استطلاعات

مشهد التشكيل الليبي ومحاولات الانتعاش

بين محاولة جادة  لتأسيس أول جمعية للفنانين التشكيليين وبين الأوضاع الراهنة التى يمر بها الوطن يقف الفنان الليبي حائرا يبحث عن مؤسسة تستوعب فنه، وتحتضن إبداعه، تمكنه من إيصال صوته وأداء دوره المناط به، وللحديث أكثر حول هذا الموضوع أوكر استطلعت آراء ثلة من الفنانين والنقاد التشكيليين حول المشكلات التي تواجه الفنان والصعوبات التي تحول دون تطور الحركة التشكيلية الليبية وإنعاش المشهد  ورصدت لقرائها التالي:

معرض الفنان التشكيلي بشير حمودة.
معرض الفنان التشكيلي بشير حمودة.

الفنانون الليبيون أثبتوا جدارتهم على الرغم من ظروف البلاد

يؤكد الناقد د. عمران بشنة أن:” المشهد التشكيلي الليبي بهذا الزمان وما قبله فن ضارب في التاريخ وشهد الزمان، والفلاسفة، والباحثين بأقدميته، وأسبقيته بين الفنون والحضارات السابقة واللاحقة، واﻵن هو موجود رغم الصعاب، والعقبات، ونقص المواد، وقلة دور العرض وتخلي المسؤول عنه، فالفنان التشكيلي الليبي المعاصر صار مناضلا ومجاهدا في سبيل ما أحبه؛ وذلك لما له من أهمية وقيمة تسجل التاريخ وأحداثه وثقافة البلاد، لكن ورغم معاناة الفنانين الليبيين إلا أنهم يثبتون جدارتهم وبكل فخر في كل الملتقيات والمهرجانات، والمعارض، الجماعية، والخاصة، داخل وخارج ليبيا  حيث استطاعوا أن يقدموا تجاربهم الفنية المختلفة رُغم كل ظروفهم وحاجتهم وانغلاق السوق في وجوههم ومع كل الظروف من قلة المواد وغلائها إلا أنهم يسجلون وبفخر حبهم لوطنهم وفنهم ويعطون بدون توقف ودون ما كلل رغم عدم وجود اهتمام من مؤسسات الدولة بتشجيع الفنان بالمواد واقتناء الأعمال منهم والصرف عن مشاركاتهم، وعدم بناء المتاحف لخيرة أعمالهم لتبقى كنزاً من كنوز الوطن وثرواته”.

وعن الموضوعات التي تبرز في أعمال الفنان الليبي أوضح:” قديما كانت البيئة والتراث كالعادات والتقاليد والموروث الشعبي وكانت اللوحة التي تُرسم خارج هذه المكونات الأساسية يلتفت إليها وتعتبر خارجة عن المألوف والحقيقة والواقع وأنها من لهو الشيطان أو هي نتاج تأثر بحديث لاقِبَلَ لنا به، أما اليوم ومع منتصف الستينيات بدأ التغير يأخذ واقعاً أخر وانفتاحاً جديداً مهماً بدأ مع عودة دارسين ليبيين خارج البلاد ومع بداية تطور النظرة للفن الحديث ومع بداية فتح شعب التربية الفنية بمعهد المعلمين، بكل من بن منظور بطرابلس وفي بنغازي ،تلاها مرحلة الثمانينيات وفتح كلية الفنون والإعلام بطرابلس ثم انتشار الأقسام ببعض الكليات الجامعية، وأخيرا تعدد كليات الفنون والجميلة بعدة مدن ليبية ومعاهد عُليا، زاد كل هذا في مساهمة تطور النظرة العامة للفن وأهميته في المجتمع”.

الفنان والناقد التشكيلي عمران بشنة.
الفنان والناقد التشكيلي عمران بشنة.

الفنانون التشكيلييون يجب أن يطالبوا بإنشاء متاحف للفنون والإكثار من دور العرض

وعن التحديات التي يواجهها الفنان التشكيلي الليبي يبين:” على الفنان التشكيلي الليبي إثبات ذاته في مجتمعه المحلي والعربي، والعالمي بالنشاط والديناميكية المتواصلة فنا ووعيا وموقفا ووجود وذلك بالإنتاج والتطوير والتجويد في العمل الفني ابتداء من المحلية فالعربية للوصول إلى العالمية كما ينبغي له  أن يعمل على كثرة الإنتاج والمعارض لإخراج متذوقين وقراء للعمل الفني ليكون للفن شأنه عرضا وتسويقا، ولا بد للتشكيليين الليبيين أن يكثفوا جهودهم مع مؤسسات المجتمع؛وذلك لوفرة إنتاجهم ومعارضهم، وكذلك بالمطالبة بالمتاحف الفنية والإكثار من دور العرض المختلفة وطباعة الكتب والموسوعات التي تخدم نجاح قضية الفن ببلادنا”.

ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻠﻴﺒﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﻣﺰﻣﻦ ﻭﺣﻀﻮﺭ ﻣﺤﺘﺸﻢ .

بينما تركز رأي الفنان التشكيلي أ. أحمد الغماري على الأزمة الحقيقية التي عانى منها الفنان التشكيلي ولا يزال وأراد أن يضع أصبعه على موطن الجرح حيث رأى أن:”ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﺗﺒﻠﻮﺭ ﻭﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻟﺪﻱ ﺣﻮﻝ ﻣﻼﻣﺢ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﺺ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ، ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺣﺘﻀﻦ ﻭﻋﻜﺲ ﻣُﺠْﻤِﻞُ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺸﻂ ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﻭﺍﻷﺭﻳﺎﻑ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﺴﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺭﻃﺔ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴّﺔ، اﺗﻀﺢ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﺪ ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﺸﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺃﺯﻣﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻭﻣﺰﻣﻨﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻷﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻲ ﺃﻳﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﺗﻄﻤﺢ ﻷﻥ ﺗﻜﻮﻥ : ” ﻧﺸﻄﺔ ” ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ، ﻭ ” ﻓﺎﻋﻠﺔ ” ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻪ، ﻭ ” ﻣﺘﻄﻮﺭﺓ ” ﻣﻊ ﻣﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻭﻣﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒﻪ ﻣﻦ ﺭﺻﺪٍ ﻧﻘﺪﻱ، ﻭ ” ﺣﺎﺿﺮﺓ ” ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻬﺪ ﺗﻄﻮﺭ ﻭﺗﻐﻴّﺮ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ”.

