سيرة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (59 )

عام أول أيتها السيرة ….

نعم يا صديقاتي، نعم يا أصدقائي؛ اجتازت هذه المحاولة عاما كاملا وشهر وثانٍ وثالث و و و، انتبهت لهذا وشهر سبتمبر يكاد يودعنا، أظنني بدأت أنسج خيوط هذه الفكرة منذ بداية عام 2019، لا أدري كيف انبثقت؟ ولماذا في لحظة ما قررت أن أدخل معركة مع ذاكرتي أو مع نفسي؟ أن أبحث في تفاصيل علاقتي مع الكتابة، ولا زلت حتى هذي اللحظة وبعد اكتمال عام وبضعة شهور على بدء نشر أول حلقة في (بلد الطيوب)، لا زلت أتساءل لماذا هذا العنوان (محاولة القبض …..)؟!

الشاعرة حواء القمودي
الشاعرة حواء القمودي

وأتذكر أني لم أكن بدايةً أضع عناوينا للحلقة التي وصلت إليها، فقط كنت أضع الرقم وكنت أهتم بكتابة تاريخ اليوم والساعة…؛ وها أنا الآن أضع حتى عنوانا لكل فقرة في ذات الحلقة، والسؤال الذي مازلت. أتواجه معه: لماذا تكتبين هذه السيرة يا حواء؟ وإلى أي مدى أنت قادرة على البوح؟ وهذا التمازج بين (سيرة ذاتية) لبنت من (سوق الجمعة) من ضواحي طرابلس، و(سيرة أدبية) لهذه التي تخفّت في ظل أسماء مستعارة، قبل أن تنزع البرقع ويظهر وجهها باسم حقيقي اختارت أن تنتسب فيه لاسم أبوها (القمودي) وليس لاسم عائلتها؟!

هذه الحلقة التاسعة والخمسون (هي أعوام عمري بالتاريخ الهجري)، ولا أفهم لماذا وأنا أكتب الفقرة السابقة، لماذا تحديدا صدحت في ذاكرتي جملتان: (الحمد لله الذي لم يخلقني امرأة/ أو /الحمد لله أني لست امرأة) سمعتها وأنا أعبر إلى قاعة يقام فيها نشاط ثقافي عن شاعر مهم في الحداثة الشعرية الليبية هو الشاعر (علي الرقيعي)، ولا أعرف حتى هذي اللحظة لماذا قال ذاك الدكتور الجامعي تلك العبارة، لأني لم أحضر بداية الندوة؟! والجملة الثانية هي (الحمد لله انك مش اختي) وهذه العبارة تلفظ بها (شخص) كنت أحدثه عن أفكاري في حرية المرأة وبعض أحلامي…

لماذا خطرت أو صدحت هاتان الجملتان تحديدا؟ وأنا أحاول تفكيك حكايتي مع هذه المحاولة (محاولة القبض على سيرتي الأدبية)، وأنا أنظر من هذه المسافة البعيدة لذاك الصراع (كي أكون أنا)، أعترف أنها محاولة صعبة حتى على (الرجل) في مجتمعنا هذا، فكيف على بنت من سوق الجمعة أن تنجو من آثار هذا الاختيار؟ أن تكون هي ذاتها وليست تلك الصورة النمطية والمحددة المعالم والخطوات؟

السؤال أيضا: لماذا يربكنا المختلف عنّا (ولن أقول المتميز)؟ فنحاول وأده ثم محاربته، نعم نشهر ضده حربا علنية وخفية حتى ينصاع ويدخل إلى (حزب القطيع)، الدكتور “نجيب الحصادي” كتب عن توالد الأفكار أو تبيان حقيقتها حين تندلق كتابة، وها أنا تتوارد أفكاري أو تنضج ربما وأنا أكتب، نعم المجتمع يقود حربه الشرسة ضد أنواع محددة من (المتمردين والمتمردات) إن صحت التسمية، وأتذكر تلك الجملة التي وردت على لسان (صديقة أفكار- إن صحت التسمية)، كان لقاءا عابرا في أواخر التسعينات وعبر تقاطع شوارع عدة توقفنا وتبادلنا حديثا ذو شجون، عن هذا المجتمع وحربه الشعواء على (المثقفة أو تحديدا التي تفكر وتستعمل عقلها) بينما يقبل ويهادن (متمردة الجسد)، فأجابتني بجملة لخصت كل الحكاية، قالت :

سهل جدا قمع الجسد (عادي يتزوجها ويحجبها أو يفرض عليها تلبس زي نساء المجتمع) ولكن (قمع العقل صعب هلبة ولهذا تمرد العقل مشكلة كبيرة وخاصة لما تكون المتمردة امرأة)!!!

الشاعرة حواء القمودي بندوة الكتابة النسائية

نعم مجتمعنا يعادي (أهل المعرفة) في أي مجال، الذين يقرأون يفكرون يتساءلون ويحاولون جادين أن يفهموا، ببساطة الخارجون والخارجات عن النسق، فهل تراني خرجت عن النسق؟ هل أنت يا حواء متمردة، هل أردت هذا؟ هل اخترت أن تكوني هكذا؟ هل اخترته بمحض إرادتك؟

أسئلة كثيرة تقفز وتبحث عن أجوبة، وها هي محاولتي للقبض على السيرة الأدبية تقودني إلى سؤال المبدعة “ليلى النيهوم”، هذه التي تساءلت عن سر احتجاب قلمي وغيابي (حواء أين أنتِ؟)

وكأن ليلى كانت تقود سربا من الأمنيات باتجاهي؟ وهي تبحث عن “حواء” أو “دلال” لتظهرها في زاوية اقترحتها لمجلة البيت، و”حواء” كتبت في كراسة محاولة الإجابة على هذا السؤال، هذه الإجابة التي ستنشر في العدد الذي تأخر و(دلال المغربي) التي قدمت ورقة في ندوة الكتابة النسائية، في تلك الأمسية تحديدا يتم التعارف ببنها وبين رئيسة تحرير مجلة البيت، الصحافية “سالمة المدني”، وكان المبدع “يوسف الشريف” هو من اهتمّ كي يتم اللقاء بيننا، وكان حينذاك مستشارا لمجلة، (الأمل) التي أنهضتها هذه الصحفية المجتهدة من تحت الردم، فقد توقفت مجلة الطفل التي أسستها السيدة “خديجة الجهمي” منذ عام 1974، توقفت منذ عام 1993، وحين تولت “سالمة الصغير المدني” رئاسة تحرير (البيت) أعادت ابنتها (الأمل) لحضنها فصدرت من جديد عام 2000م؛ و”ليلى” تواصل تذكيري بأن أكتب إجابة هذا السؤال اللغم (حواء أين أنت؟)، هل دار بخلدها أني سأكون محررة صحافية بمجلة البيت حين ستنشر إجابتي عن سؤالها؟

ها هي رحلة تمتد حيث ندوة الكتابة النسائية، انظر لنفسي من هذا البعد الزمني من مايو 2000 وحتى اكتوبر 2020 (عشرون عام وخمسة أشهر) ووووواااااوووووووو

مقالات ذات علاقة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (42)

حواء القمودي

“عبد الله القويري” عاشق الوطن الذي رَحَل

المشرف العام

عاشق الوطن.. سليمان كشلاف

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق