دراسات

مفردات سريانية في العاميّة الليبية (7/ 8)

ع. المحجوب

مفردات سريانية في العاميّة الليبية (الصورة: عن الشبكة)

﴿فصع

فْصَعْ: هرب، تسلّل هارباً، وانفصَعْ: التوَتْ قدمه، فهو مفصوع. لا شيء من ذلك في الفصحى، ففَصَعَ في اللغة فَصَل، ومن ذلك في التاج: «افْتَصَعَ منه حقّه: أخذه كلّه بقهرٍ، فلم يترك منه شيئاً»، ودلالات أخرى لا صلة لها بمادة فصع العاميّة، إلا أن نتكلَّف تأويل الفَصْع بفَدْعِ مفصل القدم، لكننا نجد الكلمة في السريانيّة بلفظها وبعض ما تعني؛ البقايا الآرامية: «فصع: فلان عم يفصع أي أنه يعرج، ولكن الفعل ببساطة هو المشي والخطو»، و«الأفصع هو الأعرج، أصله في الآرامية ܦܣܥ فْساعْ: مشى أو رفع رجله ليمشي مثلما يفعل الأعرج عندما يرفع رجلاً ويوقف الأخرى». فالأصل فْساعْ، خفّفت إلى فْصَع في العامية السورية، وهو المشي خطواً أو جرياً، أو في صورة العرج، وزادت العامية الليبية معنى الهرب والنجاة، ولعل العاميّة «فيسع» من ذلك.

﴿فصفص

فَصْفَصْ: تقصَّى ودقَّق بحثاً عن دقائق الأمر وخفاياه.التاج: «فَصْفَصَ الرجل، إذا أتى بالخبر حقاً، كأنه أتاه من فَصِّه وكنهه»،والفَصُّ الكُنه والحقيقة والأصل،أما الفصفصة من هذا فهي في المعجم بمعنى العجلة في الكلام والسرعة فيه. وفي البقايا الآرامية: «فصفص البزر، والذئب فصفص عظام الطريدة بأنيابه. الفاء هنا ترجع إلى أصلها الـP الغربية فأصبحت فاء، والصاد أصلها السين لقرابتها الفصيليّة، إذن الفعل بسبس ܒܣܒܣ، ومن يبسبس يفترس ويعضّ وينتش بأسنانه الفريسة، فالذئب يبسبس أو يفصفص الفريسة»، ويقابلها يْمَشْمِشْ في العامية الليبية، ثم أضاف: «قالوا: فلان فصفص القُصَّة فصفصا، لا شك بأن هذا المفهوم هو من ضرب المجاز والاستعارة، فمَن فصفص القصّة شرحها بدقة»، والشرح القطع، والتشريح التقطيع، أي أن أصل الفصفصة، كما يرى، يعود إلى فعل القطع والتشريح بالأسنان حقيقةً، أو بالرأي مجازاً.

﴿فطس﴾

فْطَسْ: ماتَ، مات اختناقاً، مات غرقاً، مات غمّاً، مات من غير علّة ظاهرة. اللسان: «فَطَس يَفْطِس فُطُوساً إذا مات، وقيل: مات من غير داء ظاهر». وفي البقايا الآرامية: «تُفسّر كلمة فطس بمعنى الموت»، «الإنسان أفطس ܦܛܫܰܐ [فطسا]»، و«ܦܛܰܫ [فطاس] هي مات».

﴿فهر

تْفَهَّرْ: تثاءبَ، فتحَ فمه متثائباً، في معنى تْفَوَّهْ. ولا صلة لهذا المعنى بأصل «فهر» الفصيح إلا على التأويل، فتَفَهَّرَ: توسَّعَ، اتّسعَ، وفَهَّر: بهرَ، كانقطاع النّفَس، وفي اللسان: «فَهَّر الرجل تَفْهيراً أي أعيا»، فلعلّ يتْفَهَّرْ العامية من السريانيّة فَعَّرْ التي استقرَّت في اللهجة السورية بصيغة يتفَهَّرْ؛ البقايا الآرامية: «فعَّرْ: ܦܥܪ ܦܘܡܘ فعار فومو أي فغر فمه لدى سيطرة النعاس عليه، فقلنا يتفهّر ويتفعّر ܐܬܦܥܪ ܘ ܐܬܦܗܪ»، ولا نرى معنى لقوله قبل ذلك: «لا أظن فعل يتفعّر من الأصول العربية فهو من الأصول السورية»، أولاً: لا فرق بين الأصلين فالآفروآسيويات أو الساميات متّصلة الجذور وإن اختلفت الفروع، ثانياً: لا فرق بين فعر وفغر فالعين والغين متشاكلتان، والاثنتان تعنيان فتح الفم؛ فَغَرَ فمه: فتحه، والمعنى على الإطلاق، أي قد يكون تثاؤباً أو اندهاشاً أو ذعراً.