ارتباك المشهد التشكيلي سببه انعدام البنية التحتية للفنون

ويضيف:” ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃُﺷِﻴﺮُ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺯﻣﺔ ﻣﺴﺘﻔﺤﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﺍﻟﻠﻴﺒﻲ، ﻭﺳﺄﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺃﺿﻊ ﺃﺻﺒﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﻭﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗَﻘِﻒُ ﺣﺠﺮ ﻋﺜﺮﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ، ﻟﻌﻞ ﺑﻬﺬﺍ ﺃﺷﺨﺺ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ، ﻭﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻲ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﻓﺮﺹ ﻻﺣﻘﺔ ﻟﻼﻗﺘﺮﺍﺡ ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻀﻊ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﻯ ﺃﻧﻬﺎ ﻛَﻔِﻴﻠَﺔُ ﺃﻥ ﺗُﺨﺮﺝ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ ﻣﻦ ﺃﺯﻣﺘﻪ ﺍﻟﻤﺰﻣﻨﺔ وتحدد ﺃﻳﻦ مكان ﺍﻟﺨﻠﻞ ﻭﺍﻟﻘﺼﻮﺭ، ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻌﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﺣﺠﺮ ﻋﺜﺮﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ؟! ، ﺑﺪا ﻟﻲ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻨﺪﺍً ﻭﻋﻮﻧﺎً ﻟﻠﻔﻨﺎﻧيين ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﺗﻬﻢ؛ ﺃﺗﻀﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ، ﻭﻣﻊ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ؛ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻣﻞ ﺇﺣﺒﺎﻁ ﻭﺗﻌﺜﺮ ﻭﺇﺭﺑﺎﻙ، ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﻜﻼﻣﻲ ﻫﻨﺎ ﻭﺩﻭﻥ ﻣﻮﺍﺭﺑﺔ، ﻭﻟﻒٍ ﻭﺩﻭﺭﺍﻥ، ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻰ – ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ – ” ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ” ، ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﺁﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ، ﻳﻮﻡ ﺃﻥْ ﺃﻭﻛﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﻮﻥ – ﻣﻄﻠﻊ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﻨﺼﺮﻡ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً – ﻛﻞ ﺃﻋﺒﺎﺋﻬﻢ ﻭﺷﺆﻭﻧﻬﻢ ﻭﺁﻣﺎﻟﻬﻢ ﺍﻟﻔﻨﻴّﺔ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻨﻈﻢ ﻟﻤﻌﺎﺭﺿﻬﻢ، ﺍﻟﻤﻤﻮﻝ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﺽ ﺩﻭﻟﻲ، ﻭﺍﻟﺮﺍﻋﻲ ﺩﻭﻥ ﻣﻨﺎﻓﺲٍ ﻷﻣﻮﺭﻫﻢ ﻭﻟﺸﺆﻭﻧﻬﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﺃﺿﺤﻰ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﻮﻥ ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺭﻫﻦ ﺭﻋﺎﻳّﺔ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴّﺔ، ﻭﺗﺤﺖ ﺭﺣﻤﺔ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮّ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻜﻤﺖ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻭﻟﻢ ﻳﻔﻠﺤﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﻋﺒﺎﺀﺗﻬﺎ، ﻛﻲ ﻳﺒﺎﺩﺭﻭﺍ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ” ﻧﻘﺎﺑﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﻴﻦ ” ﺷﺄﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭ، ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﻀﻨﻬﻢ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﻢ ﺃﻣﻮﺭﻫﻢ ﻭﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﺎﻣﻦ – ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻓعلﺖَ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ – ﻭﺗﺨلت ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻦ ﺩﻋﻢ ﻭﺭﻋﺎﻳّﺔ ﻗﻄﺎﻉ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴّﺔ لكن ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ، ﺑﻞ ﺣﺪﺙ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺳﻮﺀ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻳﻮﻡ ﺃﻥ ﺃﺧﻔﻘﺖ ﻭﺗﻘﻬﻘﺮﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ ﺧﻼﻝ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺕ، ﻭﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﻨﺼﺮﻡ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻬا ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻭﺍﺟﻬﺖ ﺗﺤﺪﻳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﻭﻧﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ‏( ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴّﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮﻥ ‏) ﻭ‏( ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ‏) ﺍﻟﻠﺘﻴﻦ ﻛﺎﻧتا ﻳﺮﺟﻰ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺃﻥ  تكونان ﺭﻭﺍﻗﺎً ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﺽ، ﻭﻣﻜﺎﻧﺎً ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻔﻨﻴّﺔ، ﻭﻋﻨﻮﺍﻧﺎً ﻟﻠﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺃﺭﻭﻗﺔ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻗﺪ ﺃﺛﺮﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻀﻊ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﻮﻥ ﺑاﺗﻜﺎﻟﻬﻢ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻔﻨﻲ، ﻣﻦ ﻧﺪﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻢ، ﻭﺗﻮﺍﺿﻌ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻴﻒ، ﻭﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺑﻠﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﺍﻟﻠﻴﺒﻲ ﻏﺎﺏ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻭﻟﻢ ﺗﺨﻀﻊ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺎﺕ ﻭﻗﺮﺍﺀﺍﺕ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ، ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﻢ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮﻫﻢ، ﻭﺃﺩﻯ ﻏﻴﺎﺑﻪُ – ﺃﻱ ﺍﻟﻨﻘﺪ – ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴّﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ، ﻭﺃﻣﺴﻰ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺧﺎﺻﺔٍ، ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﻄﻌﺔ ﺗﺰﻳﻴﻨﻴّﺔ ﻻ ﻏﻴﺮ، تؤﺛﺚ ﺑﻬﺎ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻭﻧُﺴّي  ِﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﻻ ﺗﻠﻴﻖ ﺑﻬﺎ، ﻭﺃﻥ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﺎﺣﻒ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ؛ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻣﻮﺿﻊ ﻧﻘﺎﺵ ﻭﺑﺤﺚ ﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻲ ﻓﻜﺮﻱ .

الفنان التشكيلي أحمد الغماري
الفنان التشكيلي أحمد الغماري (الصورة: سالم أبوديب).

ﻟﻜﻦ ﺣﻴﺜﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺑﻨﻴﻮﻱ، ﻓﺎﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺗﺮﺳﺦ ﺍﻟﺬﺍﺋﻘﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺛُﻢَّ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻠﻴﺒﻲ، ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﻠﻮﻡ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻊ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻖ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻀﻴﻖ ﻭﺗﻜﺎﺩ ﺗﻨﻌﺪﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻲ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺤﺴﺎﺳﻴّﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴّﺔ ﻛﻲ ﺗﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺍﺋﻘﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴّﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ،  بقي ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ:

 ﺇﻥ ﺍلاﺭﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻟﻠﻤﻨﺎﺷﻂ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴّﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺸﻬﺪﻩ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴّﺔ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴّﺔ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ – ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺜﻨﻴﻨﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﺷﻂ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻴﻨﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﺘﻔﺠﺮ ﻃﺎﻗﺔ ﻭﺣﻴﻮﻳّﺔ – ﻳﺮﺟﻊ ﺩﻭﻥ ﺷﻚ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﻡ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻛﻴﺎﻥٍ ﺃﻫﻠﻲ ﻣﺜﻞ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺃﻭ ﺟﻤﻌﻴّﺔ ﺃﻭ ﺍﺗﺤﺎﺩ ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﻴﻦ – ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺃﺻﻼً – ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴّﺔ”.

المشهد التشكيلي باهت وينقصه الكثير ليأخذ حيزا كغيره من الفنون

وفاء مفتاح وهي إحدى متذوقات الفن ومتابعات المشهد التشكيلي ترى أن:” في إعتقادي أنّ حركة  الفن التشكيلي في ليبيا تتطلب وقفة جادة و حقيقية، سيما مع ما يزخر به تراثنا الوطني والمعطيات المكثفة جداً للحياة المعاصرة، بما يثري التميز والنضج والتفرد لذات الفنان التشكيلي الليبي الذي لم ينأى بتأطير فنه  بعيداً عن حدود هويته العربية والمدرسة التشكيلية الكلاسيكية والآن نراه في معارض دشنت بالفن الحروفي وغيرها مدارس أخرى تضاف إلى مجموع مدارس الفن التشكيلي الأخرى، وعلى الرغم من التحديات والصعوبات التي تكمن في انعدام ثقافة الاستثمار في  اللوحة التشكيلية أيضا عدم سوق يروج لها

 فضلا عن عدم توفر المتاحف و أروقة العرض التي تعد حافزاً للإبداع لدى الفنان التشكيلي

نجد المغامرة الفنية التي تعكس هوية الذات عند الفنان الليبي الذي يستحق وبكل جدارة مكانه بين الفنانين العالميين، ويعد غياب المعاهد الفنية، وتقصير المؤسسات الثقافية والفنية في دعم وتنظيم المعارض الشخصية والجماعية، فضلا عن تجاهل بعض النقاد للفنانين الجدد، وعدم تقديم قراءات نقدية ترقى إلى مستوى العمل الفني يبقى المشهد الفني باهتاً و ينقصه الكثير ليأخذ حيزاً رئيسياً كغيره من النشاطات الثقافية الأخرى، ولعل دعم الدولة لدورات أو ورش عمل فنية خاصة بهذا الشأن تطلع الفنانين الجدد على ما يحدث في هذا المجال عالميا وتعلمهم الأسس والمعايير وتغذي جانب الركود بأمل يناغي مكامن الموهبة لديهم وتفتح  لهم آفاقاً واسعة تتيح لهذا المجال أن ينتشر على الصعيد المحلي والإقليمي وحتى العالمي، بشكل إحترافي ويسمح  فيه للقراءات النقدية أن تتجلى لتدق ناقوس المنافسة ولا ننسى دور الإعلام في ترسيخ الوعي الفني ونشر  ثقافة الفن وتنشيط الحركة  الفنية ومطالبة الفنانين والنقاد بالتواصل عبر مختلف الوسائل الإعلامية ﻷجل تطوير الحركة الفنية التشكيلية وعولمتها”.

الناقدة التشكيلية د.أمال زريبة.
الناقدة التشكيلية د.أمال زريبة.

الوجوه التي تتصدر المشهد تتكرر في كل المشاركات المحلية والخارجية وتغيب بقية الفنانين والمشهد التشكيلي نخبوي

وأشارت الناقدة د. أمال زريبة إلى عدة نقاط جوهرية في تكرار المشهد لنفسه في كل مرة تنشط فيها الحركة التشكيلية واعتبرت أن:”المشهد مقبول ويحتاج الكثير من الدعم والدعاية  وفي الحقيقة خبر تأسيس جمعية للفنانين التشكيليين الليبيين أسعدني وهو خطوة في الإتجاه الصحيح ذلك أن الفن التشكيلي عندنا يضم العديد من المبدعين لكن للأسف استحواذ فئة معينة من الفنانين على الاهتمام والدعم من قبل بعض المؤسسات التي تنشط فيها الحركة الثقافية بين الحين والآخر قلل من فرصة ظهور وجوه جديدة على الساحة التشكيلية وغيب وجودهم، فالفن عندنا يمكن نعته بالنخبوي أو فن الصفوة، ذلك أن الوجوه الفنية التي تتصدر المشهد  هي نفسها التي تتكرر في كل المشاركات المحلية والخارجية  وعليه لا بد من إعادة ترتيب خطوات الحركة التشكيلية فعملية العرض والمشاركة من شأنها الدفع بالفنان وتشجيعه لتقديم أفضل ما لديه وتطوير نتاجه الفني كما أنها تعطيه الثقة بالنفس من خلال الاحتكاك بالفنانين بمختلف أعمارهم ومستوياتهم الفنية”.

مقالات ذات علاقة

الأخطاء مسؤولية الكاتب أم الناشر

منى بن هيبة

كاتبات عربيات: نرفض التجني على نصوصنا الأنثوية

خلود الفلاح

تدمير رسوم تعود إلى آلاف السنين في جبال أكاكوس

المشرف العام

اترك تعليق