجب علينا استخدام المسميات أيا كانت باللغة الدارجة عندنا ولكننا فضلنا استخدام اسماء الشهور السريانية والى جانبها ما يقابلها من الشهور الرومانية المستخدمة في بعض الدول العربية تسهيلا للأمر، وهذه هي الطريقة المنهجية المستخدمة في معظم المشرق العربي، اما الطريقة التي ذكرها بان نستخدم الشهر الاصلي فماذا نضع الى جانبه للتوضيح ؟ فاذا ورد اسم شهر تموز مثلا نضع الى جانبه اسمه الروماني وهو يوليو ولكن اذا ورد اسم الشهر باللغة الفرنسية جولييه حيث تستخدم اقطار المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب هذه الشهور فأي شهر نضع امامه ؟ هل نضع كلمة يوليو الرومانية ام كلمة تموز السريانية ؟ ام نضع الاثنين معا فتصبح لدينا ثلاثة اسماء للشهر؟ هنا ستختل القاعدة وتتباين استخدامات الشهور الى شهور هجرية وسريانية ورومانية وفرنسية وتصبح القضية معقدة ولذلك نحن بحسب منهجنا التاريخي نستخدم اسم الشهر الدارج عندنا مضافا اليه اسم الشهر الدارج في الفضاء الاخر، اما بالنسبة للمصادر فتنطبق عليه القاعدة نفسها ولكن الباحث يستسهل الامر فيكتب اسم الشهر الدارج فقط ويترك الباقي وهذا طبعا لا يجوز ونتفق مع الكاتب في هذه الجزئية.

5- في هذه الملاحظة ذكر الكاتب ان الملاحق غير واضحة ولا توجد عناوين لها وهذا صحيح، فأما عدم الوضوح فسببه انها استنسخت عن نسخ اخرى وليس عن الاصل اولا، ثم ان طباعة الكتاب ونوعية الورق المستخدم اضافت اليها شيئا من عدم الوضوح، وكانت في البروفة الاولى للكتاب اكثر سوءا فطلبنا من الناشر اعادة طباعتها فخرجت بهذا الشكل، اما قضية العناوين فقد الغيناها ولم نجد لها ضرورة ما دمنا قد استخدمنا بدلا عنها ارقاما متسلسلة.

6- في هذه الملاحظة اشاد الكاتب بمصادر الرسالة وتنوعها ولكنه انتقد غياب احد المراجع عنها وهو كتاب ادريان بيلت المعنون باللغة الانكليزية (Libyan Independence and the United Nations ) والذي ترجمه الاخ الفنادي حرفيا بعنوان (الاستقلال الليبي والامم المتحدة ) واعتقد ان الترجمة غير دقيقة والاصح ان نقول ( الامم المتحدة واستقلال ليبيا ) لان المقصود به هو موقف الامم المتحدة من استقلال ليبيا وليس موقف استقلال ليبيا من الامم المتحدة. ونقول في هذا الصدد بالرغم من اهمية هذا المصدر كما نوه الاستاذ الفنادي، ولكن ليس مطلوبا من اي باحث ان يستخدم كل ما كتب عن موضوعه في كل بلدان العالم لان ذلك امر مستحيل، ثم اننا نعلم بوجود هذا الكتاب ولكننا عجزنا عن الحصول عليه، وقد المحنا الى ذلك في تقديمنا للكتاب ان الباحثة لم تكتب كل شيء عن ادريس السنوسي وانما كتبت ما استطاعت الوصول اليه.

7- ذكر الكاتب ان فصول الرسالة كانت متوازنة في عدد الصفحات والابواب ولكن هذا غير دقيق حسب رأيه، لان الوقائع كانت متفاوتة موضوعيا من ناحية اهميتها، ولو اني لم افهم ما يريده السيد الناقد بقضية التوازن هذه لكني سأوضحها على وفق ما نعتمده في منهج البحث التاريخ بان التوازن يجب ان يكون في عدد الصفحات وليس في المدد الزمنية المحددة لكل فصل ولا في عدد الفقرات الموضوعية التي يتضمنها كل فصل هذا ما اعتدنا عليه، ولذلك اختلفت فصول الكتاب او الرسالة في عدد السنوات التي بحث فيها كل فصل، فأحيانا تجد مدة طويلة قد تمتد لعقود من الزمن ولكن ليس فيها وقائع كثيرة ومهمة، وقد تجد عدد قليل من السنوات وفيها من الوقائع شيئا كثيرا، واضرب مثلا في فصول هذا الكتاب فقد كانت المدة التي عالجها الفصل الثاني منه هي 32 عاما، اما المدة التي عالجها الفصل الثالث فهي 15 عاما، والمدة التي عالجها الفصل الرابع هي ست سنوات، اما المدة التي عالجها الفصل الخامس فهي اربع سنوات، والمدة التي عالجها الفصل السادس هي ثلاث سنوات فقط.وهذا التباين يعود الى كثافة الوقائع واهميتها.