﴿قرش﴾

قْرِيشْ: قديد، لحم مقدَّد من أضحية العيد، وهو أيضاً قَرْقُوشْ (ܩܪܩܘܣܰܐ قرقوشا). وهو صلبٌ يُقرشُ قَرْشاً، وتلك كانت ولا تزال طريقة ليبية قديمة في حفظ لحوم الأغنام والأبقار، تبعوها اضطراراً منذ قرون، ويحافظون عليها الآن تراثاً، لفظٌ فصيح مبنًى ومعنًى، وهذه صفة القَريسِ من الطعام، أي الصُّلب. أقرس العود: جمس ماؤه فيه أي ذهبت غضوضته ورطوبته،. ومنه: القرقوس. الآرامية ܩܪܩܘܣܰܐ قرقوسا، وقرقوشا، وتتفق الكلمة مع القاموس العثماني: «چَرْوِيش: دهن يستخرج من شحوم البقر ولحومها».

قِرْوِشْ: غضروف، تصغيره قْريوِشْ. وفي البقايا الآرامية: «قرقوشي: كل ما هو غضروفيّ قيل فيه قرقوشي ܩܪܩܣܰܐ [قرقاش] ܘ ܩܪܩܘܣܰܐ [قرقوشا]».

﴿قرط﴾

قْرُطَّةْ: من الكلمات المنقرضة، وكانت شائعة في لغة الفلاحة، وهي مجرٌّ أشبه بالحفرة تسير فيه الدابة، ذهاباً إياباً، لتدوير حبل الدلو على بكرة السّانية وسحب الماء من البئر، وتنطق أيضاً: قْرُتـَّةْ. أقرب مصدر لتأثيلها هو السريانية: ܓܘ̇ܪܬܳܐ (قورتا، گورتا): حفرة.

﴿قرع﴾

قَرْعَةْ: أن يحلق الرجل جميع شعر رأسه، قَرَّعْ: قَرِعَ، أي صار أقرع؛ التاج: «التَّقْريع: قَصُّ الشَّعر»، كان يُظن بأنها على التشبيه بالقرْع، ولكن ذلك لا يعدو كونه تخريجاً لفظيّاً لا معنى له، وأصل الكلمة سريانيّ نجده في البقايا الآرامية: «كرع [تُلفظ گرع = قرع]: قصَّ وجمَّ، وحلق شعر الرأس واللحية أقصر ما يمكن، ومنها الكرّاع أي الحلاق، مجرّده ܓܪܰܥ [گراع]، وفاعله الكاروعا».

﴿قرقش﴾

قَرْقُوشْ: قديد.البقايا الآرامية: «قرقوشي: كل ما هو غضروفيّ قيل فيه قرقوشي ܩܪܩܣܰܐ [قرقاش] ܘ ܩܪܩܘܣܰܐ [قرقوشا]». انظر قريش في «قرش».

﴿قرمش

قَرْمِشْ: إذا قضم شيئاً من الطعام اليابس أو غيره بصوت مسموع، كصوت الجَرْش، ويقال أيضاًقْرَشْ، يُقْرُشْ. للقضم مرةً، وقَرْمشَ الشيء لغةً: جمعه، وأفسده، وفي اللسان: «رجل قَرَمّشٌ: أَكولٌ»، وفي التاج: «الذي يأكل كلّ شئ». البقايا الآرامية: «قرمش، أو قرش: مضغ وكسر الجليد أو الحلاوة الصلبة بأسنانه»، وهو يعيدها إلى ܦܪܫܳܐ [قرشا] أي الجليد، و«قرش أخرج صوتاً من أضراسه عندما أكل الجليد أو الحلاوة الصلبة، ولدى المزيد قالوا فيها قرمش ܩܪܡܫ، والخبز المقرمش هو الخبز الذي عُرّض إلى النار لإخراج ماويّته كي يصبح قاسياً وقرشاً».

﴿قزز﴾

قَزِّزْ، كزِّزْ، جمد برداً، أصابه من البرد ما لا يطيق فارتجف واصطكت أسنانه. من كُزَاز وكُزَّاز: رعدة وتشنّج يصيب الإنسان من البرد الشديد وقد يموت (التاج). وفي البقايا الآرامية: «كزكز (وتلفظ گزگز) ܓܰܙܓܶܙ : تدلّ على شعور الفرد بالبرد». 

﴿قصع﴾

قَصْعَة: صحفة الطعام، وتُتّخذ من الخشب غالباً، ج. قْصاعْ. التاج: «القَصْعَةُ: الصّحفة أو الضّخمة منها تُشبع العشرة»، وفي البقايا الآرامية: «قصعا: استعملت لدى العامّة في معنى استعاري واحد، وهي الوعاء القصير الذي قصّ من طوله، والقصع الاجتذاذ والقص والتشذيب»، و«الشجرة المقصوعة ܩܨܥܐ قصعا».

﴿قيط﴾

قيطون: خيمة من نسيج سميك غير ما اعتاد العرب من شعر ووبر.قيل أنها عن الأمازيغية، التاج: «القَيْطُونُ: المُخْدَعُ، أعجميّ، وقيل بلغة مصر وبربر »، وهي من الآرامية «قيطونا»؛ الآثار: «قيطونا: قيطون، خدر، خباء، مخدع».

يتبع…

مقالات ذات علاقة

شعرية المكان في شعر يوسف إبراهيم

المشرف العام

ليبيا واسعة – 44 (وَدَك)

عبدالرحمن جماعة

التناص مع القرآن الكريم في الشعر الليبي

سالم أبوظهير

اترك تعليق