8- هذه الملاحظة تحدثت عن العنوان الجانبي بالفصل السادس وهو (غضب ادريس على البريطانيين) وهو يتعلق بالمحور الذي ورد في مقدمة الفصل الذي يتناول موضوع استقلال برقة ثم علاقة ادريس بالبريطانيين، ولكن حصل بعض الغموض في عرض الموضوع وهذا من حق الناقد ان يشير اليه، ولكن سبب هذا الغموض هو فقدان فقرة كاملة تقع تحت العنوان مباشرة وهي تتحدث عن مشروع بيفن سفورزا سقطت عند طباعة الكتاب لا اعرف كيف ؟ وهي موجودة في اصل الرسالة وقد اطلعت الباحثة الاخ الفنادي عليها بعد ان صورتها من الاصل، وقد انتبهنا اليها بعد صدور الكتاب وسيجري تصويبها بعد اعادة طبعه.

9- في هذه الملاحظة اشار السيد الفنادي الى حادثة تصويت مندوب هاييتي على قرار الامم المتحدة الخاص باستقلال ليبيا ولماذا لم نفرد لها مبحثا خاصا بها ؟ والحقيقة ان هذه الحادثة لا تستوجب اكثر من الاشارة اليها في الهامش كما فعلت الباحثة لأنها موضوع ثانوي فالمهم هنا هو القرار ونتيجة التصويت عليه وليس طريقة التصويت، فضلا عن تضخم صفحات الرسالة وتجاوزها العدد المقرر فرض علينا الاختصار في بعض المواضيع ومنها موضوع الدستور الليبي ايضا.

10- اشار الكاتب الى موضوع الدستور وان عرضه كان سردا بلا اسانيد نصية وانه منجز قانوني مبكر في تاريخ الدساتير العربية، فأود ان اوضح اننا اكتفينا بعرض مواده باختصار مع ذكر رقم المادة الدستورية وبالتالي هي لا تحتاج الى اسانيد نصية لان هدفنا هو الايجاز في العرض وليس التوسع، ثم ان الدستور الليبي مع اهميته الكبيرة بالنسبة الى ليبيا لكنه لم يكن منجزا قانونيا مبكرا في تاريخ الدساتير العربية، بل انه منجزا جاء متأخرا كثيرا عن الدساتير العربية الاخرى التي سبقته بعشرات السنين مثل الدستور العراقي لعام 1925 والدستور المصري لعام 1924 و1930 والدستور السوري لعام 1928 والدستور اللبناني لعام 1926 والتي اخذ منها وكانت مصدرا من مصادرة.

واخيرا لا بد لي من ان اعبر عن شكري وامتناني للأستاذ الناقد اللامع يونس الفنادي على تجشمه عناء قراءة الكتاب وتسجيل ملاحظاته عنه فان اصاب فله اجران وان اخطأ فله اجر اجتهاده، وكلنا نخطئ ونصيب وكلنا نسهو وننسى، ونامل ان تكون الباحثة قد قدمت جهدا متواضعا عن رجل عظيم عمل الكثير من اجل بلاده وقد استهدفت بهذا الجهد القارئ العراقي اولا الذي يجهل الكثير عن تاريخ ليبيا ورجالها وهذه الشخصية تحديدا، ثم يأتي بعد ذلك القارئ الليبي والعربي عسى ان يجد فيه ما يصبو اليه.

مقالات ذات علاقة

مشهد سقوط حرف الراء من (الحرب)

يونس شعبان الفنادي

أحمد فكرون في أغنية “يا فرحي بيك”

زياد العيساوي

(الأيامُ الجنوبيّة) في حوارِ الأسئلة

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق